مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٤ - الصفحة ٤٣٦
عباده وجواز رؤيته يوم القيامة لاعتقادهم أنهم مصيبون في ذلك لما قام عندهم، وقد روى أبو داود بإسناد صحيح أنه (ص) قال: تفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة فجعل الكل من أمته. ومن القسم الثاني منكرو حدوث العالم، والبعث والحشر للأجسام وعلم الله تعالى بالمعدوم وبالجزئيات لانكار بعض ما علم مجئ الرسول (ص) به ضرورة، فلا تقبل شهادتهم ولا شهادة من يدعو الناس إلى بدعته، ولا خطابي لمثله وهم أصحاب أبي الخطاب الأسدي الكوفي كان يقول بإلهية جعفر الصادق، ثم ادعى الإلهية لنفسه، وهم يعتقدون أن الكذب كفر، وأن من كان على مذهبهم لا يكذب فيصدقونه على ما يقول ويشهدون له بمجرد إخباره هذا إذا لم يذكروا في شهادتهم ما ينفي احتمال اعتمادهم على قول المشهود له، فإن بينوا ما ينفي الاحتمال كأن قالوا سمعناه يقر له بكذا أو رأيناه يقرضه كذا قبلت في الأصح.
تنبيه: قضية إطلاقه أنه لا فرق بين سب الصحابة رضي الله عنهم وغيره، وهو المرجح في زيادة الروضة، قال: بخلاف من قذف عائشة رضي الله تعالى عنها فإنه كافر، أي لأنه كذب على الله تعالى. وقال السبكي في الحلبيات: في تكفير من سب الشيخين وجهان لأصحابنا: فإن لم نكفره فهو فاسق لا تقبل شهادته، ومن سب بقية الصحابة فهو فاسق مردود الشهادة ولا يغلط فيقال شهادته مقبولة اه. فجعل ما رجحه في الروضة غلطا. قال الأذرعي: وهو كما قال، ونقل عن جمع التصريح به وأن الماوردي قال: من سب الصحابة أو لعنهم أو كفرهم فهو فاسق مردود الشهادة. وقضية إطلاق الشيخين قبول شهادة أهل الأهواء غير الخطابية، وأنه لا فرق بين من يستحل المال والدم وغيرهما، ونقل في زيادة الروضة التصريح به عن نص الام، ونقلا في باب البغاة عن المعتبرين أنه لا تقبل شهادة أهل البغي ولا ينفذ قضاء قاضيهم إذا استحلوا دماءنا وأموالنا، وقدمنا الفرق هناك فليراجع.
فائدة: قال ابن عبد السلام: البدعة منقسمة إلى واجبة ومحرمة ومندوبة ومكروهة ومباحة، قال: والطريق في ذلك أن تعرض البدعة على قواعد الشريعة، فإن دخلت في قواعد الايجاب فهي واجبة كالاشتغال بعلم النحو، أو في قواعد التحريم فمحرمة كمذهب القدرية والمرجئة والمجسمة والرافضة. قال: والرد على هؤلاء من البدع الواجبة، أي لأن المبتدع من أحدث الشريعة ما لم يكن في عهده (ص). أو في قواعد المندوب فمندوبة كبناء الربط والمدارس وكل إحسان لم يحدث في العصر الأول كصلاة التراويح. أو في قواعد المكروه فمكروه كزخرفة المساجد وتزويق المصاحف. أو في قواعد المباح فمباحة كالمصافحة عقب الصبح والعصر والتوسع في المآكل والملابس. وروى البيهقي بإسناده في مناقب الشافعي رضي الله تعالى عنه أنه قال: المحدثات ضربان: أحدهما ما خالف كتابا أو سنة أو إجماعا فهو بدعة وضلالة. والثاني: ما أحدث من الخير فهو غير مذموم. و (لا) تقبل شهادة (مغفل لا يضبط) أصلا أو غالبا لعدم التوثق بقوله. أما من لا يضبط نادرا والأغلب فيه الحفظ والضبط فتقبل قطعا لأن أحدا لا يسلم من ذلك، ومن تعادل غلطه وضبطه فالظاهر كما قال الأذرعي أنه كمن غلب غلطه.
تنبيه: محل الرد فيمن غلطه وضبطه سواء إذا لم تكن الشهادة مفسرة، فإن فسرها وبين وقت التحمل ومكانه قبلت كما جرى عليه الشيخان. قال الإمام: والاستفصال عند استشعار القاضي غفلة في الشهود حتم، وكذا إن رابه أمر، وإذا استفصلهم ولم يفصلوا بحث عن أحوالهم، فإن تبين له أنهم غير مغفلين قضى بشهادتهم المطلقة، قال: ومعظم شهادة العوام يشوبها غرة وسهو وجهل وإن كانوا عدولا فيتعين الاستفصال كما ذكرنا، وليس الاستفصال مقصودا في نفسه، وإنما الغرض تبين تثبتهم في الشهادة. (و) لا تقبل شهادة (مبادر) بشهادته قبل الدعوى جزما، وكذا بعدها وقبل أن يستشهد على الأصح للتهمة، ولخبر الصحيحين أن النبي (ص) قال: خير القرون قرني، ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم ثم يجئ قوم يشهدون ولا يستشهدون فإن ذلك في مقام الذم لهم، وأما خبر مسلم ألا أخبركم بخير الشهود الذي يأتي بشهادته قبل أن يسألها فمحمول على ما تسمع فيه شهادة الحسبة.
