ذلك، وانثالوا علي حتى لقد وطئ الحسنان (١) وشق عطافي، فلما نهضت بها وبالأمر فيها نكثت طائفة، ومرقت طائفة، وقسط آخرون، كأنهم لم يسمعوا الله يقول: ﴿تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الأرض ولا فسادا والعاقبة للمتقين﴾ (2)، بلى والله لقد سمعوها، ولكن راقتهم دنياهم وأعجبهم زبرجها.
أما والذي فلق الحبة وبرأ النسمة، لولا حضور الناصر، ولزوم الحجة وما أخذ الله من أولياء الامر من أن لا يقاروا (3) على كظة ظالم وسغب مظلوم، لألقيت حبلها على غاربها، ولسقيت آخرها بكأس أولها، ولألفوا دنياهم أزهد عندي من عفطة عنز).
فناوله رجل من أهل السواد كتابا فانقطع كلامه، فما أسفت على شئ كأسفي على ما فات من كلامه، فلما فرغ من قراءته قلت له: يا أمير المؤمنين، لو اطردت مقالتك من حيث أفضيت إليه منها. فقال. هيهات يا بن عباس، تلك شقشقة (4) هدرت ثم قرت.
804 / 55 - أخبرنا الحفار، قال. حدثنا الدعبلي، قال: حدثنا أحمد بن علي الخزاز ببغداد بالكرخ بدار كعب، قال: حدثنا أبو سهل الرفاء، قال: حدثنا عبد الرزاق، قال الدعبلي: وحدثنا أبو يعقوب إسحاق بن إبراهيم الدبري بصنعاء اليمن في سنة ثلاث وثمانين ومائتين، قال: حدثنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود، عن ابن عباس، قال: دخلت نسوة من المهاجرين والأنصار على فاطمة بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يعدنها في علتها، فقلن لها: السلام عليك يا بنت رسول الله، كيف أصبحت؟ فقالت: أصبحت والله عائفة لدنياكن، قالية لرجالكن، لفظتهم بعد إذ عجمتهم، وسئمتهم بعد إذ سبرتهم، فقبحا