مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٤ - الصفحة ٤٦٤
بحقه من الضرر بخلاف قدر حقه. ثم إن تعذر بيع قدر حقه فقط باع الجميع وأخذ من ثمنه قدر حقه ورد ما زاد عليه على غريمه بهبة ونحوها، وإن لم يتعذر ذلك باع منه بقدر حقه ورد ما زاد كذلك. (وله أخذ مال غريم غريمه) كأن يكون لزيد على عمرو دين ولعمرو على بكر مثله، فلزيد أن يأخذ من بكر ما له مال على عمرو، ولا يمنع من ذلك رد عمرو وتصرف زيد بالأخذ وعدم حسبان ذلك عن دينه على بكر، ولا إقرار بكر لعمرو، ولا جحود بكر استحقاق زيد على عمرو.
تنبيه: للمسألة شروط، الأول: أن لا يظفر بمال الغريم. الثاني: أن يكون غريم الغريم جاحدا أو ممتنعا أيضا، وعلى الامتناع بحمل الاقرار المذكور. الثالث: أن يعلم الآخذ الغريم أنه أخذه من مال غريمه حتى إذا طلبه الغريم بعد كان هو الظالم. الرابع: أن يعلم غريم الغريم وحيلته أن يعلمه فيما بينه وبينه، فإذا طالبه أنكر فإنه بحق، وله استيفاء دين له على آخر جاحدا له بشهود دين آخر له عليه قد أدى ولم يعلموا أداءه، ولاحد الغريمين إذا كان له على الآخر مثل ماله أو أكثر منه جحد حق الآخر إن جحد الآخر حقه ليحصل التقاص، وإن اختلف الجنس ولم يكن من النقدين للضرورة فإن كان له عليه دين دون ما للآخر عليه جحد من حقه بقدره. والمدعي لغة: من ادعى لنفسه شيئا، سواء كان في يده أم لا. (والأظهر أن المدعي) اصطلاحا: (من يخالف قوله الظاهر) وهو براءة الذمة. (و) الأظهر أيضا أن (المدعى عليه من يوافقه) أن يوافق قوله الظاهر. والثاني: أن المدعي من لو سكت خلي ولم يطالب بشئ، والمدعى عليه من لا يخلى ولا يكفيه السكوت، فإذا ادعى زيد دينا في ذمة عمرو فأنكر فزيد يخالف قوله الظاهر من براءة عمرو، ولو سكت ترك وعمرو يوافق قوله الظاهر، ولو سكت لم يترك فهو مدعى عليه، وزيد مدع على القولين، ولا يختلف موجبهما غالبا، وقد يختلف كالمذكور بقوله: (فإذا أسلم زوجان قبل وطئ، فقال الزوج: أسلمنا معا فالنكاح) بيننا (باق، وقالت) أي الزوجة: أسلمنا (مرتبا) فلا نكاح بيننا، (فهو) على الأظهر (مدع) لأن وقوع الاسلامين معا خلاف الظاهر، وهي مدعى عليها، وعلى الثاني هي مدعية وهو مدعى عليه، لأنها لو سكتت تركت وهو لا يترك لو سكت لزعمها انفساخ النكاح.
فعلى الأول تحلف الزوجة ويرتفع النكاح، وعلى الثاني يحلف الزوج ويستمر النكاح. والذي صححاه في نكاح المشرك من أن القول قول الزوج يكون مبنيا على مرجوح. وقد يقال إنما جعل اليمين في جانبه على القول الأول لأنه لما كان الأصل بقاء العصمة قوي جانبه فكان هو المصدق بيمينه، كما أن المدعى عليه لما كان الأصل براءة ذمته قوى جانبه فكان هو المصدق بيمينه. ولو قال لها: أسلمت قبلي فلا نكاح بيننا ولا مهر لك، وقالت: بل أسلمنا معا صدق في الفرقة بلا يمين، وفي المهر بيمينه على الأظهر لأن الظاهر معه، وصدقت بيمينها على الثاني لأنها لا تترك بالسكوت لأن الزوج يزعم سقوط المهر، فإذا سكتت ولا بينة جعلت ناكلة وحلف هو وسقط المهر. والأمين في دعوى الرد مدع على الأظهر لأنه يزعم الرد الذي هو خلاف الظاهر، لكنه يصدق بيمينه لأنه أثبت يده لغرض المالك، وقد ائتمنه فلا يحسن تكليفه بينة الرد. وأما على القول الثاني فهو مدعى عليه لأن المالك هو الذي لو سكت ترك، وفي التحالف كل من الخصمين مدع ومدعى عليه لاستوائهما.
