مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٤ - الصفحة ٥٥
بل الواجب قيمته يوم التلف على قياس سائر قيم المتقومات، ولا تغليظ في قتل الجنين بالحرم كما يقتضيه إطلاقهم وصرح به الشيخ أبو حامد وإن كان مقتضى النص خلافه، ولا تغليظ في الحكومات كما نقله الزركشي عن تصريح الماوردي وإن كان مقتضى كلام الشيخين خلافه، وتقييد المصنف القتل بالخطأ إشارة إلى أن التغليظ إنما يظهر فيه. أما إذا كان عمدا أو شبه عمد فلا يتضاعف بالتغليظ، ولا خلاف فيه كما قاله العمراني، لأن الشئ إذا انتهى بنهايته في التغليظ لا يقبل التغليظ كالايمان في القسامة، ونظيره المكبر لا يكبر كعدم التثليث في غسلات الكلب، قاله الدميري والزركشي.
فرع: الصبي والمجنون لو كانا مميزين وقتلا في الأشهر الحرم أو ذا رحم محرم، قال ابن الرفعة: لم أر في التغليظ عليهما بالتثليث نقلا فيحتمل أن يقال به، ويحتمل أن لا يغلظ، لأن التغليظ يلحق الخطأ بشبه العمد، وليس لهما شبه عمد فالملتحق أولى بالعدم، والاحتمال الأول أظهر، وقوله: ليس لهما شبه عمد ممنوع، لأنهما إذا قصد الفعل والشخص بما لا يقتل غالبا يكون شبه عمد. (والخطأ إن تثلث) كما سبق (فعلى العاقلة) ديته (مؤجلة) عليها، وإذا كانت عليها وهي مثلثة فغير المثلثة أولى. وسيأتي بيان العاقلة والتأجيل والدليل عليه في باب عقب هذا (والعمد) ديته (على الجاني معجلة) عليه في ماله كسائر أبدال المتلقات (وشبه العمد) ديته (مثلثة على العاقلة مؤجلة) فهي مخففة من وجهين: مغلظة من وجه، وهو التثليث. أما التثليث: فلما روى أبو داود عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده:
أن النبي (ص) قال عقل شبه العمد مثل عقل العمد لا يقتل صاحبه وأما كونها على العاقلة ومؤجلة فلما سيأتي في بابها، ولما كان شبه العمد مترددا بين الخطأ والعمد أعطي حكم هذا من وجه.
تنبيه: يجوز في قوله: معجلة ومؤجلة الرفع والنصب (ولا يقبل) في إبل الدية (معيب) بما يثبت الرد في العيب (و) لا (مريض) وإن كانت إبل من لزمته معيبة، لأن الشرع أطلقها فاقتضت السلامة، وخالف ذلك الزكاة لتعلقها بعين المال والكفارة، لأن مقصودها تخليص الرقبة من الرق لتستقل، فاعتبر فيها السلامة مما يؤثر في العمل والاستقلال.
تنبيه: عطف المريض على المعيب من عطف الخاص على العام، أو لبقي توهم أخذه كما في زكاة المال فإنه قال هناك: ولا تؤخذ مريضة ولا معيبة إلا عن مثلهما (إلا برضاء) أي المستحق بذلك إذا كان أهلا للتبرع لأن الحق له فله إسقاطه (ويثبت حمل الخلفة) المأخوذة من الدية (بأهل خبرة) بذلك: أي بعدلين منهم عند إنكار المستحق حملها إلحاقا له بالتقويم، وإذا أخذها المستحق بقولهما أو بتصديق المستحق على حملها ثم ماتت عند المستحق وشق جوفها فبانت حائلا وغرمها وأخذ بدلها حاملا كما لو خرج المسلم فيه على غير الصفة المشروطة، فإن تنازعا في الحمل بعد موتها وقبل شق جوفها شق ليعرف، فيترتب عليه ذلك، فإن ادعى الدافع إسقاط الحمل، كأن قال: أسقطت عندك، وقال المستحق: لم يكن بها حمل وأمكن الاسقاط صدق الدافع أن أخذها المستحق بقول خبيرين لتأيد قوله بأهل الخبرة، فإن لم يمكن ذلك أو أمكن وأخذها المستحق بقول الدافع مع تصديقه له صدق المستحق بلا يمين في الأولى، وبيمين في الثانية، لأن الظاهر معه (والأصح) وفي الروضة الأظهر (إجزاؤها) أي الخلفة (قبل خمس سنين) لصدق الاسم عليها وإن كان الغالب أن الناقة لا تحمل قبلها، والثاني اعتبر الغالب.
