تنبيهات: الأول: كان الأولى للمصنف الاقتصار على قوله: يمكن مخاصمته أو يمكن تحليفه، لأن الجمع بينهما لا يشترط. الثاني: كلامه يفهم أنه إذا أقر به لمن لا يمكن مخاصمته وهو المحجور عليه لا تنصرف الخصومة عنه، وليس مرادا ، بل تنصرف إلى وليه، وإنما قيده المصنف بذلك لقوله بعد: وصدقه، فإن المحجور عليه لا يصح تصديقه. الثالث:
قوله: صارت الخصومة معه يفهم انصرافها عن المدعى عليه، وليس مرادا، بل للمدعي طلب يمينه بناء على أنه يغرم له البدل لو أقر له، وهو الأظهر. (وإن كذبه ترك في يد المقر) كما مر تصحيحه في كتاب الاقرار، وأعاد المصنف المسألة هنا لبعيد التصريح بمقابل الأصح، وهو قوله: (وقيل: تسلم إلى يد المدعي) إذ لا طالب له سواه، (وقيل: يحفظه الحاكم لظهور مالك) له. (وإن أقر به لغائب) عن البلد ولا بينة تشهد له بملك المدعي به، (فالأصح انصراف الخصومة عنه) إليه لما مر. وهذا بالنسبة لرقبة المدعي به، أما بالنسبة لتحليف المدعى عليه فلا ينصرف في الأصح بل له تحليفه كما مر.
(ويوقف الامر) في الاقرار بالمدعي به لغائب حيث لا بينة، (حتى يقدم) ذلك (الغائب) لأن المال بظاهر الاقرار لغيره بدليل أن الغائب لو قدم وصدق أخذه. والثاني: لا تنصرف، وهو ظاهر نص المختصر لأن المال في يده، والظاهر أنه له. (فإن كان للمدعي بينة قضى) له (بها) وسلمت له العين.
تنبيه: قال البلقيني: كلام المصنف متهافت لأن وقف الامر حتى يقدم الغائب ينافيه قوله: فإن كان للمدعي بينة قضى بها، وعبارة المحرر سالمة من هذا فإنه قال: فإن لم تكن بينة يوقف الامر إلى أن يحضر الغائب وإن كان له بينة فيقضي له اه. وبما قدرته يندفع الاعتراض. (وهو قضاء على غائب، فيحلف) المدعي (معها) أي البينة كما مر في باب القضاء على الغائب، لأن المال صار له بحكم الاقرار. وهذا ما نقلاه في الروضة وأصلها عن اختيار الإمام والغزالي، وقالا: إنه أقوى وأليق بالوجه المفرع عليه. وهذا هو المعتمد. (وقيل) بل هو قضاء (على حاضر) إذ الخصومة معه فلا يحلف معها، وهذا ما نقلاه عن ترجيح العراقيين، وقال البلقيني: إنه المعتمد. وإن لم يكن للمدعي بينة فله تحليف المدعى عليه أنه لا يلزمه تسليمه إليه، فإن نكل حلف المدعي وأخذه، ثم إذا حضر الغائب وصدق المقر رد إليه بلا حجة لأن اليد له بإقرار صاحب اليد، ثم يستأنف المدعي الخصومة معه. وإن ادعى ذو اليد أنها للغائب وأثبت أنه وكيل للغائب قدمت بينته بذلك على بينة المدعي لزيادة قوتها إذن بإقرار ذي اليد إليه، فإن لم تقم بينة بوكالته على الغائب وأقام بينة بالملك الغائب سمعت بينته لا لتثبت العين للغائب لأنه ليس نائبا عنه، بل ليندفع عنه اليمين وتهمة الإضافة إلى الغائب، سواء تعرضت بينته لكونها في يده بعارية أو غيره أم لا. وهذه الخصومة للمدعي مع المدعى عليه، وللمدعي مع الغائب خصومة أخرى. ولو قال المدعى عليه: هي معي رهن أو نحوه من الحقوق اللازمة كإجارة، لم تسمع دعواه مع بينته لتضمنها إثبات الملك للغير بلا نيابة.
تنبيه: للمدعي تحليف المدعى عليه حيث انصرفت الخصومة عنه أنه لا يلزمه تسليمها إليه وأن ما أقر به ملك المقر له رجاء أن يقر به له أو ينكل فيحلف ويغرمه القيمة بناء على أن من أقر لشخص بشئ بعد ما أقر به لغيره يغرم القيمة للثاني، فإن نكل عن اليمين وحلف المدعي اليمين المردودة أو أقر له بالعين ثانيا وغرم له القيمة ثم أقام المدعي بينة بالعين أو حلف بعد نكول المقر له رد القيمة وأخذ العين لأنه أخذها للحيلولة، وقد زالت.
فرع: لو ادعى جارية على منكرها فاستحقها بحجة ووطئها وأولدها ثم أكذب نفسه لم تكن زانية بذلك لأنها تنكر ما يقول ولم يبطل الايلاد وحرية الولد، لأن إقراره لا يلزم غيره بأن وافقته الجارية على ذلك، إذ لا يرفع ما حكم به برجوع محتمل فيلزمه المهر إن لم تعترف هي بالزنا ويلزمه الأرش إن نقضت ولم يولدها وقيمة الولد وأمه إن أولدها ولا يطؤها بعد ذلك إلا بشراء جديد، فإن مات عتقت عملا بقوله الأول ووقف ولاؤها إن مات قبل