يا أبا ذر، إن لله ملائكة قياما من خيفته ما رفعوا رؤوسهم حتى ينفخ في الصور النفخة الآخرة، فيقولون جميعا: سبحانك وبحمدك ما عبدناك كما ينبغي لك أن نعبد، ولو كان لرجل عمل سبعين نبيا لاستقل عمله من شده ما يرى يومئذ، ولو أن دلوا صب من غسلين في مطلع الشمس لغلت منه جماجم من في مغربها، ولو أن زفرات جهنم زفرت لم يبق ملك مقرب ولا نبي مرسل إلا خر جاثيا على ركبتيه، يقول: رب نفسي نفسي حتى ينسى إبراهيم إسحاق (عليهما السلام) يقول: يا رب أنا خليلك إبراهيم لا تنسني.
يا أبا ذر، لو أن امرأة من نساء أهل الجنة أطلعت من سماء الدنيا في ليلة ظلماء لأضاءت لها الأرض أفضل مما يضئ القمر ليلة البدر، ولوجد ريح نشرها جميع أهل الأرض، ولو أن ثوبا من ثياب أهل الجنة نشر اليوم في الدنيا لصق من ينظر إليه وما حملته أبصارهم.
يا أبا ذر، اخفض صوتك عند الجنائز، وعند القتال، وعند القرآن.
يا أبا ذر، إذا تبعت جنازة فليكن عقلك فيها مشغولا بالتفكر والخشوع، واعلم أنك لاحق به.
يا أبا ذر، اعلم أن كل شئ إذا فسد فالملح دواؤه، فإذا فسد الملح فليس له دواء - قال الشيخ: هذا المثل لعلماء السوء - واعلم أن فيكم خلتين: الضحك من غير عجب، والكسل من غير سهر.
يا أبا ذر، ركعتان مقتصرتان في تفكر خير من قيام ليلة والقلب ساه.
يا أبا ذر، الحق ثقيل مر، والباطل خفيف حلو، ورب شهوة ساعة تورث حزنا طويلا.
يا أبا ذر، لا يفقه الرجل كل الفقه حتى يرى الناس كلهم في جنب الله أمثال الأباعر، ثم يرجع إلى نفسه فيكون هو أحقر حاقر لها.
يا أبا ذر، لا يصيب الرجل حقيقة الايمان حتى يرى الناس كلهم حمقى في دينهم عقلاء في دنياهم.