مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٤ - الصفحة ٨٥
سقف المسجد أو نصب فيه عمود أو طين جداره أو علق فيه قنديلا فسقط على إنسان أو مال فأهلكه أو فرش فيه حصيرا أو حشيشا فزلق به إنسان فهلك أو دخلت شوكة منه في عينه فذهب بها بصره لم يضمنه، وإن لم يأذن له الإمام لأنه فعله لمصلحة المسلمين. ولو بنى مسجدا في ملكه أو موات فهلك به إنسان أو بهيمة أو سقط جداره على إنسان أو مال فلا ضمان إن كان بإذن الإمام، وإلا فعلى الخلاف السابق، وبناء سقاية على باب داره في الشارع لشرب الناس منها كالحفر في الشارع. (وما تولد من جناح) بفتح جيمه: وهو البارز عن سمت الجدار من خشب أو غيره (إلى شارع فمضمون) سواء أكان يضر أم لا، أذن الإمام فيه أم لا، لأن الارتفاق بالشارع مشروط بسلامة العاقبة، ولو تناهى في الاحتياط فجرت حادثة لا تتوقع أو صاعقة سقط بها وإن قال الإمام في هذه الحالة: لست أرى إطلاق القول بالضمان في ذلك، فإن قيل لو حفر بئرا لمصلحة نفسه بإذن الإمام لم يضمن، فهلا كان هنا كذلك؟. أجيب بأن للإمام الولاية على الشارع مكان إذنه معتبرا حيث لا ضرر، بخلاف الهواء لا ولاية له عليه فلم يؤثر إذنه في عدم الضمان، والدية في الحر والقيمة في الرقيق على العاقلة إن تلفا بذلك، وإن تلف به مال غير رقيق ففي مال المبرز.
تنبيه: المراد يكون مضمونا على ما سيأتي في الميزاب فيضمن الكل بالخارج فقط والنصب بالجميع، وقوله : فمضمون يقتضي الضمان، ولو تولد التلف منه بغير سقوطه أو سقوط بعضه كما إذا صدمه راكب على شئ عال أو سقط منه حيوان كفأرة فتلف بذلك شئ وهو كذلك، وإن قال البلقيني: القياس عدم الضمان ولم أر من تعرض له اه‍. وخرج بالشارع ما لو أخرجه إلى هواء ملكه أو ملك غيره بإذنه فلا ضمان لما تولد منه جزما لعدم تعديه، أو إلى درب منسد ليس فيه مسجد أو نحوه، أو إلى ملك الغير بلا إذن من أهل الدرب أو المالك فالضمان وإن كان عاليا لتعديه بخلافه بالاذن كما لو كان في ملك المخرج، أما إذا كان مسجدا أو نحوه فهو كالشارع كما نبه عليه الأذرعي وغيره، ولو أشرعه إلى ملكه ثم سبل ما تحته شارعا استمر عدم الضمان فلا يضمن ما تولد كما لو استمر ملكه عليه، ولو سبل أرضه المجاورة لداره شارعا، واستثنى لنفسه الاشراع لها ثم أشرع لها، فالظاهر كما قال الدميري لا ضمان. (ويحل) للمسلم (إخراج الميازيب) العالية التي لا تضر بالمارة (إلى شارع) وإن لم يأذن الإمام كالجناح للحاجة الظاهرة إليها، ولما روى الحاكم في مستدركه أن عمر رضي الله تعالى عنه مر تحت ميزاب العباس رضي الله عنه فقطرت عليه قطرات، فأمر بقلعه فقلع فخرج العباس، فقال: أتقلع ميزابا نصبه رسول الله (ص) فقال عمر: والله لا ينصبه إلا من يرقى على ظهري، وانحنى العباس حتى رقي إليه فأعاده إلى موضعه. أما الذمي فقال البلقيني: يمنع كما يمنع إخراج الجناح ، وقد يفرق بأن الجناح يمشي عليه ويقعد وينام فكان أشد من علاء بنائه بخلاف الميزاب، والأرجح أنه لا فرق اه‍.
وهذا هو الظاهر.
