أو الوطئ نص بايجاب القضاء، وإنما افترض تعالى رمضان لا غيره على الصحيح المقيم العاقل البالغ، فايجاب صيام غيره بدلا منه إيجاب شرع لم يأذن الله تعالى به، فهو باطل، ولا فرق بين أن يوجب الله تعالى صوم شهر مسمى فيقول قائل: ان صوم غيره ينوب عنه، بغير نص وارد في ذلك: وبين من قال: إن الحج إلى غير مكة ينوب عن الحج إلى مكة، والصلاة إلى غير الكعبة توب عن الصلاة إلى الكعبة، وهكذا في كل شئ قال الله تعالى: (تلك حدود الله فلا تعتدوها) وقال تعالى: (ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه).
فان قالوا: قسنا كل مفطر بعمد في إيجاب القضاء على المتقئ عمدا (1).
قلنا: القياس كله باطل، ثم لو كان حقا لكان هذا منه عين الباطل لأنهم أول من نقض هذا القياس، فأكثرهم لم يقس المفطر عمدا بأكل أو شرب على المفطر بالقئ (2) عمدا في إسقاط الكفارة عنهم كسقوطها عن المتقئ عمدا، وهم الحنيفيون والمالكيون، والشافعيون قاسوهم على المفطر بالقئ عمدا، ولم يقيسوهم كلهم على المجامع عمدا في وجوب الكفارة عليهم كلهم، فقد تركوا القياس الذي يدعون! فان وجد من يسوى بين الكل في إيجاب القضاء والكفارة كلم في إبطال القياس فقط.
فان ذكروا أخبارا وردت في إيجاب القضاء على المتعمد للوطئ في نهار رمضان.
قيل: تلك آثار لا يصح فيها شئ.
لان أحدها من طريق أبى أويس عن الزهري عن حميد بن عبد الرحمن عن أبي هريرة:
(أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر الذي أفطر في رمضان بالكفارة وأن يصوم يوما) وأبو أويس ضعيف، ضعفه ابن معين وغيره (3).
والثاني رويناه من طريق هشام بن سعد عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة:
(أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمره بأن يصوم يوما) وهشام بن سعد ضعفه أحمد بن حنبل، وابن معين وغيرهما، ولم يستجز الرواية عنه يحيى بن سعيد القطان (4).