مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٤ - الصفحة ٣٨٨
الأطفال والمجانين والسفهاء لأنهم ينصرفون في حق من لا يملك المطالبة بماله فكان تقديمهم أولى مما بعدهم. قال الماوردي: ويبدأ في الأوصياء ونحوهم بمن شاء من غير قرعة، والفرق بينهم وبين المحبوسين أن المحابيس ينظر لهم، والأوصياء ونحوهم ينظر عليهم.
تنبيه: سبيل تصرفه في مال عنده ليتيم في غير عمله كتصرفه في مال الغائب، إذ العبرة بمكان الطفل لا المال كما مر في باب الحجر، وإنما ينظر في الأوصياء بعد ثبوت الوصاية عنده بطريقه. (فمن ادعى) منهم (وصاية) بكسر الواو بخطه ويجوز فتحها: اسم من أوصيت له جعلته وصيا: (سأل عنها) من جهة ثبوتها بالبينة هل ثبتت وصاية بها أو لا.
(و) سأل (عن حاله) بالنسبة إلى الأمانة والكفاية، وهذا مزيد على المحرر. (و) عن (تصرفه) فيها، فإن قال: صرفت ما أوصى به، فإن كان لمعين لم يتعرض له، وهو كما قال الأذرعي ظاهر إن كانوا أهلا للمطالبة، فإن كانوا محجورين فلا، أو لجهة عامة وهو عدل أمضاه أو فاسق ضمنه لتعديه. ولو فرقها أجنبي لمعينين نفذ أو لعامة ضمن. وإذا كان الموصى به باقيا تحت يد الوصي، (فمن وجده) عدلا قويا أقره، أو (فاسقا أخذ المال منه) وجوبا ووضعه عند غيره من الامناء.
تنبيه: كلامه يفهم أنه لا يأخذه ممن شك في عدالته، وهو ما جرى عليه ابن المقري، وهو الأقرب إلى كلام الجمهور، لأن الظاهر الأمانة. وقيل: ينزع منه حتى يثبت عدالته، وقال الأذرعي وغيره: إنه المختار لفساد الزمان.
ومحل الوجهين كما قاله البلقيني إذا لم تثبت عدالته عند الأول، وإلا فلا يتعرض له مع الشك جزما. فإن قيل: إذا عدل الشاهد ثم شهد في واقعة أخرى بحيث طال الزمان احتاج إلى الاستزكاء، لأن طول الزمان يغير الأحوال. أجيب بأن الوصاية قضية واحدة، وقد ثبت الحال فيها فلا يتكرر، ولو كلفنا الوصي ذلك لأضررنا بالمحجور عليه باشتغال الوصي عنه بإثبات عدالته ولا كذلك الشاهد. (أو) وجده عدلا (ضعيفا) عن القيام بها لكثرة المال أو غيره، (عضده) أي قواه (بمعين) ولا يرفع يده، ثم بعد الأوصياء يبحث عن أمناء القاضي المنصوبين على الأطفال وتفرقة الوصايا، فيعزل من فسق منهم ويعين الضعيف بآخر. وله أن يعزل من يشاء من الامناء وإن لم يتغير حاله ويولي غيره بخلاف الأوصياء، لأن الامناء يتولون من جهة القاضي بخلاف الأوصياء. وأخروا عن الأوصياء لأن التهمة فيهم أبعد، لأن ناصبهم القاضي، وهو لا ينصب إلا بعد ثبوت الأهلية عنده بخلاف الأوصياء. ثم يبحث عن الأوقاف العامة ومتوليها، وعن الخاصة أيضا كما قاله الماوردي والروياني لأنها تؤول لمن لا يتعين من الفقراء والمساكين، فينظر هل آلت إليهم وهل له ولاية على من تعين منهم لصغر أو نحوه؟ ويبحث أيضا عن اللقطة التي لا يجوز تملكها للملتقط أو يجوز ولم يختر تملكها بعد التعريف.
وعن الضوال فيحفظ هذه الأموال في بيت المال مفردة عن أمثالها، وله خلطها بمثلها إن ظهر في ذلك مصلحة أودعت إليه حاجة كما قاله الأذرعي، فإذا ظهر مالكها غرم له من بيت المال، وله بيعها وحفظ ثمنها لمصلحة مالكها، ويقدم من كل نوع مما ذكر الأهم فالأهم. ويستخلف فيما إذا عرضت حادثه حال شغله بهذه المهمات من ينظر في تلك الحادثة أو فيما هو فيه. (و) بعد ذلك (يتخذ) بذال معجمة، (مزكيا) بزاي، لشدة الحاجة إليه ليعرفه حال من يجهل حاله من الشهود، لأنه لا يمكنه البحث عنهم، وسيأتي شرطه آخر الباب.
