مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٤ - الصفحة ٤٢٧
(شرط الشاهد) أي شروطه: (مسلم) ولو بالتبعية، فلا تقبل شهادة لكافر على مسلم ولا على كافر، خلافا لأبي حنيفة في قبوله شهادة الكافر على الكافر، ولاحمد في الوصية، لقوله تعالى: * (وأشهدوا ذوي عدل منكم) * والكافر ليس بعدل وليس منا، ولأنه أفسق الفساق ويكذب على الله تعالى، فلا يؤمن الكذب منه على خلقه. (حر) ولو بالدار، فلا تقبل شهادة رقيق خلافا لأحمد ولو مبعضا أو مكاتبا، لأن أداء الشهادة فيه معنى الولاية وهو مسلوب منها. (مكلف) فلا تقبل شهادة مجنون بالاجماع ولا صبي، لقوله تعالى: * (من رجالكم) *.
تنبيه: كان الأولى أن يقول المصنف كما في المحرر والروضة وغيرها: الاسلام والحرية والتكليف. (عدل) فلا تقبل من فاسق، لقوله تعالى: * (إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا) *. (ذو مروءة) بالهمز بوزن سهولة، وهي الاستقامة، لأن من لا مروءة له لا حياء له، ومن لا حياء له قال ما شاء، لقوله (ص): إذا لم تستح فاصنع ما شئت وسيأتي تفسيرها. (غير متهم) في شهادة، لقوله تعالى: * (ذلكم أقسط عند الله وأقوم للشهادة وأدنى أن لا ترتابوا) * والريبة حاصلة بالتهم، ولما روى الحاكم أن النبي (ص) قال: لا تجوز شهادة ذي الظنة ولا ذي الحنة والظنة التهمة والحنة العداوة.
تنبيه: بقي على المصنف شروط لم يذكرها: منها أن يكون ناطقا، فلا تقبل شهادة الأخرس وإن فهمت إشارته.
ومنها أن يكون يقظا كما قاله صاحب التنبيه والجرجاني وغيرهما، فلا تقبل شهادة مغفل. ومنها أن لا يكون محجورا عليه بسفه، فلا تقبل شهادته كما نقله في أصل الروضة قبيل فصل التوبة عن الصيمري، وجزم به الرافعي في كتاب الوصية.
(وشرط) تحقق (العدالة) وهي لغة: التوسط، وشرعا: (اجتناب الكبائر) أي كل منها، (و) اجتناب (الاصرار على صغيرة) من نوع أو أنواع. وفسر جماعة الكبيرة بأنها ما لحق صاحبها وعيد شديد بنص كتاب أو سنة. وقيل:
هي المعصية الموجبة للحد، وذكر في أصل الروضة أنهم إلى ترجيح هذا أميل، وأن الذي ذكرناه أولا هو الموافق لما ذكروه عند تفصيل الكبائر اه‍. لأنهم عدوا الربا وأكل مال اليتيم وشهادة الزور ونحوها من الكبائر، ولا حد فيها. وقال الإمام: هي كل جريمة تؤذن بقلة اكتراث مرتكبها بالدين اه‍. والمراد بها بقرينة التعاريف المذكورة غير الكبائر الاعتقادية التي هي البدع، فإن الراجح قبول شهادة أهلها ما لم يكفرهم كما سيأتي بيانه. هذا ضبطها بالحد، وأما بالعد فأشياء كثيرة، قال ابن عباس: هي إلى السبعين أقرب، وقال سعيد بن جبير: إنها إلى السبعمائة أقرب، أي باعتبار أصناف أنواعها، وما عدا ذلك من المعاصي فمن الصغائر ولا بأس بذكر شئ من النوعين، فمن الأول تقديم الصلاة وتأخيرها عن أوقاتها بلا عذر، ومنع الزكاة وترك الامر بالمعروف والنهي عن المنكر مع القدرة، ونسيان القرآن، واليأس من رحمة الله، وأمن مكر الله تعالى، والقتل عمدا أو شبه عمد، والفرار من الزحف، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والافطار في رمضان من غير عذر، وعقوق الوالدين، والزنا، واللواط، وشهادة الزور، وشرب الخمر وإن قل، والسرقة والغصب، وقيده جماعة بما يبلغ ربع مثقال كما يقطع به في السرقة، وكتمان الشهادة بلا عذر، وضرب المسلم بغير حق، وقطع الرحم، والكذب على رسول الله (ص) عمدا، وسب الصحابة، وأخذ الرشوة والنميمة، وأما الغيبة فإن كانت في أهل العلم وحملة القرآن فهي كبيرة كما جرى عليه ابن المقري وإلا فصغيرة. ومن الصغائر النظر المحرم، وكذب لا حد فيه ولا ضرر، والاشراف على بيوت الناس، وهجر المسلم فوق ثلاث، وكثرة الخصومات إلا إن راعى حق الشرع فيها، والضحك في الصلاة، والنياحة وشق الجيب في المصيبة، والتبختر في المشي، والجلوس بين الفساق إيناسا لهم، وإدخال مجانين وصبيان ونجاسة يغلب تنجيسهم، واستعمال نجاسة في بدن أو ثوب لغير حاجة. فبارتكاب كبيرة أو إصرار على صغيرة من نوع أو أنواع تنتفي العدالة، لا أن تغلب طاعاته معاصيه كما قاله الجمهور فلا تنتفي عدالته وإن اقتضت عبارة المصنف الانتفاء مطلقا.
