فيه: (بسم الله الرحمن الرحيم من محمد عبد الله ورسوله (1) إلى هرقل عظيم الروم: سلام على من اتبع الهدى (أما بعد) فاني أدعوك بدعاية الاسلام، أسلم تسلم يؤتك الله أجرك مرتين فان توليت فان عليك اثم الاريسيين و (يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم أن لا نعبد الا الله ولا نشرك به شيئا ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله فان تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون)) فهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم قد بعث كتابا وفيه هذه الآية إلى النصارى وقد أيقن أنهم يمسون ذلك الكتاب * فان ذكروا ما حدثناه عبد الله بن ربيع ثنا محمد بن معاوية ثنا أحمد بن شعيب ثنا قتيبة بن سعيد ثنا الليث عن نافع عن ابن عمر قال: (كان ينهى النبي صلعم أن يسافر بالقرآن إلى أرض العدو يخاف أن يناله العدو (2)) فهذا حق يلزم اتباعه وليس فيه أن لا يمس المصحف جنب ولا كافر، وإنما فيه أن لا ينال أهل أرض الحرب القرآن فقط * فان قالوا: إنما بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى هرقل آية واحدة، قيل لهم: ولم يمنع رسول الله صلى الله عليه وسلم من غيرها وأنتم أهل قياس فإن لم تقيسوا على الآية ما هو أكثر منها فلا تقيسوا على هذه الآية غيرها * فان ذكروا قول الله تعالى: (في كتاب مكنون لا يمسه الا المطهرون) فهذا لا حجة لهم فيه لأنه ليس أمرا وإنما هو خبر، والله تعالى لا يقول الا حقا، ولا يجوز أن يصرف لفظ الخبر إلى معنى الامر إلا بنص جلى أو اجماع متيقن، فلما رأينا المصحف يمسه الطاهر وغير الطاهر علمنا أنه عز وجل لم يعن المصحف وإنما عنى كتابا آخر، كما أخبرنا محمد بن سعيد بن نبات ثنا أحمد بن عبد البصير ثنا قاسم ابن أصبغ ثنا محمد بن عبد السلام الخشني ثنا محمد بن المثنى ثنا عبد الرحمن بن مهدي ثنا سفيان الثوري عن جامع بن أبي راشد عن سعيد بن جبير في قول الله تعالى (لا يمسه الا المطهرون) قال: الملائكة الذين في السماء * حدثنا حمام بن أحمد ثنا
(٨٣)