مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٤ - الصفحة ٣٩٤
، (أو نكل) عن اليمين بعد عرضها عليها، (فحلف المدعي) اليمين المردودة أو أقام بينة، (وسأل القاضي أن يشهد على إقراره عنده) في صورة الاقرار، (أو) على (يمينه) في صورة النكول، أو على ما قامت به البينة، (أو) سأل (الحكم بما ثبت) عنده، (و) سأل أيضا (الاشهاد به لزمه) إجابته، لأنه قد ينكر بعد ذلك فلا يتمكن القاضي من الحكم عليه إن قلنا لا يقضى بعلمه، وإن قلنا يقضي به فربما نسي أو انعزل فلا يقبل قوله فيضيع الحق. ولو أقام المدعى عليه بينة بما ادعاه وسأله الاشهاد عليه لزمه أيضا، لأن الاشهاد أيضا يتضمن تعديل البينة وإثبات حقه.
ولو حلف المدعى عليه وسأل القاضي الاشهاد بإحلافه ليكون حجة له فلا يطالبه مرة أخرى لزمه إجابته.
تنبيه: كلامه يقتضي أنه لا يجب الحكم قبل أن يسأله المدعي، وهو كذلك، قال في الروضة في باب القضاء على الغائب: لا يجوز الحكم على المدعى عليه إلا بسؤال المدعي على الأصح. نعم إن كان الحكم لمن لا يعبر عن نفسه لصغر أو جنون وهو وليه فيظهر كما قال الأذرعي الجزم بأنه لا يتوقف على سؤال أحد. ولم يبين المصنف صيغة الحكم اللازم، وصيغته قوله: حكمت على فلان لفلان بكذا، أو قضيت بكذا، أو نفذت الحكم به، أو ألزمت الخصم به أو نحو ذلك، كأمضيته أو أجزته بخلاف قوله: ثبت عندي، أو صح، أو وضح لدي أو سمعت البينة، أو قبلتها، فإنه لم يكن حكما، وكذا ما يكتب على ظهر الكتب الحكمية وهو الصحيح، وورد هذا الكتاب علي فقبلته قبول مثله وألزمت العمل بموجبه. ولا بد في الحكم من تعيين ما يحكم به ومن يحكم له، لكن قد يبتلى القاضي بظالم يريد ما لا يجوز ويحتاج إلى ملاينته فرخص في رفعه بما يخيل إليه أنه أسعفه بمراده، مثاله: أقام الخارج بينة والداخل بينة والقاضي يعلم بفسق بينة الداخل ولكنه يحتاج إلى ملاينته، وطلب هو الحكم بناء على ترجيح بينته، فيكتب: حكمت بما هو مقتضى الشرع في معارضته بينة فلان الداخل وفلان الخارج وقررت المحكوم به في يد المحكوم له وسلطته عليه ومكنته من التصرف. ولما فرغ المصنف مما تجب فيه إجابة القاضي للمدعي شرع فيما يسن له فيه الإجابة، وذكر ذلك في قوله:
(أو) سأل المدعي القاضي (أن يكتب له) في قرطاس أحضره من عنده أو من بيت المال (محضرا بما جرى من غير حكم، أو) يكتب له (سجلا بما حكم) به، (استحب) للقاضي (إجابته) في الأصح لأنه مذكور. (وقيل تجب) كالاشهاد. وفرق الأول بأن الكتابة لا تثبت حقا بخلاف الاشهاد، وسواء في ذلك الديون المؤجلة والوقوف وغيرهما.
نعم إن تعلقت الحكومة بصبي أو مجنون له أو عليه وجب التسجيل على ما نقل عن الزبيلي وشريح الروياني وغيره.
وكالمدعي في استحباب الإجابة المدعى عليه كما في الروضة كأصلها.
