وقوله لا بمزايلة أي لا بمفارقة مكان بان انتقل عن مكان إلى مكان حتى خفى عنهم أو بان دخل في بواطنهم حتى عرفها بل لخفاء كنهه عن عقولهم وعلمه ببواطنهم واسرارهم وقوله لا بتجسم أي لطيف لا بكون جسما له قوام رقيق أو حجم صغير أو تركيب غريب وصنع عجيب وقوله فاعل لا باضطراب حركة إما فاعل فلانه موجد العالم واما تنزيهه في فاعليته عن الاضطراب فلتزهه عن عوارض الأجسام وقوله مقدر لا بجول فكرة أي ليس في تقديره الأشياء محتاجا إلى جولان الفكر قوله قريب لا بمداناة أي ليس قربه قربا مكانيا بالدنو من الأشياء بل بالعلم والعلية والرحمة وقوله بعيد لا بمسافة أي ليس بمباينة لبعده بحسب المسافة عنهم بل لغاية كماله ونقصهم باينهم في الذات والصفات قوله لا تصحبه الأوقات لحدوثها وقدمه تعالى أوليس بزماني أصلا قوله ولا تأخذه السنات السنات جمع السنة بالكسر وهي النعاس وأول النوم قوله سبق الأوقات كونه أي كان وجوده سابقا على الأزمنة والأوقات بحسب الزمان الوهمي والتقديري قوله والعدم وجوده بنصب العدم ورفع الوجود أي وجوده لوجوبه سبق وغلب العدم فلا يعتريه عدم أصلا قوله بتشعيره المشاعر أي بخلقه المشاعر الادراكية وأفاضتها على الخلق عرف ان لا مشعر له وهو إما لأنه تعالى لا يتصف بخلقه أو لأنا بعد افاضته المشاعر علمنا احتياجا في الادراك إليها فحكمنا بتنزهه تعالى عنها لاستحالة احتياجه تعالى إلى شئ أو لما يحكم العقل به من المباينة بين الخالق والمخلوق في الصفات وقوله بتجهيره الجواهر أي بتحقيق حقائقها وإيجاد ماهياتها عرف انها ممكنة وكل ممكن محتاج إلى مبدء فمبدأ المبادى لا يكون حقيقة من هذه الحقائق وقوله بمضادته بين الأمور أي عقدة التضاد بين الأشياء دليل على استواء نسبتها إليه فلا ضد له إذ لو كانت له طبيعة تضاد شيئا لاختص ايجاده بما يلائمها لا ما يضادها فلم تكن اضداد والمقارنة بين الأشياء في نظام الخلقة دليل على أن صانعها واحد لا قرين له إذ لو كان له شريك لخالفه في النظام الايجادي فلم تكن مقارنة والمقارنة هي المشابهة في هنا الصرد البرد فارسي معرب المتعاديات كالعناصر المختلفة الغرائز الطبائع والمغرز موجد الغرائز ومفيضها عليه والمفاوت على صيغة اسم الفاعل من جعل بينها التفاوت وانما قال تأويل السمع لأنه ليس فيه تعالى حقيقة بل مؤول يعلمه بالمسموعات قوله ليس مذ خلق وذلك لان خالقية التي هي كماله هي القدرة على كل ما علم أنه أصلح ونفس الخلق من آثار تلك الصفة الكمالية ولا يتوقف كماله عليه والبرايا جمع البرية وهي الخلق قوله ولا تدنيه قد يعنى لما لم يكن زمانيا لا تدينه كلمة قد التي للتحقيق إلى العلم بحصول شئ ولا تحجبه كلمة لعل التي هي لترجى أمر في المستقبل أي لا يخفى عليه الأمور
(١٨٥)