المرزباني، قال: حدثنا علي بن سليمان " قال: حدثنا محمد بن حميد، قال: حدثنا محمد بن إسحاق المسيبي، قال: حدثنا محمد بن فليح " عن موسى بن عقبة، عن محمد بن شهاب الزهري، قال: لما قدم جعفر بن أبي طالب (رضي الله عنه) من بلاد الحبشة، بعثه رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلى مؤتة، واستعمل على الجيش معه زيد بن حارثة وعبد الله بن رواحة، فمضى الناس معهم حتى كانوا بتخوم البلقاء، فلقيهم جموع هرقل من الروم والعرب، فانحاز المسلمون إلى قرية يقال لها مؤتة، فالتقى الناس عندها واقتتلوا قتالا شديدا، وكان اللواء يومئذ مع زيد بن حارثة، فقاتل به حتى شاط (1) في رماح القوم، ثم أخذه جعفر فقاتل به قتالا شديدا، ثم اقتحم عن فرس له شقراء فعقرها وقاتل حتى قتل.
قال: وكان جعفر أول رجل من المسلمين عقر فرسه في الاسلام، ثم أخذ اللواء عبد الله بن رواحة فقاتل حتى قتل، فأعطى المسلمون اللواء بعدهم خالد بن الوليد، فناوش القوم وراوغهم حتى انحاز بالمسلمين منهزما، ونجا بهم من الروم، وأنفذ رجلا من المسلمين يقال له عبد الرحمن بن سمرة إلى النبي (صلى الله عليه وآله) بالخبر.
فقال عبد الرحمن: فصرت إلى النبي (صلى الله عليه وآله) فلما وصلت إلى المسجد قال لي رسول الله (صلى الله عليه وآله): على رسلك يا عبد الرحمن. ثم قال (صلى الله عليه وآله): أخذ اللواء زيد فقاتل به فقتل، رحم الله زيدا، ثم أخذ اللواء جعفر وقاتل وقتل، رحم الله جعفرا، ثم أخذ اللواء عبد الله بن رواحة وقاتل وقتل، فرحم الله عبد الله.
قال: فبكى أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله) وهم حوله، فقال لهم النبي (صلى الله عليه وآله): وما يبكيكم؟ فقالوا: وما لنا لا نبكي وقد ذهب خيارنا وأشرافنا، وأهل الفضل منا!
فقال لهم (عليه السلام): لا تبكوا، فإنما مثل أمتي مثل حديقة قام عليها صاحبها،