كذلك لابد وأن يكون بداعي بيان الواقع وإظهار الحق هذا بالنسبة إلى الجهة التي عليه واضح، وأما بالنسبة إلى الجهة التي ليست عليه ربما يكون الإقرار لدواعي عقلائية غير بيان الواقع والإخبار عنه، فليس في الإقرار أمارية من هذه الجهة.
وثالثا: قيل إن الإقرار لا يطلق عرفا إلا على ما يكون على المقر، وأما الإخبار الذي ليس على المقر سواء أكان له أو لم يكن له ولا عليه لا يسمى إقرارا، فبناء على هذا لا يبقى مجال لارجاع الظرف إلى الإقرار: لأنه مأخوذ في ماهيته فيكون التقييد به من قبيل تقييد الشئ بما هو ذاتي له كتقييد الإنسان مثلا بكونه ناطقا فلا مناص إلا عن تعلقه بجائز لا بالإقرار.
وقال بعض آخر: من جهة قاعدة (من ملك شيئا ملك الإقرار به).
بيان ذلك أن ذا اليد مالك لأن يملك هذا المال الذي في يده للمقر له، ببيع أو صلح أو هبة أو نحو ذلك، فيملك الإقرار بأنه له بهذه القاعدة قلت: هذه مغالطة واضحة لأنه فرق واضح بين أن يقر بتمليكه إياه وبين أن يعترف أنه له، والذي هو - أي: ذو اليد - مالك هو تمليكه إياه ويكون مستوليا عليه، لا على أن هذا المال له.
وهنا وجه ثالث: وهو أن اليد أمارة على أن هذا الذي في يده له بالدلالة المطابقية، وأيضا أمارة على نفي كونه لغيره بالدلالة الالتزامية، وأماريتها تسقط بالنسبة إلى المدلول المطابقي إذا أقر لشخص آخر، وكذا تسقط أماريتها على نفي الملكية للمقر له بسبب إقراره له. وأما بالنسبة إلى ما عدا هذين فأماريتها باقية على حالها، فإذا أقر ذو اليد لأحد المتنازعين المدعيين لما في يده يسقط اعتبار اليد بالنسبة إلى نفسه والمقر له بواسطة إقراره: لأن بناء العقلاء على أمارية اليد فيما إذا لم يكن إقرار من ذي اليد على خلاف أمارية يده. وأما بالنسبة) إلى غيرهما تبقى أماريته على النفي، فالنتيجة قيام الحجة على نفي الملكية عن ذي اليد وعن غيره ما عدا المقر له، ومعلوم أن المال لا يبقى