اليد مرتين لشخصين، فنقول: تارة: يكون الإقرار الثاني بعد الإقرار الأول وفي كلام منفصل عن الإقرار الأول بمعنى أن الإقرار الأول تم وخلص، ثم بعد زمان وفي كلام آخر بل وفي مجلس آخر أقر لشخص آخر بعين ذلك المال.
وأخرى: يعقب الإقرار الأول بالإقرار الثاني في كلام واحد وبصورة الإضراب كما أنه لو قال: هذه العين الشخصي لزيد بل لعمرو.
أما في الصورة الأولى فالظاهر عدم نفوذ الإقرار الثاني: لأنه وقع على مال الغير، ولا تجري فيه قاعدة (إقرار العقلاء على أنفسهم جائز) لأنها - أي تلك العين بواسطة الإقرار الأول صار ملكا للغير أي المقر له فالإقرار الثاني إقرار من الأجنبي بالنسبة إلى مال، فلا أثر لهذا الإقرار.
ولكن يمكن أن يقال: فرق بين المقامين، لأن الأجنبي إذا أقر بما هو تحت يد شخص لشخص آخر لا يشمله قاعدة الإقرار، لأنه ليس عليه بل على غيره الذي هو ذو اليد، بخلاف ما نحن فيه، لأن إقراره الثاني أيضا يكون على ضرره، من جهة دلالته بالالتزام على أنه أتلف على المقر له الثاني هذا المال بإقراره الأول، فتشمله قاعدة الإقرار. غاية الأمر لا يمكن أخذه بإقراره بالنسبة إلى نفس العين، لأنه من هذه الجهة ليس عليه بل على المقر له الأول، فليس بنافذ. وأما من جهة ماليته أي مثله إن كان مثليا، وقيمته إن كان قيميا - فيكون إقراره عليه ويؤخذ به. ومعنى هذا أنه يغرم للثاني بمثله أو بقيمته لأجل وقوع يده على مال الغير ثم إتلافه عليه بإقراره الأول.
ومما ذكرنا ظهر أنه في الصورة الثانية أيضا يعطي العين للمقر له الأول، ويغرم للثاني بالمثل القيمة بطريق أولى كما هو المشهور، بل ادعى جماعة أنه لا خلاف فيه.
وذلك لأنه بالإضراب عدل عن إقراره الأول ولا يسمع منه، لأنه إنكار بعد