عبد الله بن الحسين بن جابر أبو محمد إمام جامع المصيصة، قال. حدثني عبد الحميد ابن عبد الرحمن بن بشير الحماني، قال: حدثني عبد الله بن قيس بن الربيع، عن أبي هارون العبدي، عن أبي سعيد الخدري، قال: أصبح علي (عليه السلام) ذات يوم ساغبا، فقال: يا فاطمة، هل عندك شئ تطعميني؟ قالت: والذي أكرم أبي بالنبوة، وأكرمك بالوصية، ما أصبح عندي شئ يطعمه بشر، وما كان من شئ أطعمك منذ يومين إلا شئ كنت أوثرك به على نفسي وعلى الحسن والحسين. قال: أعلى الصبيين! ألا أعلمتني فآتيكم بشئ؟ قالت: يا أبا الحسن، إني لأستحي من إلهي أن أكلفك ما لا تقدر.
فخرج واثقا بالله حسن الظن به، فاستقرض دينارا، فبينا الدينار في يد علي (عليه السلام) إذ عرض له المقداد (رضي الله عنه) في يوم شديد الحر، قد لوحته الشمس من فوقه وتحته، فأنكر علي (عليه السلام) شأنه، فقال: يا مقداد، ما أزعجك هذه الساعة؟
قال: خل سبيلي يا أبا الحسن، ولا تكشفني عما ورائي. قال. إنه لا يسعني أن تجاوزني حتى أعلم علمك. قال: يا أبا الحسن، إلى الله ثم إليك أن تخلي سبيلي، ولا تكشفني عن حالي. فقال علي (عليه السلام): إنه لا يسعك أن تكتمني حالك. فقال: إذا أبيت، فوالذي أكرم محمدا بالنبوة وأكرمك بالوصية ما أزعجني إلا الجهد، ولقد تركت عيالي بحال لم تحملني لها الأرض، فخرجت مهموما وركبت رأسي فهذه حالي.
فهملت عينا علي (عليه السلام) بالدموع حتى أخضلت دموعه لحيته، ثم قال: أحلف بالذي حلفت به، ما أزعجني من أهلي إلا الذي أزعجك، ولقد استقرضت دينارا فخذه، فدفع الدينار إليه، وآثره به على نفسه.
وانطلق إلى أن دخل مسجد رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فصلى فيه الظهر والعصر والمغرب، فلما قضى رسول الله (صلى الله عليه وآله) المغرب مر بعلي بن أبي طالب وهو في الصف الأول، فغمزه برجله، فقام علي (علي السلام) مستعقبا خلف رسول الله (صلى الله عليه وآله) حتى لحقه على باب من أبواب المسجد، فسلم عليه، فرد رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال: يا أبا الحسن، هل عندك شئ نتعشاه فنميل معك؟ فمكث