(٤٢٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 422 423 424 425 426 427 428 429 430 431 432 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الجراح 2
2 فصل: في الجناية من اثنين وما يذكر معها 12
3 فصل: في أركان القصاص في النفس، وهي ثلاثة الخ 13
4 فصل: في تغير حال المجروح من وقت الجرح إلى الموت الخ 23
5 فصل: في شروط القصاص في الأطراف والجراحات والمعاني، وفي إسقاط الشجاج الخ 25
6 باب كيفية القصاص ومستوفيه والاختلاف فيه 30
7 فصل: في اختلاف ولي الدم والجاني 38
8 فصل: في مستحق القصاص ومستوفيه 39
9 فصل: في موجب العمد، وفي العفو 48
10 كتاب الديات 53
11 فصل: في موجب ما دون النفس، وهو ثلاثة أقسام الخ 58
12 فصل: تجب الحكومة فيما لا مقدر فيه الخ 77
13 باب موجبات الدية والعاقلة والكفارة 80
14 فصل: فيما يوجب الشركة في الضمان وما يذكر معه 89
15 فصل: في العاقلة، وكيفية تأجيل ما تحمله 95
16 فصل: في جناية الرقيق 100
17 فصل: في دية الجنين 103
18 فصل: في كفارة القتل التي هي من موجباته 107
19 كتاب دعوى الدم والقسامة 109
20 فصل: فيما يثبت موجب القصاص وموجب المال من إقرار وشهادة 118
21 كتاب البغاة 123
22 فصل: في شروط الإمام الأعظم الخ 129
23 كتاب الردة 133
24 كتاب الزنا 143
25 كتاب حد القذف 155
26 كتاب قطع السرقة 158
27 فصل: فيما لا يمنع القطع وما يمنعه الخ 170
28 فصل: في شروط السارق الخ 174
29 باب قاطع الطريق 180
30 فصل: في اجتماع عقوبات في غير قاطع الطريق 184
31 كتاب الأشربة 186
32 فصل: في التعزير 191
33 كتاب الصيال وضمان الولاة 194
34 فصل: في ضمان ما تتلفه البهائم 204
35 كتاب السير 208
36 فصل: فيما يكره من الغزو الخ 220
37 فصل: في حكم ما يؤخذ من أهل الحرب 227
38 فصل: في الأمان 236
39 كتاب الجزية 242
40 فصل: في أقل الجزية دينار لكل سنة 248
41 فصل: في أحكام عقد الجزية الزائدة على ما مر 253
42 باب الهدنة 260
43 كتاب الصيد والذبائح 265
44 فصل: يحل ذبح حيوان مقدور عليه الخ 273
45 فصل: فيما يملك به الصيد وما يذكر معه 278
46 كتاب الأضحية 282
47 فصل: في العقيقة 293
48 كتاب الأطعمة 297
49 كتاب المسابقة والمناضلة 311
50 كتاب الايمان 320
51 فصل: في صفة كفارة اليمين 327
52 فصل: في الحلف على السكنى والمساكنة الخ 329
53 فصل: في الحلف على أكل أو شرب الخ 335
54 فصل: في مسائل منثورة 342
55 فصل: في الحلف على أن لا يفعل كذا 350
56 كتاب النذر 354
57 فصل: في نذر حج أو عمرة أو هدي أو غيرها 362
58 كتاب القضاء 371
59 فصل: فيما يعرض للقاضي مما يقتضي عزله الخ 380
60 فصل: في آداب القضاء وغيرها 385
61 فصل: في التسوية بين الخصمين 400
62 باب القضاء على الغائب 406
63 فصل: في بيان الدعوى بعين غائبة أو غيرها الخ 411
64 فصل: في ضابط الغائب المحكوم عليه الخ 414
65 باب القسمة 418
66 كتاب الشهادات 426
67 فصل: في بيان ما يعتبر فيه شهادة الرجال الخ 440
68 فصل: في تحمل الشهادة وأدائها وكتابة الصك 450
69 فصل: في جواز تحمل الشهادة على الشهادة وأدائها 452
70 فصل: في رجوع الشهود عن شهادتهم 456
71 كتاب الدعوى والبينات 461
72 فصل: فيما يتعلق بجواب المدعى عليه 468
73 فصل: في كيفية الحلف والتغليظ فيه الخ 472
74 فصل: في تعارض البينتين مع شخصين 480
75 فصل: في اختلاف المتداعيين في العقود وغيرها 485
76 فصل: في شروط القائف 488
77 كتاب العتق 491
78 فصل: في العتق بالبعضية 499
79 فصل: في الاعتاق في مرض الموت الخ 502
80 فصل: في الولاء 506
81 كتاب التدبير 509
82 فصل: في حكم حمل المدبرة والمعلق عتقها الخ 513
83 كتاب الكتابة 516
84 فصل: فيما يلزم السيد بعد الكتابة الخ 521
85 فصل: في لزوم الكتابة وجوازها الخ 528
86 فصل: في مشاركة الكتابة الفاسدة الصحيحة ومخالفتها لها 532
87 كتاب أمهات الأولاد 538
88 التعريف بالامام النووي 545
89 التعريف بالامام الشربيني الخطيب 548