تنبيه: اعلم أن لألفاظ الحكم المتداولة في التسجيلات مراتب، أدناها الثبوت المجرد، وهو أنواع: ثبوت اعتراف المتبايعين مثلا بجريان البيع، وثبوت ما قامت به البينة من ذلك، وثبوت نفس الجريان. وهذا كله ليس بحكم كما صححاه في باب القضاء على الغائب ونقله في البحر عن نص الام وأكثر الأصحاب، لأنه إنما يراد به صحة الدعوى وقبول الشهادة، فهو بمثابة: سمعت البينة وقبلتها، ولا إلزام في ذلك، والحكم إلزام. وأعلاها الثبوت من الحكم، والحكم أنواع ستة: الحكم بصحة البيع مثلا، والحكم بموجبه، والحكم بموجب ما ثبت عنده، والحكم بموجب ما قامت به البينة عنده، والحكم بموجب ما أشهد به على نفسه، والحكم بثبوت ما شهدت به البينة، وأدنى هذه الأنواع هذا السادس، وهو الحكم بثبوت ما شهدت به البينة لأنه لا يزيد على أن يكون حكما بتعديل البينة، وفائدته عدم احتياج حاكم آخر إلى النظر فيها وجواز النقل في البلد، وأعلاها الحكم بالصحة أو بالموجب، أعني الأولين. وأما هذان فلا يطلق القول بأن أحدهما أعلى من الآخر، بل يختلف ذلك باختلاف الأشياء، ففي شئ يكون الحكم بالصحة أعلى من الحكم بالموجب، وفي شئ يكون الامر بالعكس، فإذا كانت مختلفة فيها وحكم بها من
(٣٩٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 389 390 391 392 393 394 395 396 397 398 399 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الجراح 2
2 فصل: في الجناية من اثنين وما يذكر معها 12
3 فصل: في أركان القصاص في النفس، وهي ثلاثة الخ 13
4 فصل: في تغير حال المجروح من وقت الجرح إلى الموت الخ 23
5 فصل: في شروط القصاص في الأطراف والجراحات والمعاني، وفي إسقاط الشجاج الخ 25
6 باب كيفية القصاص ومستوفيه والاختلاف فيه 30
7 فصل: في اختلاف ولي الدم والجاني 38
8 فصل: في مستحق القصاص ومستوفيه 39
9 فصل: في موجب العمد، وفي العفو 48
10 كتاب الديات 53
11 فصل: في موجب ما دون النفس، وهو ثلاثة أقسام الخ 58
12 فصل: تجب الحكومة فيما لا مقدر فيه الخ 77
13 باب موجبات الدية والعاقلة والكفارة 80
14 فصل: فيما يوجب الشركة في الضمان وما يذكر معه 89
15 فصل: في العاقلة، وكيفية تأجيل ما تحمله 95
16 فصل: في جناية الرقيق 100
17 فصل: في دية الجنين 103
18 فصل: في كفارة القتل التي هي من موجباته 107
19 كتاب دعوى الدم والقسامة 109
20 فصل: فيما يثبت موجب القصاص وموجب المال من إقرار وشهادة 118
21 كتاب البغاة 123
22 فصل: في شروط الإمام الأعظم الخ 129
23 كتاب الردة 133
24 كتاب الزنا 143
25 كتاب حد القذف 155
26 كتاب قطع السرقة 158
27 فصل: فيما لا يمنع القطع وما يمنعه الخ 170
28 فصل: في شروط السارق الخ 174
29 باب قاطع الطريق 180
30 فصل: في اجتماع عقوبات في غير قاطع الطريق 184
31 كتاب الأشربة 186
32 فصل: في التعزير 191
33 كتاب الصيال وضمان الولاة 194
34 فصل: في ضمان ما تتلفه البهائم 204
35 كتاب السير 208
36 فصل: فيما يكره من الغزو الخ 220
37 فصل: في حكم ما يؤخذ من أهل الحرب 227
38 فصل: في الأمان 236
39 كتاب الجزية 242
40 فصل: في أقل الجزية دينار لكل سنة 248
41 فصل: في أحكام عقد الجزية الزائدة على ما مر 253
42 باب الهدنة 260
43 كتاب الصيد والذبائح 265
44 فصل: يحل ذبح حيوان مقدور عليه الخ 273
45 فصل: فيما يملك به الصيد وما يذكر معه 278
46 كتاب الأضحية 282
47 فصل: في العقيقة 293
48 كتاب الأطعمة 297
49 كتاب المسابقة والمناضلة 311
50 كتاب الايمان 320
51 فصل: في صفة كفارة اليمين 327
52 فصل: في الحلف على السكنى والمساكنة الخ 329
53 فصل: في الحلف على أكل أو شرب الخ 335
54 فصل: في مسائل منثورة 342
55 فصل: في الحلف على أن لا يفعل كذا 350
56 كتاب النذر 354
57 فصل: في نذر حج أو عمرة أو هدي أو غيرها 362
58 كتاب القضاء 371
59 فصل: فيما يعرض للقاضي مما يقتضي عزله الخ 380
60 فصل: في آداب القضاء وغيرها 385
61 فصل: في التسوية بين الخصمين 400
62 باب القضاء على الغائب 406
63 فصل: في بيان الدعوى بعين غائبة أو غيرها الخ 411
64 فصل: في ضابط الغائب المحكوم عليه الخ 414
65 باب القسمة 418
66 كتاب الشهادات 426
67 فصل: في بيان ما يعتبر فيه شهادة الرجال الخ 440
68 فصل: في تحمل الشهادة وأدائها وكتابة الصك 450
69 فصل: في جواز تحمل الشهادة على الشهادة وأدائها 452
70 فصل: في رجوع الشهود عن شهادتهم 456
71 كتاب الدعوى والبينات 461
72 فصل: فيما يتعلق بجواب المدعى عليه 468
73 فصل: في كيفية الحلف والتغليظ فيه الخ 472
74 فصل: في تعارض البينتين مع شخصين 480
75 فصل: في اختلاف المتداعيين في العقود وغيرها 485
76 فصل: في شروط القائف 488
77 كتاب العتق 491
78 فصل: في العتق بالبعضية 499
79 فصل: في الاعتاق في مرض الموت الخ 502
80 فصل: في الولاء 506
81 كتاب التدبير 509
82 فصل: في حكم حمل المدبرة والمعلق عتقها الخ 513
83 كتاب الكتابة 516
84 فصل: فيما يلزم السيد بعد الكتابة الخ 521
85 فصل: في لزوم الكتابة وجوازها الخ 528
86 فصل: في مشاركة الكتابة الفاسدة الصحيحة ومخالفتها لها 532
87 كتاب أمهات الأولاد 538
88 التعريف بالامام النووي 545
89 التعريف بالامام الشربيني الخطيب 548