تستودعه وتستحفظه أموالها وأمتعتها، وكذلك من يقدم مكة من العرب في الموسم، وجاءته النبوة والرسالة والأمر كذلك، فأمر عليا (عليه السلام) أن يقيم صارخا يهتف بالأبطح غدوة وعشيا: ألا من كان له قبل محمد أمانة أو وديعة فليأت فلتؤد إليه أمانته.
قال: وقال النبي (صلى الله عليه وآله): إنهم لن يصلوا من الآن إليك يا علي بأمر تكرهه حتى تقدم علي، فأد أمانتي على أعين الناس ظاهرا، ثم إني مستخلفك على فاطمة ابنتي ومستخلف ربي عليكما ومستحفظه فيكما، وأمره أن يبتاع رواحل له وللفواطم ومن أزمع للهجرة معه من بني هاشم.
قال أبو عبيدة: فقلت لعبيد الله - يعني ابن أبي رافع - أو كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يجد ما ينفقه هكذا؟ فقال: إني سألت أبي عما سألتني، وكان يحدث بهذا الحديث، فقال: فأين يذهب بك عن مال خديجة (عليها السلام)؟ وقال: إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: ما نفعني مال قط مثل ما نفعني مال خديجة (عليها السلام)، وكان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يفك من مالها الغارم والعاني (1) ويحمل الكل (2)، ويعطي في النائبة، ويرفد فقراء أصحابه إذ كان بمكة، ويحمل من أراد منهم الهجرة، وكانت قريش إذا رحلت عيرها في الرحلتين - يعني رحلة الشتاء والصيف - كانت طائفة من العير لخديجة، وكانت أكثر قريش مالا، وكان (صلى الله عليه وآله) ينفق منه ما شاء في حياتها ثم ورثها هو وولدها بعد مماتها.
قال: وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله) لعلي وهو يوصيه: وإذا أبرمت ما أمرتك فكن على أهبة الهجرة إلى الله ورسوله، وسر إلي لقدوم كتابي إليك، ولا تلبث بعده.
وانطلق رسول الله (صلى الله عليه وآله) لوجهه يؤم المدينة، وكان مقامه في الغار ثلاثا، ومبيت علي (صلوات الله عليه) على الفراش أول ليلة.
قال عبيد الله بن أبي رافع: وقد قال علي بن أبي طالب (عليه السلام) شعرا يذكر فيه