1029 / 35 - أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى العراد، قال: حدثنا محمد بن الحسن بن شمون البصري، قال: حدثني الحسن ابن الفضل بن الربيع حاجب المنصور لقيته بمكة، قال: حدثني أبي، عن جدي الربيع، قال: دعاني المنصور يوما فقال: يا ربيع، أحضر لي جعفر بن محمد الساعة والله لأقتلنه؟ فوجهت إليه، فلما وافى قلت: يا بن رسول الله، إن كان لك وصية أو عهد تعهده إلى أحد فافعل. قال: فاستأذن لي عليه، فدخلت إلى المنصور فأعلمته موضعه، فقال: أدخله، فلما وقعت عين جعفر (عليه السلام) على المنصور رأيته يحرك شفتيه بشئ لم أفهمه، فلما سلم على المنصور نهض إليه فاعتنقه وأجلسه إلى جانبه، فقال له: ارفع حوائجك؟ فأخرج رقاعا لأقوام، وسأل في آخرين فقضيت حوائجه.
فقال المنصور: ارفع حوائجك في نفسك. فقال له جعفر (عليه السلام): لا تدعني حتى آتيك. فقال له المنصور: ما إلى ذلك سبيل، وأنت تزعم للناس - يا أبا عبد الله - أنك تعلم الغيب. فقال جعفر (عليه السلام): من أخبرك بهذا، فأومأ المنصور إلى شيخ قاعد بين يديه، فقال جعفر (عليه السلام) للشيخ: أنت سمعتني أقول هذا القول؟
قال الشيخ: نعم. قال جعفر (عليه السلام) للمنصور: أيحلف يا أمير المؤمنين؟ فقال له المنصور: احلف، فلما بدأ الشيخ في اليمين قال جعفر (عليه السلام) للمنصور: حدثني أبي عن أبيه عن جده عن أمير المؤمنين (عليه السلام) أن العبد إذا حلف باليمين التي ينزه الله (عز وجل) فيها وهو كاذب امتنع الله من عقوبته عليها في عاجلته لما نزه الله (عز وجل)، ولكني أنا استحلفه. فقال المنصور: ذلك لك. فقال جعفر (عليه السلام) للشيخ: قل أبرأ إلى الله من حوله وقوته، وألجأ إلى حولي وقوتي، إن لم أكن سمعتك تقول هذا القول فتلكأ الشيخ، فرفع المنصور عمودا كان في يده وقال: والله لئن لم تحلف لأعلونك بهذا العمود؟ فحلف الشيخ، فما أتم اليمين حتى دلع لسانه كما يدلع الكلب، ومات لوقته، ونهض جعفر (عليه السلام).
قال الربيع: فقال لي المنصور: ويلك اكتمها الناس لا يفتنون. قال الربيع: