أو بشفعة الجوار، وينبغي عدم جوازه لاعتقاده خلافه اه. وهذا لا يأتي مع تعليلهم المذكور. (ولا يقضي) القاضي (بخلاف علمه بالاجماع) كما إذا شهد شاهد أن بزوجية بين اثنين وهو يعلم أن بينهما محرمية أو طلاقا بائنا، فلا يقضي بالبينة في ذلك لأنه لو قضى به لكان قاطعا ببطلان حكمه والحكم بالباطل محرم.
تنبيه: اعترض على المصنف دعواه الاجماع بوجه حكاه الماوردي بأنه يحكم بالشهادة المخالفة لعلمه. وأجيب بأن لنا خلافا في أن الأوجه هل تقدح في الاجماع بناء على أن لازم المذهب هل هو مذهب أو لا، والراجح أنه ليس بمذهب فلا تقدح. وتعبير المصنف مشعر بأنه لو قضى بشهادة شاهدين لا يعلم صدقهما ولا كذبهما يكون قاضيا بخلاف علمه، فلا ينفذ قضاؤه، وليس مرادا بل هو نافذ جزما، فلو عبر ك الماوردي وغيره ب لا يقضي بما يعلم خلافه كان أولى. وقوله:
ولا يقضي بخلاف علمه يندرج فيه حكمه بخلاف عقيدته، قال البلقيني: وهذا يمكن أن يدعى فيه اتفاق العلماء، لأن الحكم إنما يبرم من حاكم بما يعتقده. (والأظهر أنه يقضي بعلمه) ولو علمه قبل ولايته أو في غير محل ولايته. وسواء أكان في الواقعة بينة أم لا، لأنه إذا حكم بما يفيد الظن وهو الشاهدان أو شاهد ويمين فبالعلم أولى. وعلى هذا يقضي بعلمه في المال قطعا، وكذا في القصاص وحده القذف في الأظهر. والثاني: المنع لما فيه من التهمة. ورد بأنه لو قال:
ثبت عندي وصح لدي كذا قبل قطعا مع احتمال التهمة. وعلى الأول يكره كما أشار إليه الشافعي في الام، قال الربيع:
كان الشافعي يرى القضاء بالعلم ولا يبوح به مخافة قضاة السوء. قال الماوردي: ولا بد أن يقول للمنكر قد علمت أن له تمليك ما ادعاه وحكمت عليك بعلمي، فإن ترك أحد هذين لم ينفذ. وشرط الشيخ عز الدين في القواعد كون الحاكم ظاهر التقوى والورع.
تنبيه: شمل إطلاق المصنف جريان الخلاف في الجرح والتعديل، وهي طريقة ضعيفة والمشهور القطع بأنه يقضي فيه بالعلم، وقد جزم المصنف في الفصل الآتي: ولا يقضي بعلمه جزما لاصله وفرعه وشريكه في المشترك وما المراد بالعلم الذي يقضي به اه. واليقين الذي لا يحتمل غيره أو غلبة الظن مطلقا؟ والراجح الثاني كما يقتضيه كلام الرافعي، فمتى تحقق الحاكم طريقا تسوغ الشهادة للشاهد جاز له الحكم بها كمشاهدة القرض والابراء أو استصحاب حكمهما، وكمشاهدة اليد والتصرف مدة طويلة بلا معارض، وكخبرة باطن المعسر ومن لا وارث له ونحو ذلك. ولا يكتفي في ذلك بمجرد الظنون وما يقع في القلوب بلا أسباب لم يشهد الشرع باعتبارها. هذا كله فيما علمه بالمشاهدة، أما ما علمه بالتواتر فهو أولى، لأن المحذور ثم التهمة، فإذا شاع الامر زالت. واختار البلقيني التفصيل بين التواتر الظاهر لكل أحد كوجود بغداد فيقضي به قطعا، وبين التواتر المختص فيتخرج على خلاف القضاء بالعلم. واستثنى البلقيني من القضاء بالعلم ما لو علم القاضي بالابراء فذكره للمقر فقال: أعرف صدور الابراء منه، ومع ذلك فدينه باق علي، فإن القاضي يقضي على المقر بما أقر به، وإن كان على خلاف ما علمه القاضي، لأن الخصم قد أقر بما يدفع علم القاضي. قال: ولم أر من تعرض لذلك وهو فقه واضح اه. ورد بأن هذا ليس بقضاء على خلاف العلم، لأن إقرار الخصم المتأخر عن الابراء قد يرفع حكم الابراء فصار العمل به لا بالبينة ولا بالاقرار المتقدم. واستثني من محل الخلاف بالقضاء بالعلم صور، أحدها: ما لو أقر في مجلس قضائه بشئ فله أن يقضي به قطعا، لكنه قضاء بالاقرار لا بالعلم. ثانيها: لو علم الإمام استحقاق من طلب الزكاة جاز الدفع له. ثالثها:
لو عاين القاضي اللوث كان له اعتماده، ولا يخرج على الخلاف في القضاء بالقضاء بالعلم. رابعها: أن يقر عنده بالطلاق الثلاث، ثم يدعي زوجيتها. خامسها: أن يدعي أن فلانا قتل أباه وهو يعلم أنه قتله غيره. (إلا في حدود الله تعالى) كالزنا والسرقة والمحاربة والشرب، فلا يقضي بعلمه فيها لأنها تدرأ بالشبهات ويندب سترها، والتعزيرات المتعلقة بحق الله تعالى كالحدود المتعلقة به تعالى كما قاله البلقيني. ويستثنى من ذلك ما إذا علم القاضي من مكلف أنه أسلم ثم أظهر الردة، فقد أفتى البلقيني بأن القاضي يقضي عليه بالاسلام بعلمه ويرتب عليه أحكامه. واستثني أيضا ما إذا اعترف في مجلس الحكم بما يوجب الحد ولم يرجع عن إقراره فإنه يقضي