والفرق بين هذا المعنى والمعنى الثاني هو أولا: أن المراد من الثلاث صلوات في الثاني المتواليات وهاهنا أعم من أن يكون متواليات أو منفصلات.
وثانيا: أن المراد من الثلاث ثلاث من جميع الصلوات سواء كانت من يوم واحد كالصبح والظهر والعصر من يوم واحد أو كانت من يومين كالعشاء من هذا اليوم مع الصبح والظهر من غده، غاية الأمر متواليات وهاهنا الثلاث من الخمسة في يوم واحد وان لم يكن متواليات كما شرحنا وذكرنا.
والانصاف أن الرواية لا تخلو من هذه الجهة - أي من جهة تعدد الاحتمالات - من إجمال مضافا إلى أنه من المحتمل قريبا أن لا يكون قوله عليه السلام " إذا كان الرجل يسهو في كل ثلاث فهو ممن كثر عليه السهو - في مقام تحديد مفهوم كثير السهو بل بصدد بيان بعض مصاديقه العرفية.
فإذا لم يكن تحديد من قبل الشارع لاحد الوجهين المذكورين - أي لاجمال الرواية أو من جهة كونه عليه السلام بصدد بيان أحد مصاديقه العرفية - فلابد من الرجوع إلى فهم العرف من هذه الجملة أي جملة " كثر عليك السهو ".
ولا يبعد أن يكون المراد منها حسب المتفاهم العرفي هو كون الشخص له حالة وخلق يوجب شكه كثيرا فكما أن الوسواسي هو كونه ذا حالة توجب الوسوسة فكذلك كونه كثير الوهم وشكاكا بل يمكن أن تكون كثرة الشك مرتبة نازلة من الوسوسة وإذا كان هذا معنى كونه كثير الشك فلو عرض له حالة فجائية أوجب كثرة الشك لاغتشاش حواسه لمصيبة أو لسرور زائد أو لاشتغال فكره بأمر مهم فلا يكون من كثير الشك لأنه ليس خلقا له بل عارض يرتفع بسرعة.
والحاصل: أنك عرفت الاحتمالات وهي أربعة في الرواية.
واما احتمال الخامس: بأن يكون المراد وقوع الشك في كل صلاة ثلاث مرات فلا تساعده قواعد النحو إذ مقتضاها أن يكتب ثلاثا بالألف كي يكون منصوبا وتمييزا