الماوردي وغيره. وفارق البيع ونحوه بأن زمن العقد يقيد صفة الثمن بالغالب من النقود، ولا يتقيد ذلك بزمن الدعوى لتقدمه عليها. نعم مطلق الدينار ينصرف إلى الدينار الشرعي كما صرح به في أصل الروضة، ولا يحتاج إلى بيان وزنه، وفي معناه مطلق الدرهم. أما إذا لم تختلف قيمة النقد بالصحة والتكسر فلا يحتاج إلى بيانهما، لكن استثنى الماوردي والروياني دين السلم فاعتبر بيانهما فيه. (أو) لم يدع الشخص دينا، بل ادعى (عينا تنضبط) بالصفة، متقومة كانت (كحيوان) وثياب، أو مثلية كحبوب، (وصفها) وجوبا (بصفة السلم) السابقة في بابه وإن لم يذكر مع الصفة القيمة في الأصح. (وقيل: يجب معها) أي صفة السلم (ذكر القيمة) لتلك العين الموصوفة، فإن لم تنضبط بالصفات كالجواهر واليواقيت وجب ذكر القيمة فيقول: جوهر قيمته كذا، وبه قال القاضي أبو الطيب والبندنيجي وابن الصباغ وغيرهم.
واستثني ما لو غصب غيره منه عينا في بلد ثم لقيه في آخر وهي باقية ولكن لنقلها مؤنة فإنه يجب ذكر قيمتها، لأنها المستحقة في هذه الحالة، فإذا رد العين رد القيمة. ويبين في دعوى العقار الناحية والبلد والمحلة والسكة والحدود، وأنه في يمنة داخل السكة أو يسرته أو صدرها، ذكره البلقيني. ولا حاجة لذكر القيمة كما علم مما مر. وهذا إن بقيت العين، (فإن تلفت وهي متقومة) بكسر الواو، (وجب) مع ذلك (ذكر القيمة) لأنها الواجبة عند التلف، فلا حاجة لذكر شئ معها من الصفات كما اقتضاه كلامهم، لكن يجب ذكر الجنس فيقول: عبد قيمته مائة، فإن كانت مثلية لم يجب ذكر قيمته، ويكفي الضبط بالصفات.
تنبيه: لو كان التالف سيفا محلى ذكر قيمته بالذهب إن كانت حليته فضة، وبالفضة إن كانت حليته ذهبا، وإن كان محلى بهما قوم بأحدهما للضرورة، وهذا ما جرى عليه ابن المقري في روضه هنا تبعا لاصله. واختلف كلامهما في باب الغصب، فقال هناك: إن تبر الحلي يضمن بمثله ويبيعه بنقد البلد، وقال أصله: إن المحلى يضمن بنقد البلد وإن كان من جنسه، قال: ولا يلزم منه الربا، فإنه إنما يجرى في العقود لا في الغرامات اه. ويقوم مغشوش الذهب بالفضة كعكسه إذا قلنا إنها متقومة، فيدعى مائة دينار من نقد كذا قيمتها كذا درهما أو مائة درهم من نقد كذا قيمتها كذا دينارا.
فإن قلنا إنها مثلية، وهو الصحيح بناء على جواز المعاملة بها، وهو الأصح، فلا يشترط التعرض لقيمتها. ويستثنى من اشتراط العلم بالمدعى به مسائل تصح الدعوى فيها بالمجهول، منها الاقرار ولو بنكاح كالاقرار به. ومنها الوصية تحرزا عن ضياعها، ولأنها تحتمل الجهل، فكذا دعواه. ومنها فرض المفوضة لأنها تطلب من القاضي أن يفرض لها فلا يتصور منها البيان، ومثله المتعة والحكومة والرضخ وحط الكتابة والغرة والابراء المجهول في إبل الدية بناء على الأصح من صحة الابراء منه فيها. ومنها حق ممر أو إجراء الماء في أرض جددت اكتفاء بتحديد الأرض كما رجحه ابن المقري. ومنها تصح الشهادة بهذه المستثنيات لترتبها عليها.
فرع: لو أحضر ورقة فيها دعواه ثم ادعى ما في الورقة وهو موصوف بما مر، هل يكتفي بذلك أو لا؟ وجهان، أوجههما كما أشار إليه الزركشي الأول إذا قرأه القاضي أو قرئ عليه. والشرط الثاني المذكور هنا لصحة الدعوى ولم يتعرض له المصنف: أن تكون الدعوى تلزمه، فلو ادعى على غيره هبة أو بيعا أو دينا أو نحو ذلك مما الغرض منه تحصيل الحق فليذكر في دعواه وجوب التسليم كأن يقول: ويلزمه التسليم إلي أو وهو ممتنع من الأداء الواجب عليه، لأنه قد يرجع الواهب وينفسخ البيع ويكون الدين مؤجلا أو من عليه مفلسا. ولو قصد بالدعوى رفع المنازعة لا تحصيل الحق فقال: هذه الدار لي وهو يمنعنيها سمعت دعواه وإن لم يقل هي في يده، لأنه يمكن أن ينازعه.
وإن لم تكن في يده (أو) لم يدع دينا ولا عينا، بل ادعى (نكاحا لم يكف الاطلاق) فيه (على الأصح) المنصوص، (بل) يقيد ذلك، وحينئذ (يقول نكحتها بولي مرشد) قال البلقيني: وهذا ليس صريحا في العدالة، فينبغي أن يقول: بولي عدل. لكن قال الزركشي: المراد بالمرشد من دخل في الرشد أي صلح للولاية، وذلك أعم