للمستأجر وعكسه.
تنبيه: لا يصح الاحتجاج لذلك بحكمه (ص) ل عائشة على أهل الإفك كما احتج به بعضهم، لأنه (ص) يحكم لنفسه ولفرعه. وقيل: لا تقبل، لأن كل واحد منهما وارث لا يحجب فأشبه الأب، وهو قول الأئمة الثلاثة. واستثنى على الأول ما إذا شهد لزوجته بأن فلانا قذفها في أحد وجهين رجحه البلقيني. واحترز المصنف بقوله:
لهما عما لو شهد أحدهما على الآخر فإنها تقبل قطعا إذ لا تهمة، لكن يستثنى شهادته عليها بزناها فلا تقبل عليها لأنه يدعي خيانتها فراشه. (و) تقبل الشهادة (لأخ) من أخيه، وكذا من بقية الحواشي، وإن كانوا يصلونه ويبرونه. (وصديق) من صديقه، وهو من صدق ودادك بأن يهمه ما أهمك. قال ابن قاسم: وقليل ذلك - أي في زمانه - ونادر في زماننا.
(والله أعلم) لضعف التهمة لأنهما لا يتهمان تهمة الأصل والفرع. أما شهادة كل ممن ذكر على الآخر فمقبولة جزما. (ولا تقبل) شهادة (من عدو) على عدوه لحديث: لا تقبل شهادة ذي غمر على أخيه رواه أبو داود وابن ماجة بإسناد حسن، والغمر بكسر الغين المعجمة الغل، وهو الحقد، ولما في ذلك من التهمة.
تنبيه: المراد بالعداوة الدنيوية الظاهرة لأن الباطنة لا يطلع عليها إلا علام الغيوب. وفي معجم الطبراني أن النبي (ص) قال: سيأتي قوم في آخر الزمان إخوان العلانية أعداء السريرة. قيل لنبي الله أيوب (ص):
أي شئ كان أشد عليك مما مر بك؟ قال: شماتة الأعداء. وكان (ص) يستعيذ بالله منها، فنسأل الله سبحانه وتعالى العافية من ذلك. (وهو) أي العدو (من يبغضه) أي المشهود عليه، (بحيث يتمنى زوال نعمته) سواء أطلبها لنفسه أم لغيره أم لا. (ويحزن بسروره ويفرح بمصيبته) لشهادة العرف بذلك. وقد تكون العداوة من الجانبين، وقد تكون من أحدهما فيختص برد شهادته على الآخر. ولو عادى من يستشهد عليه وبالغ في خصامه ولم يجبه ثم شهد عليه لم ترد شهادته لئلا يتخذ ذلك ذريعة إلى ردها، ولو أفضت العداوة إلى الفسق ردت مطلقا.
تنبيه: هذا الضابط لخصه الرافعي من كلام الغزالي. قال البلقيني: ذكر البغض ليس في المحرر ولا في الروضة وأصلها ولم يذكره أحد من الأصحاب ولا معنى لذكره هنا، لأن العداوة غير البغضاء، قال تعالى: * (وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء) *، والفرق بينهما أن البغضاء بالقلب والعداوة بالفعل هي أغلظ، فلا يفسر الأغلظ بالأخف. وقال الزركشي: الأشبه في الضابط تحكيم العرف كما أشار إليه في المطلب، فمن عده أهل العرف عدوا للمشهود عليه ردت شهادته عليه، إذ لا ضابط له في الشرع ولا في اللغة.
فرع: حب الرجل لقومه ليس عصبية حتى ترد شهادته لهم بل تقبل، مع أن العصبية وهي أن يبغض الرجل لكونه من بني فلان لا تقتضي الرد بمجردها. وإن أجمع جماعة على أعداء قومه ووقع معها فيهم ردت شهادته عليهم. (وتقبل له) أي العدو إذا لم يكن أصله أو فرعه إذ لا تهمة، والفضل ما شهدت به الأعداء. وتقبل تزكيته له أيضا لا تزكيته لشاهد شهد عليه كما بحثه ابن الرفعة. وخرج بالعدو أصل العدو وفرعه فتقبل شهادتهما، إذ لا مانع بينهما وبين المشهود عليه. (وكذا) تقبل (عليه) أي العدو (في عداوة دين ككافر) شهد عليه مسلم، (ومبتدع) شهد عليه سني، لأن العداوة الدينية لا توجب رد الشهادة.
تنبيه: لو قال العالم لجماعة: لا تسمعوا الحديث من فلان فإنه يخلط أو لا تستفتوا منه فإنه لا يحسن الفتوى لم ترد شهادته، لأن هذا نصح للناس، نص عليه في الام، قال: وليس هذا بعداوة ولا غيبة إن كان بقوله لمن يخاف أن يتبعه ويخطئ باتباعه. (وتقبل شهادة مبتدع لا تكفره) ببدعته، قال الزركشي: ولا نفسقه بها. ولم يبين المصنف من لم يكفر ببدعته ومن يكفر بها، وقد مر في باب الردة جملة من ذلك. ومن القسم الأول منكر صفات الله تعالى وخلقه أفعال