تنبيه: محل الخلاف عند عدم الرضا، فإن رضى بأخذها جاز قطعا (ومن لزمته) دية من جان أو عاقلة (وله إبل فمنها) تؤخذ الدية ولا يكلف غيرها لأنها تؤخذ على سبيل المواساة فكانت مما عنده كما تجب الزكاة في نوع النصاب (وقيل من غالب إبل بلده) أو قبيلته إن كانت إبله من غير ذلك لأنها عوض متلف، واعتباره بملك المتلف بعيد، ورجح هذا الإمام. فإن كانت إبله من الغالب أخذت منها قطعا (وإلا) بأن لم يكن له إبل (فغالب)
(٥٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59 60 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الجراح 2
2 فصل: في الجناية من اثنين وما يذكر معها 12
3 فصل: في أركان القصاص في النفس، وهي ثلاثة الخ 13
4 فصل: في تغير حال المجروح من وقت الجرح إلى الموت الخ 23
5 فصل: في شروط القصاص في الأطراف والجراحات والمعاني، وفي إسقاط الشجاج الخ 25
6 باب كيفية القصاص ومستوفيه والاختلاف فيه 30
7 فصل: في اختلاف ولي الدم والجاني 38
8 فصل: في مستحق القصاص ومستوفيه 39
9 فصل: في موجب العمد، وفي العفو 48
10 كتاب الديات 53
11 فصل: في موجب ما دون النفس، وهو ثلاثة أقسام الخ 58
12 فصل: تجب الحكومة فيما لا مقدر فيه الخ 77
13 باب موجبات الدية والعاقلة والكفارة 80
14 فصل: فيما يوجب الشركة في الضمان وما يذكر معه 89
15 فصل: في العاقلة، وكيفية تأجيل ما تحمله 95
16 فصل: في جناية الرقيق 100
17 فصل: في دية الجنين 103
18 فصل: في كفارة القتل التي هي من موجباته 107
19 كتاب دعوى الدم والقسامة 109
20 فصل: فيما يثبت موجب القصاص وموجب المال من إقرار وشهادة 118
21 كتاب البغاة 123
22 فصل: في شروط الإمام الأعظم الخ 129
23 كتاب الردة 133
24 كتاب الزنا 143
25 كتاب حد القذف 155
26 كتاب قطع السرقة 158
27 فصل: فيما لا يمنع القطع وما يمنعه الخ 170
28 فصل: في شروط السارق الخ 174
29 باب قاطع الطريق 180
30 فصل: في اجتماع عقوبات في غير قاطع الطريق 184
31 كتاب الأشربة 186
32 فصل: في التعزير 191
33 كتاب الصيال وضمان الولاة 194
34 فصل: في ضمان ما تتلفه البهائم 204
35 كتاب السير 208
36 فصل: فيما يكره من الغزو الخ 220
37 فصل: في حكم ما يؤخذ من أهل الحرب 227
38 فصل: في الأمان 236
39 كتاب الجزية 242
40 فصل: في أقل الجزية دينار لكل سنة 248
41 فصل: في أحكام عقد الجزية الزائدة على ما مر 253
42 باب الهدنة 260
43 كتاب الصيد والذبائح 265
44 فصل: يحل ذبح حيوان مقدور عليه الخ 273
45 فصل: فيما يملك به الصيد وما يذكر معه 278
46 كتاب الأضحية 282
47 فصل: في العقيقة 293
48 كتاب الأطعمة 297
49 كتاب المسابقة والمناضلة 311
50 كتاب الايمان 320
51 فصل: في صفة كفارة اليمين 327
52 فصل: في الحلف على السكنى والمساكنة الخ 329
53 فصل: في الحلف على أكل أو شرب الخ 335
54 فصل: في مسائل منثورة 342
55 فصل: في الحلف على أن لا يفعل كذا 350
56 كتاب النذر 354
57 فصل: في نذر حج أو عمرة أو هدي أو غيرها 362
58 كتاب القضاء 371
59 فصل: فيما يعرض للقاضي مما يقتضي عزله الخ 380
60 فصل: في آداب القضاء وغيرها 385
61 فصل: في التسوية بين الخصمين 400
62 باب القضاء على الغائب 406
63 فصل: في بيان الدعوى بعين غائبة أو غيرها الخ 411
64 فصل: في ضابط الغائب المحكوم عليه الخ 414
65 باب القسمة 418
66 كتاب الشهادات 426
67 فصل: في بيان ما يعتبر فيه شهادة الرجال الخ 440
68 فصل: في تحمل الشهادة وأدائها وكتابة الصك 450
69 فصل: في جواز تحمل الشهادة على الشهادة وأدائها 452
70 فصل: في رجوع الشهود عن شهادتهم 456
71 كتاب الدعوى والبينات 461
72 فصل: فيما يتعلق بجواب المدعى عليه 468
73 فصل: في كيفية الحلف والتغليظ فيه الخ 472
74 فصل: في تعارض البينتين مع شخصين 480
75 فصل: في اختلاف المتداعيين في العقود وغيرها 485
76 فصل: في شروط القائف 488
77 كتاب العتق 491
78 فصل: في العتق بالبعضية 499
79 فصل: في الاعتاق في مرض الموت الخ 502
80 فصل: في الولاء 506
81 كتاب التدبير 509
82 فصل: في حكم حمل المدبرة والمعلق عتقها الخ 513
83 كتاب الكتابة 516
84 فصل: فيما يلزم السيد بعد الكتابة الخ 521
85 فصل: في لزوم الكتابة وجوازها الخ 528
86 فصل: في مشاركة الكتابة الفاسدة الصحيحة ومخالفتها لها 532
87 كتاب أمهات الأولاد 538
88 التعريف بالامام النووي 545
89 التعريف بالامام الشربيني الخطيب 548