قبل الوقت ولا يجزئ التيمم الا بعد الوقت، وقال آخرون: الوضوء والتيمم يجزيان قبل الوقت * واحتج من رأى كل ذلك لا يجزئ الا بعد دخول الوقت بقول الله تعالى: (إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم إلى الكعبين وان كنتم جنبا فاطهروا وان كنتم مرضى أو على سفر أو جاء أحد منكم من الغائط أو لامستم النساء فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا فامسحوا بوجوهكم وأيديكم منه) * قال علي وهذا لا حجة لهم فيه بل هو حجة عليهم كافية، لان الله تعلى لم يقل:
إذا قمتم إلى صلاة فرض، ولا إذا دخل وقت صلاة فرض فقمتم إليها، بل قال عز وجل (إذا قمتم إلى الصلاة) فعم تعالى ولم يخص، والصلاة تكون فرضا وتكون تطوعا بلا خلاف، وقد أجمع أهل الأرض قاطبة من المسلمين على أن صلاة التطوع لا تجزئ الا بطهارة من وضوء أو تيمم أو غسل ولا بد، فوجب بنص الآية ضرورة أن المرء إذا أراد صلاة فرض أو تطوع وقام إليها أن يتوضأ أو يغتسل إن كان جنبا أو يتيمم إن كان من أهل التيمم ثم ليصل، فإذ ذلك نص الآية بيقين فإذا أتم المرء غسله أو وضوءه أو تيممه فقد طهر بلا شك، وإذ قد صحت طهارته فجائز له أن يجعل بين طهارته وبين الصلاة التي قام إليها مهلة من مشى أو حديث أو عمل، لان الآية لم توجب اتصال الصلاة بالطهارة لا بنصها ولا بدليل فيها، وإذا جاز أن يكون بين طهارته وبين صلاته مهلة فجائز أن تمتد المهلة ما لم يمنع من تماديها قرآن أو سنة، وذلك يمتد إلى آخر أوقات الفرض، وأما في التطوع فما شاء * فصح بنص الآية جواز التطهر بالغسل وبالوضوء وبالتيمم قبل وقت صلاة الفرض، وإنما وجب بنص الآية أن لا يكون شئ من ذلك الا بنية التطهر للصلاة فقط ولا مزيد * ودليل آخر: وهو أن الصلاة جائزة بلا خلاف في أول وقتها، فإذ ذلك كذلك فلا يكون ذلك البتة الا وقد صحت الطهارة لها قبل ذلك، وهذا ينتج ولا بد جواز التطهر بكل ذلك قبل أول الوقت *