بالايضاح، ولو رفع الجاني الحاجز في الصورة الأولى بينهما أو تأكل قبل الاندمال عاد الارشان إلى واحد على الأصح وكان كما لو أوضح في الابتداء موضحة واسعة، ولو أدخل الحديدة ونفذها من إحداهما إلى الأخرى في الداخل ثم سلها ففي تعدد الموضحة وجهان أقربهما عدم التعدد، ولو كثرت الموضحات تعدد الأرش بحسبها ولا ضبط، وقيل: لا يجب أكثر من دية النفس كما قيل به فيما لو استوعب الأسنان قلعا. الثاني من أسباب التعدد ما ذكر بقوله: ولو انقسمت موضحته عمدا أو خطأ أو شبه عمد أو قصاصا وعدوانا فموضحتان على الصحيح كما سيأتي لاختلاف الحكم. الثالث من أسباب التعدد ما ذكره بقوله: (أو شملت) بكسر الميم في الأفصح (رأسا ووجها فموضحتان) على الصحيح لاختلاف المحل فقوله: فموضحتان راجع لكل من المسألتين، وكذا قوله: (وقيل موضحة) نظرا للصورة.
تنبيه: نصب عمدا وخطأ: إما على نزع الخافض أو على المفعول المطلق نيابة عن المصدر: أي موضحة عمدا أو خطأ. واحترز بقوله رأسا ووجها عن شمولها رأسا وقفا فيلزمه مع موضحة الرأس حكومة القفا، وعن شمولها الجبهة والوجه فالمذهب الاتحاد، وقد يوهم كلامه شمول الموضحة لكل من الرأس والوجه مع أنه ليس بقيد، فإن الحكم كذلك لو أوضح بعض الرأس وبعض الوجه (ولو وسع) الجاني (موضحته) مع اتحاد الحكم (فواحدة على الصحيح) كما لو أوضح أولا كذلك، والثاني وهو احتمال للإمام لا وجه منقول ثنتان لأن التوسعة إيضاح ثان، أما مع اختلاف الحكم فتعدد كما علم من قوله: ولو انقسمت موضحته عمدا وخطأ. الرابع من أسباب التعدد ما ذكره بقوله : (أو غيره فثنتان) لأن فعل الانسان لا ينبني على فعل غيره كما لو قطع يد رجل وحز آخر رقبته، فإن على كل منهما جنايته، نعم لو كان الموسع مأمورا للموضح أولا وكان غير مميز فالأوجه عدم التعدد لأنه كالآلة وإن لم يصرحوا به هنا.
تنبيه: قوله أو غيره يجوز فيه الرفع أي وسعها غيره وهو ما في المحرر. ونقل عن خط المصنف أنه ضبطه بالفتح والكسر، فالكسر عطف على الضمير المجرور في موضحته: أي وسع موضحة غيره فحذف وبقي المضاف إليه على حاله وهو ماش على ما اختاره شيخه ابن مالك تبعا للكوفيين من أنه لا يحتاج في العطف على مجرور إعادة الجار خلافا للبصريين والفتح على حذف المضاف وإعطاء إعرابه المضاف إليه كقوله تعالى * (واسئل القرية) * أي أهلها.
فرع: لو اشترك اثنان في موضحة وعفا على مال هل يلزم كل واحد أرش كامل أو عليهما أرش واحد كما لو اشتركا في قتل النفس، فإن عليهما دية واحدة؟ وجهان: أوجههما الأول كما جرى عليه صاحب الأنوار، ويتفرع على ذلك ما لو أوضحا موضحتين مشتركين فيهما ثم رفع أحدهما الحاجز قبل الاندمال، فإن الموضحة تتحد في حقه، فإن قلنا بالتعدد فعلى الرافع أرش كامل وعلى غيره أرشان، وإن قلنا بعدمه لزم الرافع نصف أرش ولزم صاحبه أرش كامل وجرى على هذا ابن المقري (والجائفة كموضحة في) الاتحاد وفي (التعدد) المتقدم صورة وحكما ومحلا وفاعلا وفي رفع الحاجز بين الجائفتين. نعم يشترط في وجوب أرش الجائفة على من وسع جائفة غيره أن يوسع الظاهر والباطن بخلاف الموضحة في ذلك، فلو أدخل سكينا في جائفة غيره ولم يقطع شيئا فلا ضمان ويعزر، وإن زاد في غورها وكان قد ظهر عضو باطن كالكبد فغور السكين فيه فعليه الحكومة، وإن قطع شيئا من الظاهر دون الباطن أو بالعكس فعليه حكومة، وإن قطع من جانب بعض الظاهر ومن جانب بعض الباطن ففي التتمة أنه ينظر في ثخانة اللحم والجلد ويقسط أرش الجناية على المقطوع من الجانبين، وقد يقتضي التقسيط تمام الأرش بأن يقطع نصف الظاهر من جانب ونصف الباطن من جانب وأقره الشيخان (ولو) طعنه بآلة طعنة (نفذت في بطن وخرجت من ظهر) أو عكسه أو نفذت من جنب وخرجت من جنب (فجائفتان في الأصح) المنصوص في الام اعتبارا للخارجة بالداخلة، وقد قضى أبو بكر رضي الله تعالى عنه في رجل رمى رجلا بسهم فأنفذه بثلثي الدية، وقضى به عمر رضي الله تعالى عنه،