والأصم الذي لا يسمع أصلا إن كان يفهم الإشارة فهو كالأخرس، وإلا فكالمجنون فلا تصح الدعوى عليه. فلو كان البصير الأصم أو الأخرس الذي لا يفهم كاتبا قال الأذرعي: يشبه أن يقال كتابته دعوى وجوابا كعبارة الناطق. أما إذا لم يصر المدعى عليه فينظر، (فإن ادعى) عليه (عشرة) مثلا (فقال) في جوابه: هي عندي، أوليس لك عندي شئ، فذاك ظاهر. وإن قال: (لا تلزمني العشرة، لم يكف) ذلك في الجواب (حتى يقول) مضافا لما سبق: (ولا بعضها. وكذا يحلف) إن حلفه القاضي، لأن مدعي العشرة مدع لكل جزء منها، فاشترط مطابقة الانكار واليمين دعواه، وقوله: لا يلزمني العشرة إنما هو نفي لمجموعها، ولا يقتضي نفي كل جزء منها، فقد تكون عشرة إلا حبة. (فإن حلف على نفي العشرة واقتصر) في حلفه (عليه فنأكل) عما دون العشرة، (فيحلف المدعي على استحقاق دون العشرة بجزء) وإن قل، (ويأخذه) أي ما دون العشرة وإن لم يجدد دعوى. نعم إن نكل المدعى عليه عن العشرة وقد اقتصر القاضي في تحليف المدعى عليه على عرض اليمين عليه عن العشرة ولم يقل ولا شئ منها فليس للمدعي أن يحلف على استحقاق ما دونها إلا بعد تجديد دعوى ونكول المدعى عليه.
تنبيه: هذا إن لم يسند المدعي إلى عقد، فإن أسنده إليه كأن ادعت امرأة نكاحا بخمسين كفاه نفي العقد بها والحلف عليه، فإن نكل لم تحلف هي على البعض إلا بدعوى جديدة لا تناقض ما ادعته. وإن ادعى دارا بيد غيره فأنكرها فلا بد أن يقول في حلفه: ليست لك ولا شئ منها، ولو ادعى أنه باعه إياها كفاه أن يحلف أنه لم يبعها.
ولو ادعى عليه مالا فأنكر وطلب منه اليمين فقال: لا أحلف وأعطي المال لا يجب على المدعي قبوله من غير إقرار وله تحليفه لأنه لا يأمن من أن يدعي عليه بما دفعه بعد هذا، وكذا لو نكل عن اليمين وأراد المدعي أن يحلف يمين الرد فقال المدعى عليه: أنا أبذل المال له بلا يمين له أن يحلف ويقول له الحاكم: إما أن تقر بالحق أو يحلف المدعى عليه بعد نكولك، قاله البغوي والمروزي وغيرهما. (وإذا ادعى مالا مضافا إلى سبب كأقرضتك كذا كفاه في الجواب) عن هذه الدعوى، (لا تستحق) أنت (علي شيئا) أو لا يلزمني تسليم شئ إليك، (أو) ادعى (شفعة كفاه) في الجواب:
(لا تستحق) أنت (علي شيئا، أو لا تستحق) علي (تسليم الشقص) ولا يشترط التعرض لنفي تلك الجهة لأن المدعي قد يكون صادقا في الاقراض وغيره وعرض ما أسقط الحق من أداء أو إبراء، فلو نفى السبب كذب أو اعترف وادعى المسقط طولب ببينة قد يعجز عنها فقبل الاطلاق للضرورة. ونازع البلقيني في جواب دعوى الشفعة، وقال: أكثر الناس لا يعدون الشفعة مستحقة على المشترى لأنها ليست في ذمته فلا يتعلق به ضمانها كالغصب وغيره، فالجواب المعتبر لا شفعة لك عندي كما عبر به في الروضة، وعبارة المحرر لا يستحق عليه شفعة اه. والمعتمد ما في المتن. ولو ادعت على زوجها أنه طلقها كفاه في الجواب: أنت زوجتي. ويستثنى من إطلاق المصنف ما لو ادعى عليه وديعة، فلا يكفي في الجواب:
لا يلزمني التسليم، إذ لا يلزمه تسليم وإنما يلزمه التخلية، فالجواب الصحيح أن ينكر الايداع أو يقول: لا تستحق علي شيئا أو هلكت الوديعة أو رددتها. (ويحلف) المدعى عليه (على حسب) بفتح السين بخطه، ويجوز إسكانها، أي قدر (جوابه هذا) أو على نفي السبب، ولا يكلف التعرض لنفيه. (فإن) تبرع و (أجاب بنفي السبب المذكور) كقوله في صورة القرض السابقة: ما أقرضتني كذا، (حلف عليه) أي نفي السبب كذلك ليطابق اليمين الانكار. (وقيل: الحلف بالنفي المطلق) كما لو أجاب به، والأول راعى مطابقة اليمين للجواب.