المال إلا به أنه لو كان مقرا ممتنعا أو منكرا وله عليه بينة أنه ليس له ذلك، وهو كذلك، فقول الأذرعي: كنت أود أن لو خصص ذلك بما إذا لم يجد سبيلا إلى الاخذ بالحاكم كما في صورة الجحود وعدم البينة، أما إذا كان له بينة ، وقدر على خلاص حقه بحاكم ففيه بعد لأن الاخذ بالحاكم عند المكنة أسهل وأخف كلفة من نقب الجدار وكسر الباب، وقد تقرر أن الصائل يدفع بالأسهل فالأسهل اه. لا يحتاج إليه.
فرع: لو غصب منه نجاسة يختص بها كجلد ميتة وسرجين وكلب معلم وجحده، فظاهر كلام الأصحاب أنه لا يكسر بابا ولا ينقب جدارا لأنهم إنما تكلموا في الأموال خاصة، نبه على ذلك الدميري. (ثم المأخوذ من جنسه) إلى الحق (يتملكه) بدلا عن حقه.
تنبيه: التعبير بالتملك وقع في الشرحين والروضة، وهو يقتضي أنه لا يملك بنفس الاخذ، بل لا بد من إحداث تملك.
والذي صرح به القاضي والبغوي واقتضاء كلام غيرهما أنه يملكه بمجرد الاخذ، واعتمده الأسنوي ووجهه بأنه إنما يجوز لمن يقصد أخذ حقه، وإذا وجد القصد مقارنا كفى ولا حاجة إلى اشتراطه بعد ذلك اه. وجمع شيخنا بين الكلامين بأن كلام هؤلاء محمول على ما إذا كان المأخوذ على صفة حقه، أي أو دونه كأخذ الدراهم المكسرة عن الصحيحة، وكلام الشيخين على ما إذا كان بغير صفته، أي كأخذ الدراهم الصحاح عن المنكسرة، فإنه حينئذ كغير الجنس، وهو جمع حسن. (و) المأخوذ (من غيره) أي جنس حقه، أي أو أعلى من صفته، (يبيعه) بنفسه مستقلا للحاجة، وله أن يوكل فيه كما ذكره في الروضة في آخر الطلاق. (وقيل: يجب رفعه إلى قاض يبيعه) لأنه لا يتصرف في مال غيره لنفسه.
تنبيه: محل الخلاف ما إذا لم يطلع على الحال، فإن اطلع عليه لم يبعه إلا بإذنه جزما. ومحله أيضا إذا لم يقدر على بينة، وإلا فلا يستقل مع وجودها كما هو قضية كلام أصل الروضة. وبحثه بعضهم، قال: بل هي أولى من علم القاضي لأن الحكم بعلمه مختلف فيه بخلافها. وخص صاحب الذخائر وغيره الخلاف به ببيعه للغير. أما لو أراد بيعه من نفسه، فلا يجوز قطعا، ولأنه لأجل امتناع تولي الطرفين. وهو لا يجوز في غير الأب والجد، ولا يتملكه على الصحيح، لأن امتناع من عليه الحق يسلطه على البيع كما يسلطه على الاخذ، فإذا باعه فليبعه بنقد البلد ثم يشتري به جنس حقه إن لم يكن نقد البلد. (والمأخوذ مضمون عليه) أي الآخذ، (في الأصح، فيضمنه إن تلف قبل تملكه وبيعه) بالأكثر من قيمته من حين أخذه إلى حين تلفه كالغاصب، لأنه أخذه بغير إذن المالك لغرض نفسه، بل أولى من المستام لعدم إذن المالك، ولان المضطر إذا أخذ ثوب غيره لدفع الحر وتلف في يده ضمنه فكذا هنا. والثاني: لا يضمنه من غير تفريط، لأنه أخذه للتوثق، والتوصل إلى الحق كالمرتهن، وإذن الشارع في الاخذ يقوم مقام إذن المالك. وعلى الأول ينبغي أن يبادر إلى بيع ما أخذه بحسب الامكان، فإن قصر فنقصت قيمته ضمن النقصان، ولو انخفضت القيمة وارتفعت وتلف فهي مضمونة عليه بالأكثر.
تنبيه: محل الخلاف كما قاله الماوردي و الروياني إذا تلف قبل التمكن مع البيع، فإن تمكن منه فلم يفعل ضمن قطعا. وقال البلقيني: محله في غير الجنس، أما المأخوذ من الجنس فإنه يضمنه ضمان يد قطعا لحصول ملكه بالأخذ عن حقه كما سبق اه. والمصنف أطلق ذلك تبعا للرافعي بناء على وجوب تجديد تملكه، وقد تقدم ما فيه.
ويؤخذ من كونه مضمونا عليه قبل بيعه أنه لو أحدث فيه زيادة قبل البيع كانت على ملك المأخوذ منه، وبه صرح في زيادة الروضة، فإن باع ما أخذه وتملك ثمنه، ثم وفاه المديون دينه رد إليه قيمته كغاصب رد المغصوب إلى المغصوب منه. (ولا يأخذ) المستحق (فوق حقه إن أمكنه الاقتصار) على قدر حقه لحصول المقصود به، فإن أخذه ضمن الزائد لتعديه بأخذه، وإن لم يمكنه بأن لم يظفر إلا بمتاع تزيد قيمته على حقه أخذه، ولا يضمن الزيادة لأنه لم يأخذها