تنبيه: تحسين الصوت بالقراءة مسنون، ولا بأس بالإدارة للقراءة بأن يقرأ بعض الجماعة قطعة ثم البعض قطعة بعدها، ولا بأس بترديد الآية للتدبر، ولا باجتماع الجماعة في القراءة، ولا بقراءته بالألحان، فإن أفرط في المد والاشباع حتى ولد حروفا من الحركات أو أسقط حروفا حرم، ويفسق به القارئ، ويأثم المستمع لأنه عدل به عن نهجه القويم كما نقله في الروضة عن الماوردي. ويسن ترتيل القراءة وتدبيرها والبكاء عندها، واستماع شخص حسن الصوت، والمدارسة وهي أن يقرأ على غيره ويقرأ غيره عليه، وقد مرت الإشارة إلى بعض ذلك في باب الحدث. (ويحرم استعمال) أو اتخاذ (آلة من شعار الشربة) جمع شارب وهم القوم المجتمعون على الشراب الحرام، واستعمال الآلة هو الضرب بها (كطنبور) بضم الطاء، ويقال الطنبار، (وعود وصنج) وهو كما قال الجوهري: صفر يضرب بعضها على بعض، وتسمى الصفاقتين لأنهما من عادة المخنثين. (ومزمار عراقي) بكسر الميم، وهو ما يضرب به مع الأوتار. (و) يحرم (استماعها) أي الآلة المذكورة لأنه يطرب، ولقوله (ص) ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الخز والحرير والمعازف قال الجوهري وغيره: المعازف آلات اللهو، ومن المعازف الرباب والجنك (لا) استعمال (يراع) وهو الشبابة، سميت بذلك لخلو جوفها، فلا تحرم (في الأصح) لأنه ينشط على السير في الأصح. (قلت: الأصح تحريمه، والله أعلم) كما صححه البغوي، وهو مقتضى كلام الجمهور وترجيح الأول تبع فيه الرافعي الغزالي، ومال البلقيني وغيره إلى الأول لعدم ثبوت دليل معتبر بتحريمه، وبحث جواز استماع المريض إذا شهد عدلان من أهل الطب بأن ذلك ينجع في مرضه. وحكى ابن عبد السلام خلافا للعلماء في السماع بالملاهي وبالدف والشبابة. وقال السبكي: السماع على الصورة المعهودة منكر وضلالة، وهو من أفعال الجهلة والشياطين، ومن زعم أن ذلك قربة فقد كذب وافترى على الله، ومن قال إنه يزيد في الذوق فهو جاهل أو شيطان، ومن نسب السماع إلى رسول الله يؤدب أدبا شديدا، ويدخل في زمرة الكاذبين عليه (ص)، ومن كذب عليه متعمدا فليتبوأ مقعده من النار، وليس هذا طريقة أولياء الله تعالى وحزبه وأتباع رسول الله (ص)، بل طريقة أهل اللهو واللعب والباطل، وينكر على هذا باللسان واليد والقلب. ومن قال من العلماء بإباحة السماع فذاك حيث لا يجتمع فيه دف وشبابة ولا رجال ونساء، ولا من يحرم النظر إليه. (ويجوز دف) بضم الدال أشهر من فتحها، سمي بذلك لتدفيف الأصابع عليه، (لعرس) لما في الترمذي وسنن ابن ماجة عن عائشة رضي الله تعالى عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أعلنوا هذا النكاح، واجعلوه في المساجد، واضربوا عليه بالدف. (و) يجوز ل (ختان) لما رواه ابن أبي شيبة عن عمر رضي الله تعالى عنه أنه كان إذا سمع صوت دف بعث، فإن كان في النكاح أو الختان سكت، وإن كان في غيرهما عمل بالدرة. (وكذا غيرهما) أي العرس والختان مما هو سبب لاظهار السرور كولادة، وعيد، وقدوم غائب، وشفاء مريض، (في الأصح) لما روى الترمذي وابن حبان: أن النبي (ص) لما رجع المدينة من بعض مغازيه جاءته جارية سوداء فقالت: يا رسول الله إني نذرت إن ردك الله سالما أن أضرب بين يديك بالدف فقال لها: إن كنت نذرت فأوف بنذرك ولأنه قد يراد به إظهار السرور. قال البغوي في شرح السنة: يستحب في العرس والوليمة ووقت العقد والزفاف. والثاني: المنع، لاثر عمر رضي الله تعالى عنه المار. واستثنى البلقيني من محل الخلاف ضرب الدف في أمر مهم من قدوم عالم أو سلطان أو نحو ذلك. (وإن كان فيه) أي الدف (جلاجل) لاطلاق الخبر، ومن ادعى أنها لم تكن بجلاجل فعليه الاثبات.
تنبيه: لم يبين المصنف المراد بالجلاجل، وقال ابن أبي الدم: المراد به الصنوج جمع صنج، وهي الحلق التي تجعل داخل الدف، والدوائر العراض التي تؤخذ من صفر وتوضع في خروق دائرة الدف. ولا فرق في الجواز بين الذكور