شبا حده، وداف لي قواتل سمومه، ولم تنم عني عين حراسته، فلما رأيت ضعفي عن احتمال الفوادح، وعجزي عن ملمات الجوائح، صرفت ذلك عني بحولك وقوتك، لا بحولي ولا بقوتي، وألقيته في الحفير الذي احتفر لي خائبا مما أمله في دنياه، متباعدا مما رجاه في آخرته، فلك الحمد على ذلك قدر استحقاقك، سيدي إلهي، فخذه بعزتك وافلل حده عني بقدرتك، واجعل له شغلا فيما يليه وعجزا عما يناويه، إلهي فأعذني من عدوي حاضرة تكون من غيظي شفاء، ومن حنقي عليه وقاء، وصل اللهم دعائي بالإجابة، وانظر شكايتي بالتغيير، وعرفه عما قليل ما وعدت الظالمين، وعرفني ما وعدت من إجابة المضطرين، إنك ذو الفضل والمن الكريم).
قال: ثم تفرق القوم، فما اجتمعوا إلا لقراءة الكتب الواردة بموت موسى بن المهدي.
945 / 2 - وبهذا الاسناد، قال: حدثنا محمد بن علي ماجيلويه (رحمه الله)، قال.
حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم، قال: سمعت رجلا من أصحابنا يقول: لما حبس هارون الرشيد موسى بن جعفر (عليهما السلام) وجن عليه الليل، فخاف ناحية هارون أن يقتله، جدد طهوره واستقبل بوجهه القبلة، وصلى لله (عز وجل) أربع ركعات، ثم دعا بهذه الدعوات فقال: (يا سيدي نجني من حبس هارون، وخلصني من يده، يا مخلص الصخر من بين رمل وطين وماء، ويا مخلص النار من بين الحديد والحجر، ويا مخلص اللبن من بين فرث ودم، ويا مخلص الولد من بين مشيمة ورحم، ويا مخلص الروح من بين الأحشاء والأمعاء، خلصني من يد هارون الرشيد).
فلما دعا موسى بن جعفر (عليه السلام) بهذه الدعوات رأى رجلا أسود في منامه وبيده سيف قد سله، وهو واقف على رأس هارون، وهو يقول: يا هارون، أطلق عن موسى بن جعفر وإلا ضربت علاوتك بسيفي هذا، فخاف هارون من هيبته، ثم دعا حاجبه وقال له: اذهب إلى السجن فأطلق عن موسى بن جعفر.
قال: فخرج الحاجب فقرع باب السجن، وقال: من هذا؟ فقال: إن الخليفة يدعو