بحقه من الضرر بخلاف قدر حقه. ثم إن تعذر بيع قدر حقه فقط باع الجميع وأخذ من ثمنه قدر حقه ورد ما زاد عليه على غريمه بهبة ونحوها، وإن لم يتعذر ذلك باع منه بقدر حقه ورد ما زاد كذلك. (وله أخذ مال غريم غريمه) كأن يكون لزيد على عمرو دين ولعمرو على بكر مثله، فلزيد أن يأخذ من بكر ما له مال على عمرو، ولا يمنع من ذلك رد عمرو وتصرف زيد بالأخذ وعدم حسبان ذلك عن دينه على بكر، ولا إقرار بكر لعمرو، ولا جحود بكر استحقاق زيد على عمرو.
تنبيه: للمسألة شروط، الأول: أن لا يظفر بمال الغريم. الثاني: أن يكون غريم الغريم جاحدا أو ممتنعا أيضا، وعلى الامتناع بحمل الاقرار المذكور. الثالث: أن يعلم الآخذ الغريم أنه أخذه من مال غريمه حتى إذا طلبه الغريم بعد كان هو الظالم. الرابع: أن يعلم غريم الغريم وحيلته أن يعلمه فيما بينه وبينه، فإذا طالبه أنكر فإنه بحق، وله استيفاء دين له على آخر جاحدا له بشهود دين آخر له عليه قد أدى ولم يعلموا أداءه، ولاحد الغريمين إذا كان له على الآخر مثل ماله أو أكثر منه جحد حق الآخر إن جحد الآخر حقه ليحصل التقاص، وإن اختلف الجنس ولم يكن من النقدين للضرورة فإن كان له عليه دين دون ما للآخر عليه جحد من حقه بقدره. والمدعي لغة: من ادعى لنفسه شيئا، سواء كان في يده أم لا. (والأظهر أن المدعي) اصطلاحا: (من يخالف قوله الظاهر) وهو براءة الذمة. (و) الأظهر أيضا أن (المدعى عليه من يوافقه) أن يوافق قوله الظاهر. والثاني: أن المدعي من لو سكت خلي ولم يطالب بشئ، والمدعى عليه من لا يخلى ولا يكفيه السكوت، فإذا ادعى زيد دينا في ذمة عمرو فأنكر فزيد يخالف قوله الظاهر من براءة عمرو، ولو سكت ترك وعمرو يوافق قوله الظاهر، ولو سكت لم يترك فهو مدعى عليه، وزيد مدع على القولين، ولا يختلف موجبهما غالبا، وقد يختلف كالمذكور بقوله: (فإذا أسلم زوجان قبل وطئ، فقال الزوج: أسلمنا معا فالنكاح) بيننا (باق، وقالت) أي الزوجة: أسلمنا (مرتبا) فلا نكاح بيننا، (فهو) على الأظهر (مدع) لأن وقوع الاسلامين معا خلاف الظاهر، وهي مدعى عليها، وعلى الثاني هي مدعية وهو مدعى عليه، لأنها لو سكتت تركت وهو لا يترك لو سكت لزعمها انفساخ النكاح.
فعلى الأول تحلف الزوجة ويرتفع النكاح، وعلى الثاني يحلف الزوج ويستمر النكاح. والذي صححاه في نكاح المشرك من أن القول قول الزوج يكون مبنيا على مرجوح. وقد يقال إنما جعل اليمين في جانبه على القول الأول لأنه لما كان الأصل بقاء العصمة قوي جانبه فكان هو المصدق بيمينه، كما أن المدعى عليه لما كان الأصل براءة ذمته قوى جانبه فكان هو المصدق بيمينه. ولو قال لها: أسلمت قبلي فلا نكاح بيننا ولا مهر لك، وقالت: بل أسلمنا معا صدق في الفرقة بلا يمين، وفي المهر بيمينه على الأظهر لأن الظاهر معه، وصدقت بيمينها على الثاني لأنها لا تترك بالسكوت لأن الزوج يزعم سقوط المهر، فإذا سكتت ولا بينة جعلت ناكلة وحلف هو وسقط المهر. والأمين في دعوى الرد مدع على الأظهر لأنه يزعم الرد الذي هو خلاف الظاهر، لكنه يصدق بيمينه لأنه أثبت يده لغرض المالك، وقد ائتمنه فلا يحسن تكليفه بينة الرد. وأما على القول الثاني فهو مدعى عليه لأن المالك هو الذي لو سكت ترك، وفي التحالف كل من الخصمين مدع ومدعى عليه لاستوائهما.
تنبيه: قد تقدم في كتاب دعوى الدم والقسامة أن لصحة الدعوى ستة شروط ذكر المصنف بعضها وذكرت باقيها في الشرح. (و) ذكر منها هنا شرطان: الأول أن تكون معلومة، فعليه (متى ادعى) شخص دينا (نقدا) أو غيره مثليا أو متقوما، (اشترط) فيه لصحة الدعوى (بيان جنس) له كذهب وفضة، (ونوع) له كخالص أو مغشوش، (وقدر) كمائة، وصفة يختلف بها الغرض. (و) يشترط في النقد أيضا شيئان: (صحة تكسر إن اختلفت بهما قيمة) كمائة درهم فضة ظاهرية صحاح أو مكسرة، فلا يكفي إطلاق النقد وإن غلب، وبه صرح