والإناث كما يقتضيه إطلاق الجمهور خلافا للحليمي في تخصيصه بالنساء. (ويحرم ضرب الكوبة، وهي) بضم كافها وسكون واوها: (طبل طويل ضيق الوسط) واسع الطرفين، لخبر إن الله حرم الخمر والميسر والكوبة رواه أبو داود وابن حبان، والمعنى فيه التشبيه بمن يعتاد ضربه وهم المخنثون. ويحرم استماعها أيضا لما مر في آلة الملاهي.
تنبيه: قضية كلامه إباحة ما عداها من الطبول من غير تفصيل كما قاله صاحب الذخائر، قال الأذرعي: لكن مرادهم ما عدا طبول اللهو كما صرح به غير واحد. وممن جزم بتحريم طبول اللهو العمران وابن أبي عصرون وغيرهما، قال في المهمات: تفسير الكوبة بالطبل خلاف المشهور في كتب اللغة. قال الخطابي: غلط من قال إنها الطبل، بل هي النرد اه. لكن في المحكم: الكوبة: الطبل والنرد، فجعلها مشتركة بينهما فلا يحسن التغليظ. (لا الرقص) فلا يحرم، لأنه مجرد حركات على استقامة أو اعوجاج، ولا يكره كما صرح به الفوراني وغيره، بل يباح لخبر الصحيحين:
أنه (ص) وقف لعائشة رضي الله تعالى عنها يسترها حتى تنظر إلى الحبشة وهم يلعبون ويرفسون، والرفس: الرقص، وكانت عائشة إذ ذاك صغيرة أو قبل أن تنزل آية الحجاب، أو أنها كانت تنظر إلى لعبهم لا إلى أبدانهم. وقيل يكره، وجرى عليه القفال. وفي الاحياء التفرقة بين أرباب الأحوال الذين يقومون بوجه فيجوز، أي بلا كراهة، ويكره لغيرهم. قال البلقيني: ولا حاجة لاستثناء أصحاب الأحوال، لأنه ليس باختيار فلا يوصف بإباحة ولا غيرها اه. وهذا ظاهر إذا كانوا موصوفين بهذه الصفة، وإلا فنجد أكثر من يفعل ذلك ليس موصوفا بهذا، ولذا قال ابن عبد السلام: الرقص لا يتعاطاه إلا ناقص العقل، ولا يصلح إلا للنساء. ثم استثنى المصنف من إباحته ما ذكره بقوله: (إلا أن يكون فيه تكسر كفعل المخنث) وهو بكسر النون أفصح من فتحها، وبالمثلثة: من يتخلق بأخلاق النساء في حركة أو هيئة، فيحرم على الرجال والنساء كما في أصل الروضة عن الحليمي وأقره، فإن كان ذلك خلقة فلا إثم. ومما عمت به البلوى ما يفعل في وفاء النيل من رجل يزين بزينة امرأة ويسمونه عروسة البحر، فهذا ملعون، فقد لعن رسول الله (ص) المتشبهين من الرجال بالنساء، فيجب على ولي الأمر وكل من كان له قدرة على إزالة ذلك منعه منه. (ويباح قول شعر) أي إنشاؤه كما في المحرر وغيره، (وإنشاده) واستماعه لأنه (ص) كان له شعراء يصغي إليهم: منهم حسان بن ثابت وعبد الله بن رواحة رواه مسلم. وكان (ص) أهدر دم كعب بن زهير، فورد إلى المدينة مستخفيا، وقام إليه بعد صلاة الصبح ممتدحا فقال بانت سعاد إلى آخرها، فرضي عليه وأعطاه بردة ابتاعها منه معاوية بعشرة آلاف درهم، قال الدميري: وهي التي مع الخلفاء إلى اليوم . وقال الأصمعي: سمعت شعر الهذليين على محمد بن إدريس الشافعي رضي الله تعالى عنه. وروى الشافعي وغيره أن النبي (ص) قال: الشعر كلام حسنه كحسنه، وقبيحه كقبيحه. ثم استثنى المصنف صورا لا يباح فيها قول الشعر وإنشاده في قوله: (إلا أن يهجو) ولو بما هو صادق فيه للايذاء، وعليه حمل الشافعي خبر مسلم: لأن يمتلئ جوف أحدكم قيحا خير له من أن يمتلئ شعرا.
تنبيه: محل تحريم الهجاء إذا كان لمسلم، فإن كان لكافر أي غير معصوم جاز كما صرح به الروياني وغيره، لأنه (ص) أمر حسان بهجو الكفار، بل صرح الشيخ أبو حامد بأنه مندوب. ومثله في جواز الهجو المبتدع كما ذكره الغزالي في الاحياء، والفاسق المعلن كما قاله العمراني، وبحثه الأسنوي. وظاهر كلامهم جواز هجو الكافر غير المحترم المعين، وعليه فيفارق عدم جواز لعنه، فإن اللعن الابعاد من الخير، ولا عنه لا يتحقق بعده منه، فقد يختم له بخير، بخلاف الهجو. (أو) إلا أن (يفحش) بضم أوله وكسر المهملة بخطه بأن يجاوز الشاعر الحد في المدح والاطراء ولم يمكن حمله على المبالغة. روى الترمذي وابن ماجة عن أنس رضي الله تعالى عنهم أن النبي (ص) قال:
ما كان الفحش في شئ إلا شانه، ولا كان الحياء في شئ إلا زانه. وقال ابن عبد السلام في القواعد: لا تكاد