تنبيه: قد تقدم في كتاب دعوى الدم والقسامة أن لصحة الدعوى ستة شروط ذكر المصنف بعضها وذكرت باقيها في الشرح. (و) ذكر منها هنا شرطان: الأول أن تكون معلومة، فعليه (متى ادعى) شخص دينا (نقدا) أو غيره مثليا أو متقوما، (اشترط) فيه لصحة الدعوى (بيان جنس) له كذهب وفضة، (ونوع) له كخالص أو مغشوش، (وقدر) كمائة، وصفة يختلف بها الغرض. (و) يشترط في النقد أيضا شيئان: (صحة تكسر إن اختلفت بهما قيمة) كمائة درهم فضة ظاهرية صحاح أو مكسرة، فلا يكفي إطلاق النقد وإن غلب، وبه صرح
(٤٦٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 459 460 461 462 463 464 465 466 467 468 469 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الجراح 2
2 فصل: في الجناية من اثنين وما يذكر معها 12
3 فصل: في أركان القصاص في النفس، وهي ثلاثة الخ 13
4 فصل: في تغير حال المجروح من وقت الجرح إلى الموت الخ 23
5 فصل: في شروط القصاص في الأطراف والجراحات والمعاني، وفي إسقاط الشجاج الخ 25
6 باب كيفية القصاص ومستوفيه والاختلاف فيه 30
7 فصل: في اختلاف ولي الدم والجاني 38
8 فصل: في مستحق القصاص ومستوفيه 39
9 فصل: في موجب العمد، وفي العفو 48
10 كتاب الديات 53
11 فصل: في موجب ما دون النفس، وهو ثلاثة أقسام الخ 58
12 فصل: تجب الحكومة فيما لا مقدر فيه الخ 77
13 باب موجبات الدية والعاقلة والكفارة 80
14 فصل: فيما يوجب الشركة في الضمان وما يذكر معه 89
15 فصل: في العاقلة، وكيفية تأجيل ما تحمله 95
16 فصل: في جناية الرقيق 100
17 فصل: في دية الجنين 103
18 فصل: في كفارة القتل التي هي من موجباته 107
19 كتاب دعوى الدم والقسامة 109
20 فصل: فيما يثبت موجب القصاص وموجب المال من إقرار وشهادة 118
21 كتاب البغاة 123
22 فصل: في شروط الإمام الأعظم الخ 129
23 كتاب الردة 133
24 كتاب الزنا 143
25 كتاب حد القذف 155
26 كتاب قطع السرقة 158
27 فصل: فيما لا يمنع القطع وما يمنعه الخ 170
28 فصل: في شروط السارق الخ 174
29 باب قاطع الطريق 180
30 فصل: في اجتماع عقوبات في غير قاطع الطريق 184
31 كتاب الأشربة 186
32 فصل: في التعزير 191
33 كتاب الصيال وضمان الولاة 194
34 فصل: في ضمان ما تتلفه البهائم 204
35 كتاب السير 208
36 فصل: فيما يكره من الغزو الخ 220
37 فصل: في حكم ما يؤخذ من أهل الحرب 227
38 فصل: في الأمان 236
39 كتاب الجزية 242
40 فصل: في أقل الجزية دينار لكل سنة 248
41 فصل: في أحكام عقد الجزية الزائدة على ما مر 253
42 باب الهدنة 260
43 كتاب الصيد والذبائح 265
44 فصل: يحل ذبح حيوان مقدور عليه الخ 273
45 فصل: فيما يملك به الصيد وما يذكر معه 278
46 كتاب الأضحية 282
47 فصل: في العقيقة 293
48 كتاب الأطعمة 297
49 كتاب المسابقة والمناضلة 311
50 كتاب الايمان 320
51 فصل: في صفة كفارة اليمين 327
52 فصل: في الحلف على السكنى والمساكنة الخ 329
53 فصل: في الحلف على أكل أو شرب الخ 335
54 فصل: في مسائل منثورة 342
55 فصل: في الحلف على أن لا يفعل كذا 350
56 كتاب النذر 354
57 فصل: في نذر حج أو عمرة أو هدي أو غيرها 362
58 كتاب القضاء 371
59 فصل: فيما يعرض للقاضي مما يقتضي عزله الخ 380
60 فصل: في آداب القضاء وغيرها 385
61 فصل: في التسوية بين الخصمين 400
62 باب القضاء على الغائب 406
63 فصل: في بيان الدعوى بعين غائبة أو غيرها الخ 411
64 فصل: في ضابط الغائب المحكوم عليه الخ 414
65 باب القسمة 418
66 كتاب الشهادات 426
67 فصل: في بيان ما يعتبر فيه شهادة الرجال الخ 440
68 فصل: في تحمل الشهادة وأدائها وكتابة الصك 450
69 فصل: في جواز تحمل الشهادة على الشهادة وأدائها 452
70 فصل: في رجوع الشهود عن شهادتهم 456
71 كتاب الدعوى والبينات 461
72 فصل: فيما يتعلق بجواب المدعى عليه 468
73 فصل: في كيفية الحلف والتغليظ فيه الخ 472
74 فصل: في تعارض البينتين مع شخصين 480
75 فصل: في اختلاف المتداعيين في العقود وغيرها 485
76 فصل: في شروط القائف 488
77 كتاب العتق 491
78 فصل: في العتق بالبعضية 499
79 فصل: في الاعتاق في مرض الموت الخ 502
80 فصل: في الولاء 506
81 كتاب التدبير 509
82 فصل: في حكم حمل المدبرة والمعلق عتقها الخ 513
83 كتاب الكتابة 516
84 فصل: فيما يلزم السيد بعد الكتابة الخ 521
85 فصل: في لزوم الكتابة وجوازها الخ 528
86 فصل: في مشاركة الكتابة الفاسدة الصحيحة ومخالفتها لها 532
87 كتاب أمهات الأولاد 538
88 التعريف بالامام النووي 545
89 التعريف بالامام الشربيني الخطيب 548