يوما إذ دخل عليه رجلان من أهل الكوفة من أصحابنا، فقال أبو عبد الله (عليه السلام):
تعرفهما؟ قلت: نعم، هما من مواليك. فقال: نعم، والحمد لله الذي جعل أجلة موالي بالعراق.
فقال له أحد الرجلين: جعلت فداك، إنه كان علي مال لرجل ينسب إلى بني عمار الصيارف بالكوفة، وله بذلك ذكر حق وشهود، فأخذ المال ولم استرجع منه الذكر بالحق، ولا كتبت عليه كتابا، ولا أخذت منه براءة، وذلك لأني وثقت به، وقلت له: مزق الذكر بالحق الذي عندك، فمات وتهاون بذلك ولم يمزقه، وأعقب هذا أن طالبني بالمال وراثه وحاكموني، وأخرجوا بذلك الذكر بالحق، وأقاموا العدول، فشهدوا عند الحاكم، فأخذت بالمال، وكان المال كثيرا، فتواريت عن الحاكم، فباع علي قاضي الكوفة معيشة لي، وقبض القوم المال، وهذا رجل من إخواننا ابتلى بشراء معيشتي من القاضي، ثم إن ورثة الميت أقروا أن المال كان أبوهم قد قبضه، وقد سألوه أن يرد علي معيشتي، ويعطونه في أنجم معلومة، فقال: إني أحب أن تسأل أبا عبد الله (عليه السلام) عن هذا. فقال الرجل: جعلني الله فداك، كيف أصنع؟
فقال له: تصنع أن ترجع بمالك على الورثة، وترد المعيشة إلى صاحبها، وتخرج يدك عنها.
قال: فإذا أنا فعلت ذلك، له أن يطالبني بغير هذا؟ قال له: نعم، له أن يأخذ منك ما أخذت من الغلة من ثمن الثمار، وكل ما كان مرسوما في المعيشة يوم اشتريتها، يجب أن ترد كل ذلك إلا ما كان من زرع زرعته أنت، فإن للمزارع إما قيمة الزرع وإما أن يصبر عليك إلى وقت حصاد الزرع، فلو لم يفعل كان ذلك له، ورد عليك القيمة، وكان الزرع له.
قلت: جعلت فداك، فإن كان هذا قد أحدث فيها بناء أو غرس؟ قال: له قيمة ذلك، أو يكون ذلك المحدث بعينه يقلعه ويأخذه.
قلت: جعلت فداك، أرأيت إن كان فيها غرس أو بناء، فقلع الغرس وهدم البناء؟ فقال: يرد ذلك إلى ما كان، أو يغرم القيمة لصاحب الأرض، فإذا رد جميع ما