محاضر وسجلات) وكتب حكمية لئلا يفسدها، حافظا لئلا يغلط، فلا يكفي من اتصف بشئ من ضد ذلك. وهذا فيما يتعلق بالحكم، أما ما يتعلق بخاصة أمره فيستكتب فيه من شاء.
تنبيه: أفرد المصنف الكاتب لأنه لا يشترط فيه عدد كما أفهمه كلام أصل الروضة، لأنه لا يثبت شيئا، بل يتخذ القاضي ما يحصل به الكفاية. وقوله: محاضر مجرور بالفتحة جمع محضر، وهو بفتح الميم: ما يكتب فيه ما جرى للمتحاكمين في المجلس، فإن زاد عليه الحكم أو تنفيذه سمي سجلا، وقد يطلق المحضر على السجل. (ويستحب) في الكاتب (فقه) زائد على ما لا بد منه من أحكام الكتابة لئلا يؤتى من قبل الجهل. أما الذي يتعلق بها فشرط. وهذا ما جمع به بين إطلاق الرافعي الاستحباب وإطلاق الماوردي الاشتراط. (ووفور عقل) زائد على العقل التكليفي لئلا يخدع ويدلس عليه. أما العقل التكليفي فشرط كما علم مما مر، وعفة عن الطمع لئلا يستمال به. (وجودة خط) أي يكون خطه حسنا واضحا مع ضبطه الحروف وترتيبها، فلا يترك فسحة يمكن إلحاق شئ فيها وتفصيلها، فلا يكتب سبعة مثل تسعة ولا ثلاثا مثل ثلاثين لئلا يقع الغلط والاشتباه. قال علي رضي الله تعالى عنه: الخط الحسن يزيد الحق وضوحا . ويسن أن يكون حاسبا للحاجة إليه في كتب المقاسم والمواريث فصيحا عالما بلغات الخصوم، وأن يجلس كاتبه بين يديه ليمليه ما يريد وليرى ما يكتبه. (و) يتخذ (مترجما) يفسر للقاضي لغة المتخاصمين، لأن القاضي قد لا يعرف لغتهما فلا بد ممن يطلعه على ذلك. قال ابن النقيب: كذا أطلقوه، ولم يظهر لي اتخاذه على أي لغة، فإن اللغات لا تكاد تنحصر، ويبعد أن الشخص الواحد يحيط بجميعها، وأبعد منه أن يتخذ من كل لغة اثنين لعظم المشقة، فالأقرب أن يتخذ من اللغات التي يغلب وجودها في علمه وفيه عسر أيضا. (وشرط عدالة، وحرية، وعدد) ولفظ شهادة كالشاهد بأن يقول كل منهما: أشهد أنه يقول كذا. فإن كان الحق يثبت برجل وامرأتين كفى في ترجمته مثل ذلك كما في أصل الروضة عن الأصحاب، وإن كان قضية كلام المصنف أنه لا يكفي في الزنا رجلان كالشهادة على الاقرار به. (والأصح جواز) ترجمة (أعمى) لأن الترجمة تفسيرا للفظ الذي سمعه فلا يحتاج فيه إلى معاينة وإشارة، بخلاف الشهادة التي قاس عليها الوجه الثاني.
تنبيه: محل الجواز إذا لم يتكلم في المجلس إلا الخصمان، وإلا لم يجز قطعا كما نقله الزركشي عن الإمام وأقره.
(و) الأصح (اشتراط عدد في إسماع قاض به صمم) كالمترجم فإنه ينقل عين اللفظ كما أن ذاك ينقل معناه. والثاني:
المنع، لأن المسمع لو غير أنكر عليه الخصم والحاضرون بخلاف المترجم. وقضية هذا التعليل أنه لو كان الخصمان أصمين أيضا اشترط العدد قطعا، وبه صرح القاضي الحسين.
تنبيه: لا بد في المسمع من لفظ الشهادة، فيقول: أشهد أنه يقول كذا. ويجوز أن يكون أعمى قياسا عليه، ويكتفي بإسماع رجل وامرأتين في المال قياسا عليه أيضا. وقد أشار المصنف بقوله: في إسماع قاض إلى التصوير بالنقل من الخصم إلى القاضي، فأما إسماع الخصم الأصم ما يقوله القاضي والخصم فلا يشترط فيه عدد لأنه إخبار محض، لكن يشترط فيه الحرية، وكالأصم في ذلك من لا يعرف لغة خصمه أو القاضي. وأشار أيضا بقوله: في إسماع قاض إلى أن المراد صمم يسمع معه برفع الصوت، أما إن لم يسمع أصلا لم تصح ولايته كما مر في شرط القاضي.
فروع: للقاضي وإن وجد كفايته أخذ كفايته وكفاية عياله مما يليق بحالهم من بيت المال ليتفرغ للقضاء إلا أن يتعين للقضاء ووجد ما يكفيه وعياله، فلا يجوز له أخذ شئ لأنه يؤدي فرضا تعين عليه وهو واجد الكفاية.
ويسن لمن لم يتعين إذا كان مكتفيا ترك الاخذ، ومحل جواز الاخذ للمكتفي ولغيره إذا لم يوجد متطوع بالقضاء صالح له، وإلا فلا يجوز كما صرح به الماوردي وغيره. ولا يجوز أن يرزق القاضي من خاص مال الإمام أو غيره من الآحاد، ولا يجوز له قبوله. وفارق نظيره في المؤذن بأن ذاك لا يورث فيه تهمة ولا ميلا لأن عمله لا يختلف، وفي المفتي