شريكه، أو في شارع ضيق أو واسع لمصلحة نفسه بغير إذن الإمام فيضمن ما تلف فيها من آدمي حر أو غيره، لكن الآدمي يضمن بالدية إن كان حرا وبالقيمة إن كان رقيقا على عاقلة الحافر حيا كان أو ميتا، وأما غير الآدمي كبهيمة أو مال آخر فيضمن بالغرم في مال الحافر، وكذا القول في الضمان في جميع المسائل الآتية.
تنبيه: يشترط أن يستمر العدوان إلى السقوط فيها، فلو رضي المالك بإبقائها زال الضمان في الأصح، وكذا لو ملك البقعة. ويشترط أن لا يوجد هناك مباشرة بأن رداه في البئر غير حافرها، وإلا فالضمان على المردي لا الحافر، وأن يتجرد التردي للاهلاك فلو تردت بهيمة في بئر ولم تتأثر بالصدمة وبقيت فيها أياما، ثم ماتت جوعا أو عطشا فلا ضمان على الحافر، وقضية إطلاقه أنه لا فرق في تضمين الحافر بين المتردي فيها بالليل والنهار وهو كذلك، ونقله في البسيط عن إطلاق الأصحاب وخصه الإمام بالتردي نهارا. وقوله عدوان هو بالجر صفة حفر، ويجوز النصب على الحال. ولو تردى شخص فيها ثم قال المالك: حفر بإذني لم يصدق، واحتاج الحافر إلى بينة بإذنه، ولو تعدى الداخل بدخوله فوقع فيها لم يضمنه الحافر كما رجحه البلقيني وغيره لتعديه. فإن أذن له المالك في دخولها فإن عرفه البئر فلا ضمان، وإلا فالضمان على المالك في أحد الوجهين كما رجحه البلقيني لأنه مقصر بعدم إعلامه: فإن كان ناسيا فعلى الحافر و (لا) يضمن بحفر بئر (في ملكه) لعدم تعديه ومحله إذا عرفه المالك أن هناك بئرا أو كانت مكشوفة والداخل متمكن من التحرز، فأما إذا لم يعرفه والداخل أعمى فإنه يضمن كما قاله في التتمة وأقراه. وما إذا لم يوسع حفرها، فإن وسعه على خلاف العادة أو قربها من جدار جاره خلاف العادة أو وضع في أصل جدار غيره سرجينا أو لم يطو بئره. ومثل أرضها ينهار إذا لم يطو ضمن في الجميع ما هلك بذلك لتقصيره. ولا يضمن المتولد من نار أوقدها في ملكه أو على سطحه إلا إذا أوقدها وأكثر على خلاف العادة أو في ريح شديد فيضمن لا إن اشتد الريح بعد الايفاد فلا يضمن لعذره إلا إن أمكنه إطفاؤها فتركه. قال الأذرعي: ففي تضمينه نظر اه. والأوجه عدم تضمينه كما لو بنى جداره مستويا ثم مال وأمكنه إصلاحه ولم يصلحه حتى وقع على شئ فأتلفه فإنه لا يضمنه كما سيأتي، وكالمالك ما في معناه من المستحق منفعته أبدا بوصية أو وقف كما قاله الأذرعي (و) لا يضمن بحفر بئر في (موات) للتملك أو الارتفاق، فإنه كالحفر في ملكه، وعليه يحمل خبر مسلم البئر جرحها جبار أي غير مضمون، فإن حفر البئر في الموات ولم يخطر بباله تملك ولا ارتفاق فهو كما لو حفرها للارتفاق كما قاله الإمام، لأنه فعل جائز.
تنبيه: قول المصنف: لا في ملكه وموات يحتمل أن مراده لا عدوان فيه، وهو الموافق لعبارة المحرر، أو فلا ضمان فيه وإن كان عدوانا، ويرد على كل من الاحتمالين ما إذا حفر حفرة واسعة في ملكه قريبا من أرض جاره بحيث يؤدي إلى إضرار أرض جاره، فإنه يكون متعديا ضامنا لمن وقع في موضع التعدي كما قاله البلقيني، ويرد على الاحتمال الأول ما لو حفر في ملكه المرهون المقبوض بغير إذن المرتهن، أو في ملكه الذي أجره إجارة صحيحة فهو حفر عدوان ولا ضمان فيه لو سقط فيه إنسان غير متعد كالمستأجر، ويستثنى من إطلاقه ما لو حفر بالحرم بئرا في ملكه أو موات فإنه يضمن الصيد الواقع فيه في الحرم في الأصح كما في الرافعي في محرمات الاحرام.
فروع: لو سقى أرضه فخرج الماء من حجر فأهلك شيئا لم يضمنه إلا إن سقى فوق العادة أو علم بالحجر ولم يحتط فيضمن لتقصيره. ولو وضع جرة على طرف سطح فسقطت بريح أو هدم لمحلها فأهلكت شيئا أو أوقف دابة في ملكه فرفست شخصا فأهلكته ولو خارج ملكه أو نجست ثوبه أو كسر حطبا في ملكه فتطاير منه شئ فأهلك شيئا لم يضمن. ثم استثنى في المعنى مما سبق ما تضمنه قوله: (ولو حفر بدهليزه) بكسر الدال (بئرا ودعا رجلا) إلى الدهليز أو إلى بيته ولم يعلمه وكان الغالب أنه يمر عليها فأجابه (فسقط) فيها جاهلا بها لنحو ظلمة كتغطية أو كان أعمى فمات (فالأظهر ضمانة) لأنه غره ولم يقصد هو إهلاك نفسه فإحالته على السبب الظاهر أولى. والثاني لا يضمنه لأنه غير ملجئ