مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٤ - الصفحة ٣٩٢
تنبيه: عطف هذين على قبلهما يفهم كونهما خلاف الأولى، لكن في الروضة وأصلها أنهما مكروهان، ومع ذلك فغيرهما من بقية المعاملات من إجارة وغيرها كالبيع والشراء، بل نص في الام على أنه لا ينظر في نفقة عياله ولا أمر صنعته بل يكله إلى غيره تفريغا لقلبه. واستثنى الزركشي معاملة أبعاضه لانتفاء المعنى ولا ينفذ حكمه لهم، وما قاله لا يأتي مع التعليل الأول. (و) يندب أن (لا يكون له وكيل معروف) كيلا يحابي أيضا، فإن فعل ذلك كره.
والمعاملة في مجلس حكمه أشد كراهة، فإن عرف وكيله استبدل غيره، فإن لم يجد وكيلا عقد لنفسه للضرورة، فإن وقعت لمن عامله خصومة أناب ندبا غيره في فصلها خوف الميل إليه. (فإن أهدى إليه من له خصومة) في الحال عنده، سواء أكان ممن يهدى إليه قبل الولاية أم لا، سواء أكان في محل ولايته أم لا، (أو لم) يكن له خصومة لكنه لم (يهد) له (قبل ولايته) القضاء ثم أهدى إليه بعض القضاء هدية، (حرم) عليه (قبولها) أما في الأولى فلخبر: هدايا العمال غلول رواه البيهقي بإسناد حسن، وروي: هدايا العمال سحت، وروي هدايا السلطان سحت ولأنها تدعو إلى الميل إليه وينكسر بها قلب خصمه. وما وقع في الروضة من أنها لا تحرم في غير محل ولايته سببه خلل وقع في نسخ الرافعي السقيمة، وأما في الثانية فلان سببها العمل ظاهرا، ولا يملكها في الصورتين لو قبلها، ويردها على مالكها، فإن تعذر وضعها في بيت المال. وقضية كلامهم أنه لو أرسلها إليه في محل ولايته ولم يدخل بها حرمت، وهو كذلك وإن ذكر فيها الماوردي وجهين.
تنبيه: يستثنى من ذلك هدية أبعاضه كما قال الأذرعي إذ لا ينفذ حكمه لهم. (وإن كان يهدي) إليه بضم أوله، قبل ولايته، (و) الحال أنه (لا خصومة) له، (جاز) قبولها إن كانت الهدية (بقدر العادة) السابقة ولاية القضاء في صفة الهدية وقدرها. ولو قال: كالعادة دخلت الصفة وذلك لخروجها حينئذ عن سبب الولاية، فانتفت التهمة. (والأولى) إن قبلها (أن) يردها أو (يثيب عليها) أو يضعها في بيت المال، لأن ذلك أبعد عن التهمة، ولأنه (ص) كان يقبلها ويثيب عليها. أما إذا زادت على المعتاد فكما لو لم يعهد منه، كذا في أصل الروضة. وقضيته تحريم الجميع، لكن قال الروياني نقلا عن المذهب: إن كانت الزيادة من جنس الهدية جاز قبولها لدخولها في المألوف وإلا فلا. وفي الذخائر: ينبغي أن يقال إن لم تتميز الزيادة، أي بجنس أو قدر، حرم قبول الجميع، وإلا فالزيادة فقط، لأنها حدثت بالولاية، وصوبه الزركشي، وجعله الأسنوي القياس، وهو الظاهر. فإن زاد في المعنى كأن أهدى من عادته قطن حريرا، فقد قالوا يحرم أيضا. لكن هل يبطل في الجمع أو يصح منها بقدر قيمة المعتاد؟ فيه نظر، واستظهر الأسنوي الأول، وهو ظاهر إن كان للزيادة وقع، وإلا فلا عبرة بها. والضيافة والهبة كالهدية، وكذا الصدقة كما قاله شيخنا.
والزكاة كذلك كما قاله بعض المتأخرين إن لم يتعين الدافع إليه. والعارية إن كانت مما يقابل بأجرة حكمها كالهدية، وإلا فلا كما بحثه بعض المتأخرين.
تنبيه: قبول الرشوة حرام، وهي ما يبذل له ليحكم بغير الحق، أو ليمتنع من الحكم بالحق، وذلك لخبر: لعن الله الراشي والمرتشي في الحكم رواه ابن حبان وغيره وصححوه، ولان الحكم الذي يأخذ عليه المال إن كان بغير حق فأخذ المال في مقابلته حرام، أو بحق فلا يجوز توفيقه على المال إن كان له رزق في بيت المال. وروي: إن القاضي إذا أخذ فقد أكل السحت، وإذا أخذ الرشوة بلغت به الكفر. واختلف في تأويله، فقيل: إذا أخذها مستحلا، وقيل: أراد إن ذلك طريق وسبب موصل إليه كما قال بعض السلف: المعاصي بريد الكفر.
