أي فتؤخذ من غالب إبل (قبيلة بدوي) لأنها بدل متلف فوجب فيها البدل الغالب كما في قيمة المتلفات (وإلا) بأن لم يكن في البلدة أو القبيلة إبل بصفة الاجزاء (فأقرب) أي فيؤخذ من غالب إبل أقرب (بلاد) أي أقرب قبائل إلى موضع المؤدي فيلزمه نقلها كما في زكاة الفطر ما لم تبلغ مؤونة نقلها مع قيمتها أكثر من ثمن المثل بلد أو قبيلة العدم فإنه لا يجب حينئذ نقلها، وهذا ما جرى عليه ابن المقري، وهو أحسن من الضبط بمسافة القصر (و) إذا وجب نوع من الإبل (لا يعدل) عنه (إلى نوع) من غير ذلك الواجب (و) لا إلى (قيمة) عنه (إلا بتراض) من المؤدي والمستحق.
تنبيه: ظاهر إطلاقه أنه لا فرق بين أن يعدل إلى نوع مثلها أو دونها أو فوقها، وهو ما صرحا به في الشرح والروضة، وقيل يجبر على الاعلى، وجرى عليه الماوردي وغيره، وتقدم في الصلح أنه لا يجوز الصلح عن إبل الدية بالتراضي لجهالتها، وحمل ابن الرفعة ما هناك على ما إذا كانت مجهولة الصفة، وما هنا على ما إذا كانت معلومتها، وهو حسن، وما تقرر من أنها إنما تؤخذ من غالب إبل محله عند عدم إبله هو ما في المهذب والبيان وغيرهما، والذي في الروضة ونقله أصلها عن التهذيب التخيير بينهما، وما جرى عليه المصنف هنا أوجه، وجرى عليه شيخنا في منهجه، وظاهر ما تقرر أن إبله لو كانت معيبة أخذت الدية من غالب إبل محله. قال الزركشي وغيره: وليس كذلك، بل يتعين نوع إبله سليما كما قطع به الماوردي ونص عليه في الام، ولو اختلفت أنواع إبله أخذ من الأكثر، فإن استوت فمما شاء الدافع، وكذا لو اختلفت أنواع إبل محله (ولو عدمت) إبل الدية حسا بأن لم توجد في موضع يجب تحصيلها منه، أو شرعا بأن وجدت فيه بأكثر من ثمن مثلها (فالقديم) الواجب (ألف دينار) على أهل الدنانير (أو اثنا عشر ألف درهم) فضة على أهل الدراهم لحديث على أهل الذهب ألف دينار، وعلى أهل الورق اثنا عشر ألف درهم صححه ابن حبان والحاكم من حديث عمرو بن حزم.
تنبيه: قضية كلام المصنف تخيير الجاني بين الذهب والدراهم، وهو رأي الإمام، والذي عليه الجمهور ما قدرته في كلامه والحديث يدل عليه، ولو كان الواجب دية مغلظة كأن قتل في الحرم أو عمدا هل يزاد له التغليظ؟ فيه وجهان: أصحهما لا، لأن التغليظ في الإبل إنما ورد بالسن والصفة لا بزيادة العدد، وذلك لا يوجد في الدراهم والدنانير، وهذا أحد ما احتج به على فساد القول القديم (والجديد) الواجب (قيمتها) أي الإبل وقت وجوب تسليمها بالغة ما بلغت لأنها بدل متلف فيرجع إلى قيمتها عند إعواز أصله وتقوم (بنقد بلده) الغالب، لأنه أقرب من غيره وأضبط فإن كان فيه نقدان فأكثر لا غالب فيهما تخير الجاني بينهما.
تنبيه: قوله: بنقد بلده قال ابن النقيب: لم أدر أي بلد هو، أبلد الجاني أم بلد المجني عليه أم الولي القابض أم الذي يجب التحصيل منه؟ لم أر تصريحا بشئ منه. وقال البلقيني: كلامه يوهم أن المراد بلد من لزمته كما سبق في قوله: وإلا فغالب إبل بلده، وليس كذلك، فالمراد هنا بلد العدم المفهوم من قوله: ولو عدمت اه. والمراد المحل الذي يجب التحصيل منه لو كانت موجودة فيه لأنها بدل متلف، ويراعى صفتها في التغليظ (وإن وجد بعض) من الإبل الواجبة (أخذ) الموجود منها (وقيمة الباقي) كما لو وجب له على إنسان مثل ووجد بعض المثل فإنه يأخذه وقيمة الباقي.
تنبيه: محل ذلك ما إذا لم يمهل المستحق، فإن قال: أنا أصبر حتى توجد الإبل لزم الدافع امتثاله لأنها الأصل، فإن أخذت القيمة ثم وجدت الإبل وأراد رد القيمة ليأخذ الإبل لم يجب لذلك لانفصال الامر بالأخذ، بخلاف ما لو وجدت قبل قبض القيمة فإن الإبل تتعين كما صرح به سليم وغيره تبعا لنص المختصر (والمرأة والخنثى) المشكل