مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٤ - الصفحة ٤٣٢
الشافعي، وهو يقتضي اعتبار الاكثار في الجميع. (وليس فقيه قباء) بالمد، سمي لذلك لاجتماع أطرافه، ولبس جمال لبس القضاة، (وقلنسوة) وهو بفتح القاف واللام، وبضم القاف مع السين: ما يلبس على الرأس. هذا (حيث) أي في بلد لا يعتاد للفقيه لبسها. وقيد في الروضة لبسهما للفقيه بأن يتردد فيهما، فأشعر بأن لبسهما في البيت ليس كذلك. (وإكباب على لعب الشطرنج) بحيث يشغله عن مهماته وإن لم يقترن به ما يحرمه، ويرجع في قدر الاكباب للعادة، أما القليل من لعب الشطرنج فلا يضر في الخلوة، بخلاف قارعة الطريق فإنه هادم للمروءة. والاكباب على لعب الحمام كالاكباب على لعب الشطرنج. (أو) على (غناء أو سماعه) أي استماعه، ولو عبر به لكان أولى، سواء اقترن بذلك ما يوجب التحريم أم لا. ومثل ما ذكر الاكباب على إنشاد الشعر واستنشاده حتى يترك مهماته، وكذا اتخاذ جارية أو غلام للغناء للناس والكسب بالشعر. قال الرافعي بحثا: والغناء قد لا يزري بمن يليق به، فلا يكون تاركا للمروءة. (وإدامة) أي إكثار (رقص). وقوله: (يسقطها) أي المروءة في جميع هذه الصور كما مر التنبيه عليه خبر قوله: فالاكل وما عطف عليه. (والامر فيه) أي مسقط المروءة (يختلف بالاشخاص والأحوال والأماكن) لأن المدار على العرف قد يستقبح من شخص دون آخر. وفي حال دون آخر وفي قطر دون آخر كما علم مما مر، فحمل الماء والأطعمة أي إلى البيت شحا لا اقتداء بالسلف التاركين للتكلف حرم مروءة ممن لا يليق به، بخلاف من يليق به ومن يفعله اقتداء بالسلف، والتقشف في الاكل واللبس كذلك.
تنبيه: يرجع في قدر الاكثار للعادة، وظاهر تقييدهم ما ذكر بالكثرة أنه لا يشترط فيما عداها، لكن ظاهر نص الشافعي والعراقيين وغيرهم أن التقييد في الكل، ذكره الزركشي، ثم قال: وينبغي التفصيل بين ما يعد لها خارما بالمرة الواحدة وغيره، فالاكل من غير السوقي مرة في السوق ليس كالمشي فيه مكشوفا. (وحرفة دنيئة) مباحة (كحجامة وكنس) لزبل ونحوه. (ودبغ) ونحوها: كقيم حمام وحارس وقصاب وإسكاف ونخال، (ممن لا تليق) هذه الحرفة (به). وقوله: (تسقطها) أي المروءة لاشعار ذلك بقلة مروءته خبر قوله: وحرفة وما عطف عليه.
تنبيه: قوله: دنيئة بالهمز من الدناءة، وهي الساقطة، وبتركه من الدنو بمعنى القريب. (فإن اعتادها) مع محافظة مخامر النجاسة على الصلاة في أوقاتها في أثواب طاهرة، (وكانت حرفة أبيه، فلا) يسقطها (في الأصح) لأنه لا يتعير بذلك، وهي حرفة مباحة من فروض الكفايات لاحتياج الناس إليها، ولو ردت بها الشهادة لربما تركت فتعطل الناس.
والثاني: تسقطها، لأن في اختياره لها مع اتساع طرق الكسب إشعارا بقلة المروءة.
تنبيه: هذا التقييد الذي ذكره نقله الرافعي عن الغزالي واستحسنه. وقال في زيادة الروضة: لم يتعرض الجمهور لهذا القيد، وينبغي أن لا يقيد بصنعة آبائه بل ينظر هل تليق به هو أم لا. ثم إنه هنا وافق المحرر ولم يعترض عليه، والمعتمد التقييد عدم. واعترض جعلهم الحرفة الدنيئة مما يخرم المروءة مع قولهم: إنها من فروض الكفايات. وأجيب بحمل ذلك على من اختارها لنفسه مع حصول الكفاية بغيره. أما الحرفة غير المباحة: كالمنجم والعراف والكاهن والمصور فلا تقبل شهادتهم عندهم، قال الصيمري: لأن شعارهم التلبيس على العامة. ومن أكثر من أهل الصنائع الكذب وخلف الوعد ردت شهادته. قال الزركشي: ومما عمت به البلوى التكسب بالشهادة مع أن شركة الأبدان باطلة، وذلك قادح في العدالة، لا سيما إذا منعنا أخذ الأجرة على التحمل أو كان يأخذ ولا يكتب فإن نفوس شركائه لا تطيب لذلك. قال بعض المتأخرين: وأسلم طريق فيه أن يشتري ورقا مشتركا ويكتب ويقسم على قدر ما لكل واحد من ثمن ورقه فإن الشركة لا يشترط فيها التساوي في العمل. ومثل ذلك المقرئين والوعاظ.