فروع: ليس للقاضي حضور وليمة أحد الخصمين حالة الخصومة، ولا حضور وليمتيهما ولو في غير محل الولاية لخوف الميل. وله تخصيص إجابة من اعتاد تخصيصه قبل الولاية، ويندب إجابة غير الخصمين إن عمم المولم النداء لها ولم يقطعه كثرة الولائم عن الحكم وإلا فيترك الجميع. ويكره له حضوره وليمة اتخذت له خاصة أو للأغنياء وادعي فيهم،
(٣٩٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 387 388 389 390 391 392 393 394 395 396 397 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الجراح 2
2 فصل: في الجناية من اثنين وما يذكر معها 12
3 فصل: في أركان القصاص في النفس، وهي ثلاثة الخ 13
4 فصل: في تغير حال المجروح من وقت الجرح إلى الموت الخ 23
5 فصل: في شروط القصاص في الأطراف والجراحات والمعاني، وفي إسقاط الشجاج الخ 25
6 باب كيفية القصاص ومستوفيه والاختلاف فيه 30
7 فصل: في اختلاف ولي الدم والجاني 38
8 فصل: في مستحق القصاص ومستوفيه 39
9 فصل: في موجب العمد، وفي العفو 48
10 كتاب الديات 53
11 فصل: في موجب ما دون النفس، وهو ثلاثة أقسام الخ 58
12 فصل: تجب الحكومة فيما لا مقدر فيه الخ 77
13 باب موجبات الدية والعاقلة والكفارة 80
14 فصل: فيما يوجب الشركة في الضمان وما يذكر معه 89
15 فصل: في العاقلة، وكيفية تأجيل ما تحمله 95
16 فصل: في جناية الرقيق 100
17 فصل: في دية الجنين 103
18 فصل: في كفارة القتل التي هي من موجباته 107
19 كتاب دعوى الدم والقسامة 109
20 فصل: فيما يثبت موجب القصاص وموجب المال من إقرار وشهادة 118
21 كتاب البغاة 123
22 فصل: في شروط الإمام الأعظم الخ 129
23 كتاب الردة 133
24 كتاب الزنا 143
25 كتاب حد القذف 155
26 كتاب قطع السرقة 158
27 فصل: فيما لا يمنع القطع وما يمنعه الخ 170
28 فصل: في شروط السارق الخ 174
29 باب قاطع الطريق 180
30 فصل: في اجتماع عقوبات في غير قاطع الطريق 184
31 كتاب الأشربة 186
32 فصل: في التعزير 191
33 كتاب الصيال وضمان الولاة 194
34 فصل: في ضمان ما تتلفه البهائم 204
35 كتاب السير 208
36 فصل: فيما يكره من الغزو الخ 220
37 فصل: في حكم ما يؤخذ من أهل الحرب 227
38 فصل: في الأمان 236
39 كتاب الجزية 242
40 فصل: في أقل الجزية دينار لكل سنة 248
41 فصل: في أحكام عقد الجزية الزائدة على ما مر 253
42 باب الهدنة 260
43 كتاب الصيد والذبائح 265
44 فصل: يحل ذبح حيوان مقدور عليه الخ 273
45 فصل: فيما يملك به الصيد وما يذكر معه 278
46 كتاب الأضحية 282
47 فصل: في العقيقة 293
48 كتاب الأطعمة 297
49 كتاب المسابقة والمناضلة 311
50 كتاب الايمان 320
51 فصل: في صفة كفارة اليمين 327
52 فصل: في الحلف على السكنى والمساكنة الخ 329
53 فصل: في الحلف على أكل أو شرب الخ 335
54 فصل: في مسائل منثورة 342
55 فصل: في الحلف على أن لا يفعل كذا 350
56 كتاب النذر 354
57 فصل: في نذر حج أو عمرة أو هدي أو غيرها 362
58 كتاب القضاء 371
59 فصل: فيما يعرض للقاضي مما يقتضي عزله الخ 380
60 فصل: في آداب القضاء وغيرها 385
61 فصل: في التسوية بين الخصمين 400
62 باب القضاء على الغائب 406
63 فصل: في بيان الدعوى بعين غائبة أو غيرها الخ 411
64 فصل: في ضابط الغائب المحكوم عليه الخ 414
65 باب القسمة 418
66 كتاب الشهادات 426
67 فصل: في بيان ما يعتبر فيه شهادة الرجال الخ 440
68 فصل: في تحمل الشهادة وأدائها وكتابة الصك 450
69 فصل: في جواز تحمل الشهادة على الشهادة وأدائها 452
70 فصل: في رجوع الشهود عن شهادتهم 456
71 كتاب الدعوى والبينات 461
72 فصل: فيما يتعلق بجواب المدعى عليه 468
73 فصل: في كيفية الحلف والتغليظ فيه الخ 472
74 فصل: في تعارض البينتين مع شخصين 480
75 فصل: في اختلاف المتداعيين في العقود وغيرها 485
76 فصل: في شروط القائف 488
77 كتاب العتق 491
78 فصل: في العتق بالبعضية 499
79 فصل: في الاعتاق في مرض الموت الخ 502
80 فصل: في الولاء 506
81 كتاب التدبير 509
82 فصل: في حكم حمل المدبرة والمعلق عتقها الخ 513
83 كتاب الكتابة 516
84 فصل: فيما يلزم السيد بعد الكتابة الخ 521
85 فصل: في لزوم الكتابة وجوازها الخ 528
86 فصل: في مشاركة الكتابة الفاسدة الصحيحة ومخالفتها لها 532
87 كتاب أمهات الأولاد 538
88 التعريف بالامام النووي 545
89 التعريف بالامام الشربيني الخطيب 548