تنبيه: جرى المصنف في جميع الميازيب على لغة ترك الهمزة في مفرده وهو ميزاب وهي لغة قليلة، والأفصح في جمعه مآزب بهمزة، ومد جمع مئزاب بهمزة ساكنة، ويقال فيه مرزاب بتقديم الراء على الزاي وعكسه، فلغاته حينئذ أربع (والتالف بها) أو بما سال من مائها (مضمون في الجديد) لأنه ارتفاق بالشارع فجوازه مشروط بسلامة العاقبة كالجناح، وكما لو طرح ترابا بالطريق ليطين به سطحه فزلق به إنسان ضمنه، والقديم لا ضمان لأنه ضروري لتصرف المياه بخلاف الجناح لأنه لاتساع المنفعة. ومنع الجديد كونه ضروريا، إذ يمكنه أن يتخذ لماء السطح بئرا أو يجري الماء في أخدود الجدار من غير إخراج شئ (فإن كان بعضه) أي الميزاب ويصح رجوعه للجناح أيضا بتأويل ما ذكر (في الجدار) وبعضه خارجا عنه (فسقط الخارج) منه كله أو بعضه فأتلف شيئا (فكل الضمان) يجب لأنه تلف بما هو مضمون عليه خاصة (وإن سقط كله) أي الميزاب داخله وخارجه بأن قطع من أصله (فنصفه) أي الضمان يجب (في الأصح) لأن التلف حصل بالداخل في ملكه وهو غير مضمون وبالخارج وهو
(٨٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 80 81 82 83 84 85 86 87 88 89 90 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الجراح 2
2 فصل: في الجناية من اثنين وما يذكر معها 12
3 فصل: في أركان القصاص في النفس، وهي ثلاثة الخ 13
4 فصل: في تغير حال المجروح من وقت الجرح إلى الموت الخ 23
5 فصل: في شروط القصاص في الأطراف والجراحات والمعاني، وفي إسقاط الشجاج الخ 25
6 باب كيفية القصاص ومستوفيه والاختلاف فيه 30
7 فصل: في اختلاف ولي الدم والجاني 38
8 فصل: في مستحق القصاص ومستوفيه 39
9 فصل: في موجب العمد، وفي العفو 48
10 كتاب الديات 53
11 فصل: في موجب ما دون النفس، وهو ثلاثة أقسام الخ 58
12 فصل: تجب الحكومة فيما لا مقدر فيه الخ 77
13 باب موجبات الدية والعاقلة والكفارة 80
14 فصل: فيما يوجب الشركة في الضمان وما يذكر معه 89
15 فصل: في العاقلة، وكيفية تأجيل ما تحمله 95
16 فصل: في جناية الرقيق 100
17 فصل: في دية الجنين 103
18 فصل: في كفارة القتل التي هي من موجباته 107
19 كتاب دعوى الدم والقسامة 109
20 فصل: فيما يثبت موجب القصاص وموجب المال من إقرار وشهادة 118
21 كتاب البغاة 123
22 فصل: في شروط الإمام الأعظم الخ 129
23 كتاب الردة 133
24 كتاب الزنا 143
25 كتاب حد القذف 155
26 كتاب قطع السرقة 158
27 فصل: فيما لا يمنع القطع وما يمنعه الخ 170
28 فصل: في شروط السارق الخ 174
29 باب قاطع الطريق 180
30 فصل: في اجتماع عقوبات في غير قاطع الطريق 184
31 كتاب الأشربة 186
32 فصل: في التعزير 191
33 كتاب الصيال وضمان الولاة 194
34 فصل: في ضمان ما تتلفه البهائم 204
35 كتاب السير 208
36 فصل: فيما يكره من الغزو الخ 220
37 فصل: في حكم ما يؤخذ من أهل الحرب 227
38 فصل: في الأمان 236
39 كتاب الجزية 242
40 فصل: في أقل الجزية دينار لكل سنة 248
41 فصل: في أحكام عقد الجزية الزائدة على ما مر 253
42 باب الهدنة 260
43 كتاب الصيد والذبائح 265
44 فصل: يحل ذبح حيوان مقدور عليه الخ 273
45 فصل: فيما يملك به الصيد وما يذكر معه 278
46 كتاب الأضحية 282
47 فصل: في العقيقة 293
48 كتاب الأطعمة 297
49 كتاب المسابقة والمناضلة 311
50 كتاب الايمان 320
51 فصل: في صفة كفارة اليمين 327
52 فصل: في الحلف على السكنى والمساكنة الخ 329
53 فصل: في الحلف على أكل أو شرب الخ 335
54 فصل: في مسائل منثورة 342
55 فصل: في الحلف على أن لا يفعل كذا 350
56 كتاب النذر 354
57 فصل: في نذر حج أو عمرة أو هدي أو غيرها 362
58 كتاب القضاء 371
59 فصل: فيما يعرض للقاضي مما يقتضي عزله الخ 380
60 فصل: في آداب القضاء وغيرها 385
61 فصل: في التسوية بين الخصمين 400
62 باب القضاء على الغائب 406
63 فصل: في بيان الدعوى بعين غائبة أو غيرها الخ 411
64 فصل: في ضابط الغائب المحكوم عليه الخ 414
65 باب القسمة 418
66 كتاب الشهادات 426
67 فصل: في بيان ما يعتبر فيه شهادة الرجال الخ 440
68 فصل: في تحمل الشهادة وأدائها وكتابة الصك 450
69 فصل: في جواز تحمل الشهادة على الشهادة وأدائها 452
70 فصل: في رجوع الشهود عن شهادتهم 456
71 كتاب الدعوى والبينات 461
72 فصل: فيما يتعلق بجواب المدعى عليه 468
73 فصل: في كيفية الحلف والتغليظ فيه الخ 472
74 فصل: في تعارض البينتين مع شخصين 480
75 فصل: في اختلاف المتداعيين في العقود وغيرها 485
76 فصل: في شروط القائف 488
77 كتاب العتق 491
78 فصل: في العتق بالبعضية 499
79 فصل: في الاعتاق في مرض الموت الخ 502
80 فصل: في الولاء 506
81 كتاب التدبير 509
82 فصل: في حكم حمل المدبرة والمعلق عتقها الخ 513
83 كتاب الكتابة 516
84 فصل: فيما يلزم السيد بعد الكتابة الخ 521
85 فصل: في لزوم الكتابة وجوازها الخ 528
86 فصل: في مشاركة الكتابة الفاسدة الصحيحة ومخالفتها لها 532
87 كتاب أمهات الأولاد 538
88 التعريف بالامام النووي 545
89 التعريف بالامام الشربيني الخطيب 548