دينارا أو مائتي درهم أو ما قيمته أحدهما، وحقوق الأموال كالخيار والأجل. وحق الشفعة إن تعلقت بمال هو نصاب غلظ فيها وإلا فلا. واحتج للتغليظ بما رواه الشافعي والبيهقي عن عبد الرحمن بن عوف: أنه رأى قوما يحلفون بين المقام والبيت، فقال: أعلى دم؟ فقالوا: لا، فقال: أفعلى عظيم من المال؟ قالوا: لا، قال: خشيت أن يتهاون الناس بهذا المقام. ويستوى فيه يمين المدعى عليه والمدعي ولو مع شاهد كما مر، وقد يقتضي الحال التغليظ من أحدهما دون الآخر كعبد خسيس لا تبلغ قيمته نصاب الزكاة ادعى على سيده عتقا أو كتابة فأنكر ونكل فتغلظ اليمين على العبد لأن مدعاه ليس بمال، لا على سيده إذا حلف، لأن قصده استدامة مال قليل، وتغلظ في الوقف إن بلغ نصابا على المدعي والمدعى عليه.
وأما الخلع بالقليل من المال إن ادعاه الزوج وأنكرت الزوجة وحلف أو نكلت وحلف هو فلا تغليظ على واحد منهما، وإن ادعته وأنكر وحلف أو نكل وحلفت هي غلظ عليهما، لأن قصدها الفراق وقصده استدامة النكاح. أما الخلع بالكثير فتغلظ فيه مطلقا، ولا تغلظ على حالف أنه لا يحلف يمينا مغلظة بناء على أن التغليظ مستحب ولو كان حلفه بغير الطلاق كما هو قضية النص وإن قيده في الروض كأصله بالطلاق (وسبق بيان التغليظ) بالزمان والمكان وحضور جمع (في) أثناء كتاب (اللعان) لكن لا يغلظ هنا بحضور جمع كما صوبه في زيادة الروضة.
تنبيه: قضية كلامه انحصار التغليظ فيما سبق، وليس مرادا بل يندب التغليظ بزيادة الأسماء والصفات أيضا كأن يقول: والله الذي لا إله إلا هو عالم الغيب والشهادة الرحمن الرحيم الذي يعلم السر والعلانية، أو: بالله الطالب الغالب المدرك المهلك الذي يعلم السر وأخفى، كذا قالاه تبعا لجمع من الأصحاب. فإن قيل: هذا لا يجوز لأن صفات الله تعالى لا بد فيها من توقيف، ولم يرد توقيف في الطالب الغالب. أجيب بأن هذا من قبل أسماء المفاعلة الذي غلب فيه معنى الفعل دون الصفة فالتحق بالافعال، وإضافة الافعال إلى الله تعالى لا تتوقف على توقيف، ولذلك توسع الناس في ذلك في تحميداتهم وتمجيداتهم وغيرها. قال الأذرعي: والأحوط اجتناب هذه الألفاظ، ولهذا لم يذكره الشافعي وكثير من الأصحاب اه. وهو كما قال. واستحب الشافعي والأصحاب رضي الله عنهم أن يقرأ على الحالف: * (إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا) * الآية، ويحضر المصحف ويوضع في حجر الحالف، قال الشافعي: وكان ابن الزبير ومطرف قاضي صنعاء يحلفان به، وهو حسن وعليه الحكام باليمين. وقال رضي الله عنه في باب كيفية اليمين من الام: وقد كان من حكام الآفاق من يستحلف على المصحف، وذلك عندي حسن. وقال القاضي الحسين: وهذا التغليظ مستحب.
هذا إذا كان الحالف مسلما، فإن كان يهوديا حلفه القاضي: بالله الذي أنزل التوراة على موسى ونجاه من الغرق ، أو نصرانيا حلفه: بالله الذي أنزل الإنجيل على عيسى، أو مجوسيا أو وثنيا حلفه: بالله الذي خلقه وصوره. قال الدارمي: ولا يحلفهم بما يجهل كقوله: والله الذي أرسل كذا أو أنزل كذا لرسول وكتاب لا يعرفهما. ويستثنى من إطلاق المصنف المريض الذي به مرض شاق والزمن والحائض والنفساء، فلا يغلظ عليهم بالمكان لعذرهم. ولا يجوز لقاض أن يحلف أحدا بطلاق أو عتق أو نذر كما قاله الماوردي وغيره. قال الشافعي ومتى بلغ الإمام أن قاضيا يستحلف الناس بطلاق أو عتق أو نذر عزله عن الحكم لأنه جاهل. وقال ابن عبد البر: لا أعلم أحدا من أهل العلم يرى الاستحلاف بذلك.
ثم شرع في كيفية اليمين بقوله: (ويحلف) الشخص (على البت) بمثناة فوقية وهو القطع والجزم، (في فعله) إثباتا كان أو نفيا لأنه يعلم حال نفسه ويطلع عليها، فيقول في البيع والشراء في الاثبات: والله لقد بعت بكذا أو اشتريت بكذا، وفي النفي: والله ما بعت بكذا ولا اشتريت بكذا.
تنبيه: قضية التوجيه بما ذكر أنه لو صدر الفعل منه في جنونه أو إغمائه أو سكره الطافح وتوجهت اليمين عليه بعد كماله أنه لا يحلف على البت، قال ابن شهبة: ولم أره منقولا اه. والظاهر أنهم جروا في ذلك على الغالب.
(وكذا فعل غيره) يحلف فيه أيضا على البت (إن كان إثباتا) كبيع وإتلاف وغصب لأنه يسهل الوقوف عليه، كما