والطريق خال من أحد، وأنا فزع من الزعار (1) ومن أهل البلد، أتخفى إلى أن بلغت الحائط الذي أمضي منه إلى الشباك، فمددت عيني، فإذا برجل جالس على الباب ظهره إلي كأنه ينظر في دفتر، فقال لي: يا أبا الطيب، بصوت يشبه صوت حسين بن علي بن جعفر بن الرضا. فقلت: هذا حسين قد جاء يزور أخاه؟
قلت: يا سيدي، أمضي أزور من الشباك وأجيئك فأقضي حقك. قال: ولم لا تدخل، يا أبا الطيب؟ فقلت له: الدار لها مالك لا أدخلها من غير إذنه.
فقال: يا أبا الطيب، تكون مولانا رقا، وتوالينا حقا، ونمنعك تدخل الدار! ادخل يا أبا الطيب. فقلت: امضي أسلم عليه ولا أقبل منه: فجئت إلى الباب وليس عليه أحد فيشعر بي، وبادرت إلى عند البصري خادم الموضع، ففتح لي الباب، ودخلت فكان يقول: أليس كنت لا تدخل الدار؟ فقال: أما أنا فقد أذنوا لي بقيتم أنتم.
559 / 6 - أبو محمد الفحام، قال: حدثني المنصوري، عن عم أبيه، وحدثني عمي، عن كافور الخادم بهذا الحديث، قال: كان في الموضع مجاور الامام من أهل الصنائع صنوف من الناس، وكان الموضع كالقرية، وكان يونس النقاش يغشى (2) سيدنا الامام ويخدمه، فجاءه يوما يرعد، فقال له: يا سيدي، أوصيك باهلي خيرا.
قال: وما الخبر؟ قال: عزمت على الرحيل. قال: ولم يا يونس؟ وهو يتبسم (عليه السلام).
قال: قال يونس: ابن بغا وجه إلي بفض ليس له قيمة، أقبلت أنقشه فكسرته باثنين وموعده غدا وهو موسى بن بغا، إما ألف سوط أو القتل.
قال: امض إلى منزلك، إلى غد فرج، فما يكون إلا خيرا؟ فلما كان من الغد وافى بكرة يرعد، فقال: قد جاء الرسول يلتمس الفص. قال: امض إليه فما ترى إلا خيرا.
قال: وما أقول له، يا سيدي؟ قال: فتبسم، وقال: امض إليه واسمع ما يخبرك به، فلن يكون إلا خير.