ولو كان من غير أهل المعرفة إذا لم يكن في البين ما يوهن صحة إخباره، ولا يعارضها ما في صدر الرواية من قوله عليه السلام (لا تشربه) لأن شربه على النصف كما - هو مفروض السؤال - أسقط إخباره عن الحجية والاعتبار، ولا يدل على أن إخباره من حيث أنه إخبار ذي اليد ليس بحجة حتى يكون منافيا للذيل نعم صحيح معاوية بن وهب - عن البختج (إذا كان هو يخضب الإناء وقال صاحبه قد ذهب ثلثاه وبقي ثلثه فاشربه) (1) - ظاهره أنه يحتاج إلى ضم أمارة أخرى إلى الأخبار حتى تكون حجة وهي كونه بحيث يخضب الإناء.
ولكن يمكن أن يقال: إن هذا التقييد أيضا يرجع إلى ما ذكرنا في صحيح معاوية بن عمار من عدم كون موهن لإخباره، ولا شك في أن عدم خضبه للإناء موهن لإخباره بذهاب الثلثين: لوجود ملازمة عادية بين ذهاب الثلثين وبين خضبه للإناء.
نعم يدل موثق عمار فيمن يأتي بالشراب ويقول هو مطبوخ على الثلث، فقال عليه السلام: (إن كان مسلما ورعا مؤمنا فلا بأس أن يشرب) (2) - وهكذا صحيح ابن جعفر: (لا يصدق إلا أن يكون مسلما عارفا) (3) على اختصاص الاعتبار بما إذا كان ذو اليد من أهل الايمان، بل الأول منهما زائدا على ذلك بما إذا كان ورعا.
ولكن الانصاف أن الصحيحة صريحة ونص في اعتبار قول من ليس من أهل المعرفة فلا مناص إلا من حمل هاتين الروايتين على كراهة تصديقه والعمل على طبق إخباره فيما إذا لم يكن ذو اليد مؤمنا ورعا ولا يخفى أن دلالة هذه الأخبار على حجية إخبار ذي اليد في الطهارة والنجاسة