إن لم ينضبط (حكومة) لما فات ويختلف بحسب النقص قلة وكثرة، سواء احتاج في مشيه لعصا أم لا، فإن انضبط وجب القسط كالسمع (ولو كسر صلبه) أي المجني عليه (فذهب) مع سلامة الرجل والذكر (مشيه وجماعة أو) مشيه (ومنيه فديتان) لأن كل واحد منهما مضمون بالدية عند الانفراد، فكذا عند الاجتماع (وقيل دية) لأن الصلب محل المني، ومنه يبتدأ المشي وينشأ الجماع، واتحاد المحل يقتضي اتحاد الدية ومنع الأول محلية الصلب لما ذكر، وعلى الأول لو شلت رجلاه أيضا وجب عليه ثلاث ديات، وإن شل ذكره أيضا وجب عليه أربع ديات، قاله الكافي.
تنبيه: قضية كلامه أنه لا يفرد كسر الصلب بحكومة وهو كذلك فيما إذا كان الذكر والرجلان سليمين، فإن شلا وجب مع الدية الحكومة لأن المشي منفعة في الرجل، فإذا شلت فاتت المنفعة لشللها فأفرد كسر الصلب الحكومة، وإذا كانت سليمة ففوات المشي لخلل الصلب فلا يفرد بالحكومة. ويمتحن من ادعى ذهاب مشيه بأن يفاجأ بمهلك كسيف، فإن مشى علمنا كذبه، وإلا حلف وأخذ الدية.
فرع: في اجتماع ديات كثيرة في شخص بجراحات بقطع أطراف وإبطال منافع. قال الغزالي: وهي تقرب من عشرين دية. قال الرافعي: وإذا تأملت ما سبق وجدتها أكثر من ذلك وسرد ما تقدم، ثم قال: وقد تضاف إليها المواضح وسائر الشجاج والجوائف والحكومات فيجتمع شئ كثير لا ينحصر، واعترضه الأذرعي بأنه كيف يجتمع ديتان لليدين وللبطش، وديتان للرجلين وللمشي، ودية للحيين، ودية للمضغ، وثلاث ديات للسان والنطق والصوت، وترجم المصنف لذلك بالفرع لتفرعها على ما ذكر من وجوب الدية في المذكورات. إذا (أزال) الجاني (أطرافا) تقتضي ديات كقطع أذنين ويدين ورجلين (ولطائف تقتضي ديات) كإبطال سمع وبصر وشم (فمات سراية) منها كما في المحرر، وكذا من بعضها ولم يندمل البعض كما اقتضاه نص الشافعي، واعتمده البلقيني إذا كان قبل الاندمال للبعض الآخر (فدية) واحدة وسقط بدل ما ذكره، لأنها صار ت نفسا. أما إذا مات بسراية بعضها بعد اندمال بعض آخر منها لم يدخل ما اندمل في دية النفس قطعا، وكذا لو جرحه جرحا خفيفا لا مدخل للسراية فيه ثم أجافه فمات بسراية الجائفة قبل اندمال ذلك الجرح فلا يدخل أرشه في دية النفس كما هو مقتضى كلام الروضة وأصلها، أما لا يقدر بالدية فيدخل أيضا كما فهم مما تقرر بالأولى (وكذا لو حزه الجاني) أي قطع عتق المجني عليه (قبل اندماله) من الجراحة يلزمه للنفس دية واحدة (في الأصح) المنصوص، لأن دية النفس وجبت قبل استقرار ما عداها فيدخل فيها بدله كالسراية. والثاني تجب ديات ما تقدمها، لأن السراية قد انقطعت بالقتل فأشبه انقطاعها بالاندمال. فإن قيل: لو قطع أطراف حيوان غير آدمي وسرت الجناية إلى النفس أو عاد وقتله قبل الاندمال لم تدخل قيمة أطرافه في قيمته، بل أوجبوا قيمته يوم موته، فهلا كان كما هنا؟. أجيب بأن الحيوان مضمون بما نقص من القيمة وهي تختلف بالكمال والنقصان، والآدمي مضمون بمقدر، وهو لا يختلف بذلك، ولان الغائب في ضمانه التعبد، كما قاله الشيخ عز الدين. وما سبق هو عند اتحاد الفعل المجني به (فإن) كان مختلفا كأن (حز) الرقبة (عمدا والجناية) الحاصلة قبل الحز (خطأ) أشبه عمد (أو عكسه) كأن حزه خطأ والجنايات عمدا أو شبه عمد (فلا تداخل) لشئ مما دون النفس فيها (في الأصح) بل يستحق الطرف والنفس لاختلافهما واختلاف من تجب علته فلو قطع يديه ورجليه خطأ أو شبه عمد ثم حز رقبته عمدا أو قطع هذه الأطراف عمدا ثم حز الرقبة خطأ أو شبه عمد وعفا الأول في العمد على ديته وجبت في الأولى دية خطأ أو شبه عمد ودية عمد، وفي الثانية ديتا عمد ودية خطأ أو شبه عمد، والثاني تسقط الديات فيهما (ولو حز) الرقبة (غيره) أي الجاني المتقدم (تعددت) أي الديات لأن فعل الانسان لا يدخل في فعل غيره