بل الواجب قيمته يوم التلف على قياس سائر قيم المتقومات، ولا تغليظ في قتل الجنين بالحرم كما يقتضيه إطلاقهم وصرح به الشيخ أبو حامد وإن كان مقتضى النص خلافه، ولا تغليظ في الحكومات كما نقله الزركشي عن تصريح الماوردي وإن كان مقتضى كلام الشيخين خلافه، وتقييد المصنف القتل بالخطأ إشارة إلى أن التغليظ إنما يظهر فيه. أما إذا كان عمدا أو شبه عمد فلا يتضاعف بالتغليظ، ولا خلاف فيه كما قاله العمراني، لأن الشئ إذا انتهى بنهايته في التغليظ لا يقبل التغليظ كالايمان في القسامة، ونظيره المكبر لا يكبر كعدم التثليث في غسلات الكلب، قاله الدميري والزركشي.
فرع: الصبي والمجنون لو كانا مميزين وقتلا في الأشهر الحرم أو ذا رحم محرم، قال ابن الرفعة: لم أر في التغليظ عليهما بالتثليث نقلا فيحتمل أن يقال به، ويحتمل أن لا يغلظ، لأن التغليظ يلحق الخطأ بشبه العمد، وليس لهما شبه عمد فالملتحق أولى بالعدم، والاحتمال الأول أظهر، وقوله: ليس لهما شبه عمد ممنوع، لأنهما إذا قصد الفعل والشخص بما لا يقتل غالبا يكون شبه عمد. (والخطأ إن تثلث) كما سبق (فعلى العاقلة) ديته (مؤجلة) عليها، وإذا كانت عليها وهي مثلثة فغير المثلثة أولى. وسيأتي بيان العاقلة والتأجيل والدليل عليه في باب عقب هذا (والعمد) ديته (على الجاني معجلة) عليه في ماله كسائر أبدال المتلقات (وشبه العمد) ديته (مثلثة على العاقلة مؤجلة) فهي مخففة من وجهين: مغلظة من وجه، وهو التثليث. أما التثليث: فلما روى أبو داود عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده:
أن النبي (ص) قال عقل شبه العمد مثل عقل العمد لا يقتل صاحبه وأما كونها على العاقلة ومؤجلة فلما سيأتي في بابها، ولما كان شبه العمد مترددا بين الخطأ والعمد أعطي حكم هذا من وجه.
تنبيه: يجوز في قوله: معجلة ومؤجلة الرفع والنصب (ولا يقبل) في إبل الدية (معيب) بما يثبت الرد في العيب (و) لا (مريض) وإن كانت إبل من لزمته معيبة، لأن الشرع أطلقها فاقتضت السلامة، وخالف ذلك الزكاة لتعلقها بعين المال والكفارة، لأن مقصودها تخليص الرقبة من الرق لتستقل، فاعتبر فيها السلامة مما يؤثر في العمل والاستقلال.
تنبيه: عطف المريض على المعيب من عطف الخاص على العام، أو لبقي توهم أخذه كما في زكاة المال فإنه قال هناك: ولا تؤخذ مريضة ولا معيبة إلا عن مثلهما (إلا برضاء) أي المستحق بذلك إذا كان أهلا للتبرع لأن الحق له فله إسقاطه (ويثبت حمل الخلفة) المأخوذة من الدية (بأهل خبرة) بذلك: أي بعدلين منهم عند إنكار المستحق حملها إلحاقا له بالتقويم، وإذا أخذها المستحق بقولهما أو بتصديق المستحق على حملها ثم ماتت عند المستحق وشق جوفها فبانت حائلا وغرمها وأخذ بدلها حاملا كما لو خرج المسلم فيه على غير الصفة المشروطة، فإن تنازعا في الحمل بعد موتها وقبل شق جوفها شق ليعرف، فيترتب عليه ذلك، فإن ادعى الدافع إسقاط الحمل، كأن قال: أسقطت عندك، وقال المستحق: لم يكن بها حمل وأمكن الاسقاط صدق الدافع أن أخذها المستحق بقول خبيرين لتأيد قوله بأهل الخبرة، فإن لم يمكن ذلك أو أمكن وأخذها المستحق بقول الدافع مع تصديقه له صدق المستحق بلا يمين في الأولى، وبيمين في الثانية، لأن الظاهر معه (والأصح) وفي الروضة الأظهر (إجزاؤها) أي الخلفة (قبل خمس سنين) لصدق الاسم عليها وإن كان الغالب أن الناقة لا تحمل قبلها، والثاني اعتبر الغالب.
تنبيه: محل الخلاف عند عدم الرضا، فإن رضى بأخذها جاز قطعا (ومن لزمته) دية من جان أو عاقلة (وله إبل فمنها) تؤخذ الدية ولا يكلف غيرها لأنها تؤخذ على سبيل المواساة فكانت مما عنده كما تجب الزكاة في نوع النصاب (وقيل من غالب إبل بلده) أو قبيلته إن كانت إبله من غير ذلك لأنها عوض متلف، واعتباره بملك المتلف بعيد، ورجح هذا الإمام. فإن كانت إبله من الغالب أخذت منها قطعا (وإلا) بأن لم يكن له إبل (فغالب)