فهو المباشر لاهلاك نفسه باختياره. تنبيه: المراد بالضمان الدية، وهي دية شبه عمد. أما القصاص فلا يجب في الأظهر كما ذكره في أول الجراح ، وخرج بدعاء ما لو دخل بغير إذنه فسقط فيها ومات فلا ضمان، وظاهر أنه يضمن فيما لو أكرهه على الدخول، وأفهم قوله رجلا اعتبار التكليف في الداخل. أما غير المكلف فيجئ فيه ما سبق في الضيافة بطعام مسموم، حتى لو كان غير مميز ضمنه قطعا. قال البلقيني: بل يجب القصاص عند التكافؤ (أو) حفر (بملك غيره) بلا إذنه (أو) بملك (مشترك) بينه وبين غيره (بلا إذن) من شريكه (فمضمون) حفره في المسألتين لتعديه، ولو ذكر هذا عقب قوله سابقا: ويضمن بحفر بئر عدوان لكان أولى، لأنه مثال له، وقد مثلت له به (أو) حفر (بطريق ضيق يضر المارة فكذا) يجب ضمان ما تلف بها، وإن أذن الإمام إذ ليس له أن يأذن فيما يضر (أو لا يضر) المارة لسعة الطريق أو لانحراف البئر عن الجادة (وأذن الإمام) في الحفر (فلا ضمان) فيه إن حفره لمصلحة المسلمين على المذهب، وكذا لمصلحة نفسه على الأصح لعدم التعدي.
تنبيه: أفهم كلامه كغيره اعتبار إذن الإمام قبل الحفر، وليس مرادا، بل لو حفر بغير إذن الإمام وأقره عليه فإنه لا يضمن كما لو حفره ابتداء بإذنه كما صرح به الجرجاني ونقله غيره عن الأكثرين، وأفهم أيضا أن الاذن خاص بالإمام، لكن قال العبادي وغيره أن للقاضي الاذن في بناء مسجد واتخاذ سقاية بطريق واسع حيث لم يضر المارة (وإلا) بأن لم يأذن الإمام في الحفر بل استقل هو به (فإن حفر لمصلحته) هو فقط (فالضمان) إن لم يقره الإمام كما مر لافتياته عليه (أو) حفره (لمصلحة عامة) كالحفر للاستقاء أو لاجتماع ماء المطر (فلا) ضمان فيه (في الأظهر) لما فيه من المصلحة العامة، وقد تعسر مراجعة الإمام في مثله، والثاني يضمن إذ النظر في المصالح العامة للإمام، وخص الماوردي الخلاف بما إذا أحكم رأسها فإن لم يحكمها وتركها مفتوحة ضمن مطلقا، ومحله أيضا ما إذا لم ينهه عنه الإمام ولم يقصر، فإن نهاه فحفر ضمن كما قاله أبو الفرج الزاز لافتياته على الإمام حينئذ، أو قصر كأن كان الحفر في أرض خوارة ولم يطؤها، ومثلها ينهار إذا لم يطو، أو خالف العادة في سعتها ضمن وإن أذن الإمام، نبه عليه الرافعي في الكلام على التصرف في الاملاك.
تنبيه: ولو وقع شخص في بئر أو نحوه فوقع عليه آخر عمدا بغير جذب فقتله اقتص منه إن قتل مثله مثله غالبا لضخامته أو عمق البئر أو نحو ذلك كما لو رماه بحجر فقتله، فإن مات الآخر فالضمان في ماله، وإن لم يقتل مثله مثله غالبا فشبه عمد، وإن سقط عليه خطأ بأن لم يختر الوقوع أو لم يعلم وقوع الأول ومات بثقله عليه وبانصدامه بالبئر فنصف الدية على عاقلته لورثة الأول، والنصف الآخر على عاقلة الحافر إن كان الحفر عدوانا لأنه مات بوقوعه في البئر وبوقوع الثاني عليه، وإن لم يكن الحفر عدوانا هدر، وإذا غرم عاقلة الثاني في صورة الحفر عدوانا رجعوا بما غرموا على عاقلة الحافر، لأن الثاني غير مختار في وقوعه عليه، بل ألجأه الحافر إليه فهو كالمكره له على إتلاف مال بل أولى لانتفاء قصده هنا بالكلية. ولو نزل الأول البئر ولم ينصدم ووقع عليه آخر فكل ديته على عاقلة الثاني، وإن مات الثاني فضمانه على عاقلة الحافر المتعدي بحفره لا إن ألقى نفسه في البئر عمدا فلا ضمان فيه لأنه القاتل لنفسه (ومسجد) في الحفر فيه (كطريق) في حفر بئر فيه على التفصيل السابق جزما وخلافا.
تنبيه: قضية إطلاقه أنه يجوز أن يحفر فيه بئرا لمصلحة نفسه خاصة بإذن الإمام وهو كذلك، وإن قال البلقيني : هذا لا يقوله أحد. ففي زوائد الروضة في آخر باب شروط الصلاة نقلا عن الصيمري أنه يكره حفر البئر في المسجد ولم يفرق فيه بين أن يكون للمصلحة العامة أو لمصلحة نفسه على التفصيل السابق. وإذا قلنا بجوازه لم يضمن ما تلف فيه، وإن بحث الزركشي الضمان لعدم تعديه. ومعلوم أنه لا بد أن يكون الحفر لا يمنع الصلاة في تلك البقعة إما لسعة المسجد أو نحوها، وأن لا يتشوش الداخلون إلى المسجد بسبب الاستقاء، وأن لا يحصل به للمسجد ضرر.
ولو بنى