يا أبا ذر، حب المال والشرف مذهب لدين الرجل.
قال: قلت: يا رسول الله، الخائفون الخاضعون المتواضعون الذاكرون الله كثيرا يستبقون الناس إلى الجنة؟ قال: لا، ولكن فقراء المؤمنين، فإنهم يأتون يوم القيامة فيتخطون رقاب الناس، فيقول لهم خزنة الجنة: كما أنتم (1) حتى تحاسبوا. فيقولون: بم نحاسب! فوالله ما ملكنا حتى نجور ونعدل، ولا أفيض علينا فنقبض ونبسط، ولكنا عبدنا ربنا حتى أتانا اليقين.
يا أبا ذر، إن الدنيا مشغلة للقلب والبدن، فإن الله (عز وجل) يسأل أهل الدنيا عما نعموا في حلالها، فكيف بما نعموا في حرامها!
يا أبا ذر، إني قد سألت الله (عز وجل) أن يجعل رزق من أحبني الكفاف، ويعطي من أبغضني المال والبنين.
يا أبا ذر، طوبى للزاهدين في الدنيا، الراغبين في الآخرة، الذين اتخذوا أرض الله بساطا، وترابها فراشا، وماءها طيبا، واتخذوا الكتاب شعارا، والدعاء لله دثارا، وقرضوا الدنيا قرضا.
يا أبا ذر، إن حرث الآخرة العمل الصالح، وحرث الدنيا المال والبنون.
يا أبا ذر، إن ربي (تبارك اسمه) أخبرني، فقال: وعزتي وجلالي، ما أدرك العابدون درك البكاء عندي شيئا، واني لابني لهم في الرفيق الاعلى قصرا لا يشاركهم فيه أحد.
قال: قلت: يا رسول الله، أي المؤمنين أكيس؟ قال: أكثرهم للموت ذكرا، وأحسنهم له استعدادا.
يا أبا ذر، إذا دخل النور القلب انفتح القلب واستوسع. قلت: فما علامة ذلك، بأبي أنت وأمي يا رسول الله؟ قال: الإنابة إلى دار الخلود، والتجافي عن دار الغرور، والاستعداد للموت قبل نزوله.
يا أبا ذر، اتق الله ولا تري الناس أنك تخشى الله فيكرموك وقلبك فاجر.