سقف المسجد أو نصب فيه عمود أو طين جداره أو علق فيه قنديلا فسقط على إنسان أو مال فأهلكه أو فرش فيه حصيرا أو حشيشا فزلق به إنسان فهلك أو دخلت شوكة منه في عينه فذهب بها بصره لم يضمنه، وإن لم يأذن له الإمام لأنه فعله لمصلحة المسلمين. ولو بنى مسجدا في ملكه أو موات فهلك به إنسان أو بهيمة أو سقط جداره على إنسان أو مال فلا ضمان إن كان بإذن الإمام، وإلا فعلى الخلاف السابق، وبناء سقاية على باب داره في الشارع لشرب الناس منها كالحفر في الشارع. (وما تولد من جناح) بفتح جيمه: وهو البارز عن سمت الجدار من خشب أو غيره (إلى شارع فمضمون) سواء أكان يضر أم لا، أذن الإمام فيه أم لا، لأن الارتفاق بالشارع مشروط بسلامة العاقبة، ولو تناهى في الاحتياط فجرت حادثة لا تتوقع أو صاعقة سقط بها وإن قال الإمام في هذه الحالة: لست أرى إطلاق القول بالضمان في ذلك، فإن قيل لو حفر بئرا لمصلحة نفسه بإذن الإمام لم يضمن، فهلا كان هنا كذلك؟. أجيب بأن للإمام الولاية على الشارع مكان إذنه معتبرا حيث لا ضرر، بخلاف الهواء لا ولاية له عليه فلم يؤثر إذنه في عدم الضمان، والدية في الحر والقيمة في الرقيق على العاقلة إن تلفا بذلك، وإن تلف به مال غير رقيق ففي مال المبرز.
تنبيه: المراد يكون مضمونا على ما سيأتي في الميزاب فيضمن الكل بالخارج فقط والنصب بالجميع، وقوله : فمضمون يقتضي الضمان، ولو تولد التلف منه بغير سقوطه أو سقوط بعضه كما إذا صدمه راكب على شئ عال أو سقط منه حيوان كفأرة فتلف بذلك شئ وهو كذلك، وإن قال البلقيني: القياس عدم الضمان ولم أر من تعرض له اه. وخرج بالشارع ما لو أخرجه إلى هواء ملكه أو ملك غيره بإذنه فلا ضمان لما تولد منه جزما لعدم تعديه، أو إلى درب منسد ليس فيه مسجد أو نحوه، أو إلى ملك الغير بلا إذن من أهل الدرب أو المالك فالضمان وإن كان عاليا لتعديه بخلافه بالاذن كما لو كان في ملك المخرج، أما إذا كان مسجدا أو نحوه فهو كالشارع كما نبه عليه الأذرعي وغيره، ولو أشرعه إلى ملكه ثم سبل ما تحته شارعا استمر عدم الضمان فلا يضمن ما تولد كما لو استمر ملكه عليه، ولو سبل أرضه المجاورة لداره شارعا، واستثنى لنفسه الاشراع لها ثم أشرع لها، فالظاهر كما قال الدميري لا ضمان. (ويحل) للمسلم (إخراج الميازيب) العالية التي لا تضر بالمارة (إلى شارع) وإن لم يأذن الإمام كالجناح للحاجة الظاهرة إليها، ولما روى الحاكم في مستدركه أن عمر رضي الله تعالى عنه مر تحت ميزاب العباس رضي الله عنه فقطرت عليه قطرات، فأمر بقلعه فقلع فخرج العباس، فقال: أتقلع ميزابا نصبه رسول الله (ص) فقال عمر: والله لا ينصبه إلا من يرقى على ظهري، وانحنى العباس حتى رقي إليه فأعاده إلى موضعه. أما الذمي فقال البلقيني: يمنع كما يمنع إخراج الجناح ، وقد يفرق بأن الجناح يمشي عليه ويقعد وينام فكان أشد من علاء بنائه بخلاف الميزاب، والأرجح أنه لا فرق اه.
وهذا هو الظاهر.
تنبيه: جرى المصنف في جميع الميازيب على لغة ترك الهمزة في مفرده وهو ميزاب وهي لغة قليلة، والأفصح في جمعه مآزب بهمزة، ومد جمع مئزاب بهمزة ساكنة، ويقال فيه مرزاب بتقديم الراء على الزاي وعكسه، فلغاته حينئذ أربع (والتالف بها) أو بما سال من مائها (مضمون في الجديد) لأنه ارتفاق بالشارع فجوازه مشروط بسلامة العاقبة كالجناح، وكما لو طرح ترابا بالطريق ليطين به سطحه فزلق به إنسان ضمنه، والقديم لا ضمان لأنه ضروري لتصرف المياه بخلاف الجناح لأنه لاتساع المنفعة. ومنع الجديد كونه ضروريا، إذ يمكنه أن يتخذ لماء السطح بئرا أو يجري الماء في أخدود الجدار من غير إخراج شئ (فإن كان بعضه) أي الميزاب ويصح رجوعه للجناح أيضا بتأويل ما ذكر (في الجدار) وبعضه خارجا عنه (فسقط الخارج) منه كله أو بعضه فأتلف شيئا (فكل الضمان) يجب لأنه تلف بما هو مضمون عليه خاصة (وإن سقط كله) أي الميزاب داخله وخارجه بأن قطع من أصله (فنصفه) أي الضمان يجب (في الأصح) لأن التلف حصل بالداخل في ملكه وهو غير مضمون وبالخارج وهو