صحن المسجد، وعليه قميص سنبلاني (1)، قال: فسأله، فقال: اكتب لك إلى ينبع. قال:
ليس غير هذا. قال: لا.
فبينما هو كذلك إذ أقبل الحسين (عليه السلام) فقال: اشتر لعمك ثوبين، فاشترى له، قال: يا بن أخي ما هذا؟ قال: هذه كسوة أمير المؤمنين، ثم أقبل حتى انتهى إلى علي (عليه السلام) فجلس، فجعل يضرب يده على الثوبين وجعل يقول: ما ألين هذا الثوب يا أبا يزيد! قال: يا حسن، أخد (2) عمك. قال: والله ما أملك صفراء ولا بيضاء.
قال: فمر له ببعض ثيابك. قال: فكساه بعض ثيابه. قال: ثم قال: يا محمد، أخد عمك.
قال: والله لا أملك درهما ولا دينارا. قال: فاكسه بعض ثيابك.
قال عقيل: يا أمير المؤمنين، إئذن لي إلى معاوية. قال: في حل محلل، فانطلق نحوه، وبلغ ذلك معاوية، فقال: اركبوا أفره دوابكم، والبسوا من أحسن ثيابكم، فإن عقيلا قد أقبل نحوكم، وأبرز معاوية سريره، فلما انتهى إليه عقيل قال معاوية: مرحبا بك يا أبا يزيد، ما نزع بك؟ قال: طلب الدنيا من مظانها. قال: وفقت وأصبت، قد أمرنا لك بمائة ألف، فأعطاه المائة ألف.
ثم قال: أخبرني عن العسكرين اللذين مررت بهما، عسكري وعسكر علي.
قال: في الجماعة أخبرك، أو في الوحدة؟ قال: لا بل في الجماعة. قال: مررت على عسكر علي، فإذا ليل كليل النبي (صلى الله عليه وآله)، ونهار كنهار النبي (صلى الله عليه وآله)، إلا أن رسول الله ليس فيهم، ومررت على عسكرك فإذا أول من استقبلني أبو الأعور وطائفة من المنافقين والمنفرين برسول الله (صلى الله عليه وآله) إلا أن أبا سفيان ليس فيهم. فكف عنه حتى إذا ذهب الناس قال له: يا أبا يزيد، أيش صنعت بي؟ قال: ألم أقل لك: في الجماعة أو في الوحدة، فأبيت علي؟ قال: أما الآن فاشفني من عدوي. قال: ذلك عند الرحيل.