تنبيه: أراد المصنف بالمزكي الجنس، ولو قال مزكين كان أولى، لأن الواحد لا يكفي إلا أن ينصب حاكما في الجرح. (و) يتخذ (كاتبا) لتوقع الحاجة إليه لأنه مشغول بالحكم والاجتهاد والكتابة تشغله، وكان للنبي (ص) كتاب فوق الأربعين. وإنما يسن اتخاذه إذا لم يطلب أجرة، أو طلب وكان يرزق من بيت المال وإلا لم يتعين لئلا يتغالى في الأجرة. (ويشترط كونه) أي الكاتب (مسلما عدلا) في الشهادة كما يؤخذ من كلام الجيلي لتؤمن خيانته، إذ قد يغفل القاضي عن قراءة ما يكتبه أو يقرأه. ولا بد من الحرية والذكورة وكونه (عارفا بكتابة
(٣٨٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 383 384 385 386 387 388 389 390 391 392 393 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الجراح 2
2 فصل: في الجناية من اثنين وما يذكر معها 12
3 فصل: في أركان القصاص في النفس، وهي ثلاثة الخ 13
4 فصل: في تغير حال المجروح من وقت الجرح إلى الموت الخ 23
5 فصل: في شروط القصاص في الأطراف والجراحات والمعاني، وفي إسقاط الشجاج الخ 25
6 باب كيفية القصاص ومستوفيه والاختلاف فيه 30
7 فصل: في اختلاف ولي الدم والجاني 38
8 فصل: في مستحق القصاص ومستوفيه 39
9 فصل: في موجب العمد، وفي العفو 48
10 كتاب الديات 53
11 فصل: في موجب ما دون النفس، وهو ثلاثة أقسام الخ 58
12 فصل: تجب الحكومة فيما لا مقدر فيه الخ 77
13 باب موجبات الدية والعاقلة والكفارة 80
14 فصل: فيما يوجب الشركة في الضمان وما يذكر معه 89
15 فصل: في العاقلة، وكيفية تأجيل ما تحمله 95
16 فصل: في جناية الرقيق 100
17 فصل: في دية الجنين 103
18 فصل: في كفارة القتل التي هي من موجباته 107
19 كتاب دعوى الدم والقسامة 109
20 فصل: فيما يثبت موجب القصاص وموجب المال من إقرار وشهادة 118
21 كتاب البغاة 123
22 فصل: في شروط الإمام الأعظم الخ 129
23 كتاب الردة 133
24 كتاب الزنا 143
25 كتاب حد القذف 155
26 كتاب قطع السرقة 158
27 فصل: فيما لا يمنع القطع وما يمنعه الخ 170
28 فصل: في شروط السارق الخ 174
29 باب قاطع الطريق 180
30 فصل: في اجتماع عقوبات في غير قاطع الطريق 184
31 كتاب الأشربة 186
32 فصل: في التعزير 191
33 كتاب الصيال وضمان الولاة 194
34 فصل: في ضمان ما تتلفه البهائم 204
35 كتاب السير 208
36 فصل: فيما يكره من الغزو الخ 220
37 فصل: في حكم ما يؤخذ من أهل الحرب 227
38 فصل: في الأمان 236
39 كتاب الجزية 242
40 فصل: في أقل الجزية دينار لكل سنة 248
41 فصل: في أحكام عقد الجزية الزائدة على ما مر 253
42 باب الهدنة 260
43 كتاب الصيد والذبائح 265
44 فصل: يحل ذبح حيوان مقدور عليه الخ 273
45 فصل: فيما يملك به الصيد وما يذكر معه 278
46 كتاب الأضحية 282
47 فصل: في العقيقة 293
48 كتاب الأطعمة 297
49 كتاب المسابقة والمناضلة 311
50 كتاب الايمان 320
51 فصل: في صفة كفارة اليمين 327
52 فصل: في الحلف على السكنى والمساكنة الخ 329
53 فصل: في الحلف على أكل أو شرب الخ 335
54 فصل: في مسائل منثورة 342
55 فصل: في الحلف على أن لا يفعل كذا 350
56 كتاب النذر 354
57 فصل: في نذر حج أو عمرة أو هدي أو غيرها 362
58 كتاب القضاء 371
59 فصل: فيما يعرض للقاضي مما يقتضي عزله الخ 380
60 فصل: في آداب القضاء وغيرها 385
61 فصل: في التسوية بين الخصمين 400
62 باب القضاء على الغائب 406
63 فصل: في بيان الدعوى بعين غائبة أو غيرها الخ 411
64 فصل: في ضابط الغائب المحكوم عليه الخ 414
65 باب القسمة 418
66 كتاب الشهادات 426
67 فصل: في بيان ما يعتبر فيه شهادة الرجال الخ 440
68 فصل: في تحمل الشهادة وأدائها وكتابة الصك 450
69 فصل: في جواز تحمل الشهادة على الشهادة وأدائها 452
70 فصل: في رجوع الشهود عن شهادتهم 456
71 كتاب الدعوى والبينات 461
72 فصل: فيما يتعلق بجواب المدعى عليه 468
73 فصل: في كيفية الحلف والتغليظ فيه الخ 472
74 فصل: في تعارض البينتين مع شخصين 480
75 فصل: في اختلاف المتداعيين في العقود وغيرها 485
76 فصل: في شروط القائف 488
77 كتاب العتق 491
78 فصل: في العتق بالبعضية 499
79 فصل: في الاعتاق في مرض الموت الخ 502
80 فصل: في الولاء 506
81 كتاب التدبير 509
82 فصل: في حكم حمل المدبرة والمعلق عتقها الخ 513
83 كتاب الكتابة 516
84 فصل: فيما يلزم السيد بعد الكتابة الخ 521
85 فصل: في لزوم الكتابة وجوازها الخ 528
86 فصل: في مشاركة الكتابة الفاسدة الصحيحة ومخالفتها لها 532
87 كتاب أمهات الأولاد 538
88 التعريف بالامام النووي 545
89 التعريف بالامام الشربيني الخطيب 548