(٤٣٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 431 432 433 434 435 436 437 438 439 440 441 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الجراح 2
2 فصل: في الجناية من اثنين وما يذكر معها 12
3 فصل: في أركان القصاص في النفس، وهي ثلاثة الخ 13
4 فصل: في تغير حال المجروح من وقت الجرح إلى الموت الخ 23
5 فصل: في شروط القصاص في الأطراف والجراحات والمعاني، وفي إسقاط الشجاج الخ 25
6 باب كيفية القصاص ومستوفيه والاختلاف فيه 30
7 فصل: في اختلاف ولي الدم والجاني 38
8 فصل: في مستحق القصاص ومستوفيه 39
9 فصل: في موجب العمد، وفي العفو 48
10 كتاب الديات 53
11 فصل: في موجب ما دون النفس، وهو ثلاثة أقسام الخ 58
12 فصل: تجب الحكومة فيما لا مقدر فيه الخ 77
13 باب موجبات الدية والعاقلة والكفارة 80
14 فصل: فيما يوجب الشركة في الضمان وما يذكر معه 89
15 فصل: في العاقلة، وكيفية تأجيل ما تحمله 95
16 فصل: في جناية الرقيق 100
17 فصل: في دية الجنين 103
18 فصل: في كفارة القتل التي هي من موجباته 107
19 كتاب دعوى الدم والقسامة 109
20 فصل: فيما يثبت موجب القصاص وموجب المال من إقرار وشهادة 118
21 كتاب البغاة 123
22 فصل: في شروط الإمام الأعظم الخ 129
23 كتاب الردة 133
24 كتاب الزنا 143
25 كتاب حد القذف 155
26 كتاب قطع السرقة 158
27 فصل: فيما لا يمنع القطع وما يمنعه الخ 170
28 فصل: في شروط السارق الخ 174
29 باب قاطع الطريق 180
30 فصل: في اجتماع عقوبات في غير قاطع الطريق 184
31 كتاب الأشربة 186
32 فصل: في التعزير 191
33 كتاب الصيال وضمان الولاة 194
34 فصل: في ضمان ما تتلفه البهائم 204
35 كتاب السير 208
36 فصل: فيما يكره من الغزو الخ 220
37 فصل: في حكم ما يؤخذ من أهل الحرب 227
38 فصل: في الأمان 236
39 كتاب الجزية 242
40 فصل: في أقل الجزية دينار لكل سنة 248
41 فصل: في أحكام عقد الجزية الزائدة على ما مر 253
42 باب الهدنة 260
43 كتاب الصيد والذبائح 265
44 فصل: يحل ذبح حيوان مقدور عليه الخ 273
45 فصل: فيما يملك به الصيد وما يذكر معه 278
46 كتاب الأضحية 282
47 فصل: في العقيقة 293
48 كتاب الأطعمة 297
49 كتاب المسابقة والمناضلة 311
50 كتاب الايمان 320
51 فصل: في صفة كفارة اليمين 327
52 فصل: في الحلف على السكنى والمساكنة الخ 329
53 فصل: في الحلف على أكل أو شرب الخ 335
54 فصل: في مسائل منثورة 342
55 فصل: في الحلف على أن لا يفعل كذا 350
56 كتاب النذر 354
57 فصل: في نذر حج أو عمرة أو هدي أو غيرها 362
58 كتاب القضاء 371
59 فصل: فيما يعرض للقاضي مما يقتضي عزله الخ 380
60 فصل: في آداب القضاء وغيرها 385
61 فصل: في التسوية بين الخصمين 400
62 باب القضاء على الغائب 406
63 فصل: في بيان الدعوى بعين غائبة أو غيرها الخ 411
64 فصل: في ضابط الغائب المحكوم عليه الخ 414
65 باب القسمة 418
66 كتاب الشهادات 426
67 فصل: في بيان ما يعتبر فيه شهادة الرجال الخ 440
68 فصل: في تحمل الشهادة وأدائها وكتابة الصك 450
69 فصل: في جواز تحمل الشهادة على الشهادة وأدائها 452
70 فصل: في رجوع الشهود عن شهادتهم 456
71 كتاب الدعوى والبينات 461
72 فصل: فيما يتعلق بجواب المدعى عليه 468
73 فصل: في كيفية الحلف والتغليظ فيه الخ 472
74 فصل: في تعارض البينتين مع شخصين 480
75 فصل: في اختلاف المتداعيين في العقود وغيرها 485
76 فصل: في شروط القائف 488
77 كتاب العتق 491
78 فصل: في العتق بالبعضية 499
79 فصل: في الاعتاق في مرض الموت الخ 502
80 فصل: في الولاء 506
81 كتاب التدبير 509
82 فصل: في حكم حمل المدبرة والمعلق عتقها الخ 513
83 كتاب الكتابة 516
84 فصل: فيما يلزم السيد بعد الكتابة الخ 521
85 فصل: في لزوم الكتابة وجوازها الخ 528
86 فصل: في مشاركة الكتابة الفاسدة الصحيحة ومخالفتها لها 532
87 كتاب أمهات الأولاد 538
88 التعريف بالامام النووي 545
89 التعريف بالامام الشربيني الخطيب 548