بخلاف ما لو اتخذت للجيران أو للعلماء وهو فيهم. ولا يضيف أحد الخصمين دون الآخر. ولا يلحق فيما ذكر المفتي والواعظ ومعلم القرآن والعلم، إذ ليس لهم أهلية الالزام. وللقاضي أن يشفع لاحد الخصمين ويزن عنه ما عليه، لأنه ينفعهما. وأن يعود المرضى، ويشهد الجنائز، ويزور القادمين ولو كانوا متخاصمين، لأن ذلك قربة. قال في أصل الروضة: فإن لم يمكنه التعميم أتى بممكن كل نوع وخص من عرفه وقرب منه. وفرقوا بينها وبين الولائم إذا كثرت بأن أظهر الأغراض فيها الثواب لا الاكرام، وفي الولائم العكس. وشهادة الزور من أكبر الكبائر، وإنما تثبت بإقرار الشاهد، أو بتيقن القاضي منه بأن شهد على رجل أنه زنى يوم كذا في بلد كذا وقد رآه القاضي ذلك اليوم في غيره فيعزره بما يراه ويشهره. ولا تكفي إقامة البينة بأنه شهد زورا لاحتمال زورها، وإنما يتصور إقامتها بالاقرار به. ثم شرع في موانع حكم القاضي بقوله: (ولا ينفذ حكمه لنفسه) لأنه من خصائصه (ص). نعم يجوز له تعزير من أساء الأدب عليه فيما يتعلق بأحكامه كقوله: حكمت بالجور ونحو ذلك، واستثنى البلقيني صورا تتضمن حكمه فيها لنفسه وينفذ، الأولى: أن يحكم لمحجوره بالوصية على الأصح في أصل الروضة، وأن يضمن استيلاءه على المال المحكوم به وتصرفه فيه، وفي معناه حكمه على من في جهته مال لوقف تحت نظره بطريق الحكم. الثانية: الأوقاف التي شرط النظر فيها للحاكم أو صار فيها النظر إليه بطريق العموم، لانقراض ناظرها الخاص له الحكم بصحتها وموجبها وإن تضمن الحكم لنفسه في الاستيلاء أو التصرف. الثالثة: للإمام الحكم بانتقال ملك إلى بيت المال وإن كان فيه استيلاؤه عليه بجهة الإمامة، وللقاضي الحكم به أيضا وإن كان يصرف إليه من جامكيته ونحوها. (و) لا (رقيقه) بالجر، أي لا يحكم له في تعزير أو قصاص أو مال للتهمة. واستثنى البلقيني منه أيضا صورا، أولاها: حكمه لرقيقه بجناية عليه قبل رقه بأن جنى ملتزم على ذمي ثم نقض المجني عليه العهد والتحق بدار الحرب واسترق، قال: ولم أر من تعرض لذلك، قال: ويوقف المال إلى عتقه، فإن مات رقيقا فالأظهر أنه فئ ثانيها: العبد الموصى بإعتاقه الخارج من الثلث إذا قلنا إن كسبه له دون الوارث وكان الوارث حاكما فله الحكم بطريقه. ثالثها: العبد المنذور إعتاقه. (و) لا (شريكه) يحكم له (في) المال (المشترط) بينهما للتهمة. قال البلقيني: ويستثنى من ذلك ما إذا حكم بشاهد ويمين الشريك فإنه يجوز، لأن المنصوص أنه لا يشاركه في هذه الصورة، قال: ولم أر من تعرض لذلك. (وكذا أصله وفرعه) لا ينفذ حكمه لكل منهم (على الصحيح) لأنهم أبعاضه فيشبه قضاؤه لهم قضاءه لنفسه، ورقيق أصله وفرعه كأصله وفرعه ورقيق أحدهما في المشترك كذلك. والثاني: ينفذ حكمه لهم بالبينة، لأن القاضي أسير البينة فلا تظهر منه تهمة. ويؤخذ من ذلك أن محل الخلاف عند إقامة البينة أما قضاؤه بالعلم فلا ينفذ قطعا. واحترز بالحكم لمن ذكر عن الحكم عليهم فإنه ينفذ عليهم. قال الماوردي: ولو حكم على نفسه وآخذناه به هل هو إقرار أو حكم؟ وجهان، أوجههما كما قال شيخنا الثاني. ولو حكم لولده على ولده أو لاصله على فرعه أو عكسه لم يصح كما يؤخذ مما مر. وهل يجوز للابن أن ينفذ حكم أبيه؟ وجهان حكاهما شريح الروياني، قال: وقيل يجوز قولا واحدا، لأن لا تهمة فيه اه. ويظهر الجواز لما ذكر. وفي جواز حكمه بشهادة ابن له لم يعدله شاهدان وجهان، أحدهما: نعم، لأن المقصود الخصم لا الشاهد.
والثاني: لا، قال ابن الرفعة: وهو الأرجح في البحر وغيره لأنه لا يتضمن تعديله، فإن عدله شاهدان حكم بشهادته.
وكابنه في ذلك سائر أبعاضه. (ويحكم له) أي القاضي (ولهؤلاء) المذكورين معه حيث لكل منهم خصومة (الإمام أو قاض آخر) مستقل، سواء أكان معه في بلده أم في بلدة أخرى لانتفاء التهمة. (وكذا نائبه) يحكم له (على الصحيح) كبقية الحكم. والثاني: لا، للتهمة.
تنبيه: قد يوهم اقتصار المصنف على منع الحكم لمن ذكر جوازه على العدو، وهو وجه اختار الماوردي، والمشهور في المذهب أنه لا يجوز حكمه عليه، ويجوز أن يحكم له. (وإذا أقر المدعى عليه) عند القاضي بالمدعى به