(٤٣٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 427 428 429 430 431 432 433 434 435 436 437 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الجراح 2
2 فصل: في الجناية من اثنين وما يذكر معها 12
3 فصل: في أركان القصاص في النفس، وهي ثلاثة الخ 13
4 فصل: في تغير حال المجروح من وقت الجرح إلى الموت الخ 23
5 فصل: في شروط القصاص في الأطراف والجراحات والمعاني، وفي إسقاط الشجاج الخ 25
6 باب كيفية القصاص ومستوفيه والاختلاف فيه 30
7 فصل: في اختلاف ولي الدم والجاني 38
8 فصل: في مستحق القصاص ومستوفيه 39
9 فصل: في موجب العمد، وفي العفو 48
10 كتاب الديات 53
11 فصل: في موجب ما دون النفس، وهو ثلاثة أقسام الخ 58
12 فصل: تجب الحكومة فيما لا مقدر فيه الخ 77
13 باب موجبات الدية والعاقلة والكفارة 80
14 فصل: فيما يوجب الشركة في الضمان وما يذكر معه 89
15 فصل: في العاقلة، وكيفية تأجيل ما تحمله 95
16 فصل: في جناية الرقيق 100
17 فصل: في دية الجنين 103
18 فصل: في كفارة القتل التي هي من موجباته 107
19 كتاب دعوى الدم والقسامة 109
20 فصل: فيما يثبت موجب القصاص وموجب المال من إقرار وشهادة 118
21 كتاب البغاة 123
22 فصل: في شروط الإمام الأعظم الخ 129
23 كتاب الردة 133
24 كتاب الزنا 143
25 كتاب حد القذف 155
26 كتاب قطع السرقة 158
27 فصل: فيما لا يمنع القطع وما يمنعه الخ 170
28 فصل: في شروط السارق الخ 174
29 باب قاطع الطريق 180
30 فصل: في اجتماع عقوبات في غير قاطع الطريق 184
31 كتاب الأشربة 186
32 فصل: في التعزير 191
33 كتاب الصيال وضمان الولاة 194
34 فصل: في ضمان ما تتلفه البهائم 204
35 كتاب السير 208
36 فصل: فيما يكره من الغزو الخ 220
37 فصل: في حكم ما يؤخذ من أهل الحرب 227
38 فصل: في الأمان 236
39 كتاب الجزية 242
40 فصل: في أقل الجزية دينار لكل سنة 248
41 فصل: في أحكام عقد الجزية الزائدة على ما مر 253
42 باب الهدنة 260
43 كتاب الصيد والذبائح 265
44 فصل: يحل ذبح حيوان مقدور عليه الخ 273
45 فصل: فيما يملك به الصيد وما يذكر معه 278
46 كتاب الأضحية 282
47 فصل: في العقيقة 293
48 كتاب الأطعمة 297
49 كتاب المسابقة والمناضلة 311
50 كتاب الايمان 320
51 فصل: في صفة كفارة اليمين 327
52 فصل: في الحلف على السكنى والمساكنة الخ 329
53 فصل: في الحلف على أكل أو شرب الخ 335
54 فصل: في مسائل منثورة 342
55 فصل: في الحلف على أن لا يفعل كذا 350
56 كتاب النذر 354
57 فصل: في نذر حج أو عمرة أو هدي أو غيرها 362
58 كتاب القضاء 371
59 فصل: فيما يعرض للقاضي مما يقتضي عزله الخ 380
60 فصل: في آداب القضاء وغيرها 385
61 فصل: في التسوية بين الخصمين 400
62 باب القضاء على الغائب 406
63 فصل: في بيان الدعوى بعين غائبة أو غيرها الخ 411
64 فصل: في ضابط الغائب المحكوم عليه الخ 414
65 باب القسمة 418
66 كتاب الشهادات 426
67 فصل: في بيان ما يعتبر فيه شهادة الرجال الخ 440
68 فصل: في تحمل الشهادة وأدائها وكتابة الصك 450
69 فصل: في جواز تحمل الشهادة على الشهادة وأدائها 452
70 فصل: في رجوع الشهود عن شهادتهم 456
71 كتاب الدعوى والبينات 461
72 فصل: فيما يتعلق بجواب المدعى عليه 468
73 فصل: في كيفية الحلف والتغليظ فيه الخ 472
74 فصل: في تعارض البينتين مع شخصين 480
75 فصل: في اختلاف المتداعيين في العقود وغيرها 485
76 فصل: في شروط القائف 488
77 كتاب العتق 491
78 فصل: في العتق بالبعضية 499
79 فصل: في الاعتاق في مرض الموت الخ 502
80 فصل: في الولاء 506
81 كتاب التدبير 509
82 فصل: في حكم حمل المدبرة والمعلق عتقها الخ 513
83 كتاب الكتابة 516
84 فصل: فيما يلزم السيد بعد الكتابة الخ 521
85 فصل: في لزوم الكتابة وجوازها الخ 528
86 فصل: في مشاركة الكتابة الفاسدة الصحيحة ومخالفتها لها 532
87 كتاب أمهات الأولاد 538
88 التعريف بالامام النووي 545
89 التعريف بالامام الشربيني الخطيب 548