مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٤ - الصفحة ٢١٤
وإن شملتها عبارة المصنف وكذا فاسق ونحوه كمبتدع إن كان في تركه زجر لهما أو لغيرهما، ولو كتب كتابا وسلم عليه فيه أو أرسل رسولا، فقال: سلم علي فلان، فإذا بلغه خبر الكتاب والرسالة لزمه الرد وهل صيغة إرسال السلام مع الغير السلام على فلان أو يكفي سلم لي على فلان كما هو ظاهر ما مر؟ يؤخذ من كلام التتمة الثاني، وعبارته أنه لو ناداه من وراء ستر أو حائط، وقال: السلام عليك يا فلان أو كتب كتابا وسلم عليه فيه أو أرسل رسولا. فقال: سلم على فلان فبلغه الكتاب أو الرسالة وجب عليه الجواب، لأن تحية الغائب إنما تكون بالمناداة أو الكتاب أو الرسالة اه‍. ولو سلم الأصم جمع بين اللفظ والإشارة، أما اللفظ فلقدرته عليه، وأما الإشارة فليحصل بها الافهام ويستحق الجواب ويجب الجمع بينهما على من رد عليه ليحصل به الافهام، ويسقط عنه فرض الجواب، وقضية التعليل أنه إن علم أنه فهم ذلك بقرينة الحال والنظر إلى فمه لم تجب الإشارة وهو ما بحثه الأذرعي، وسلام الأخرس بالإشارة معتد به وكذا رده لأن إشارته قائمة مقام العبارة.
تنبيه: لو سلم ذمي على مسلم قال له وجوبا، كما قاله الماوردي والروياني وعليك فقط، لخبر الصحيحين: إذا سلم عليكم أهل الكتاب فقولوا وعليكم. وروى البخاري خبر: إذا سلم عليكم اليهود فإنما يقول أحدهم السام عليك فقولوا وعليك وقال الخطابي: كان سفيان يروي عليكم بحذف الواو وهو الصواب لأنه إذا حذفها صار قولهم مردودا عليهم وإذا ذكرها وقع الاشتراك معهم والدخول فيما قالوه. قال الزركشي: وفيه نظر، إذ المعنى: ونحن ندعوا عليكم بما دعوتم به علينا على أنا إذا فسرنا السام بالموت فلا إشكال لاشتراك الخلق فيه.
فرع: لو سلم على إنسان ورضي أن لا يرد عليه لم يسقط عنه فرض الرد كما قاله المتولي لأنه حق الله تعالى ويأثم بتعطيل فرض الكفاية كل من علم بتعطيله وقدر على القيام به وإن بعد عن المحل، وكذا يأثم قريب منه لم يعلم به لتقصيره في البحث عنه، ويختلف هذا بكبر البلد وصغره كما قاله الإمام، وإن قام به الجميع فكلهم مؤد فرض كفاية وإن ترتبوا في أدائه. قال الإمام وغيره: والقيام به أفضل من فرض العين لأن القيام بفرض العين أسقط الحرج عن نفسه والقيام بفرض الكفاية أسقط الحرج عنه وعن الأمة. والمعتمد أن فرض العين أفضل كما جرى عليه الشارح في شرحه على جمع الجوامع. (ويسن ابتداؤه) أي السلام على كل مسلم حتى على الصبي، وهو سنة عين إن كان المسلم واحدا، وسنة كفاية إن كان جماعة. أما كونه سنة فلقوله تعالى * (فإذا دخلتم بيوتا فسلموا على أنفسكم) * أي ليسلم بعضكم على بعض وللامر بإفشاء السلام في الصحيحين، وأما كونه كفاية فلخبر أبي داود السابق. أما الذمي فلا يجوز ابتداؤه به، وقد يتصور وجوب الابتداء بالسلام، وهو ما لو أرسل سلامه إلى غائب ففي زوائد الروضة يلزم المرسل أن يبلغه فإنه أمانة ويجب أداؤها ويجب الرد كما مر، ويسن الرد على المبلغ وابتداء السلام أفضل من رده كما ناله القاضي في فتاويه، وهذه سنة أفضل من فرض، ونظيره إبراء المعسر سنة وإنظاره فرض وإبراؤه أفضل.
تنبيه: قول القاضي: ليس لنا سنة كفاية غير ابتداء السلام من الجماعة أو رد عليه مسائل: منها التسمية على الاكل، ومنها الأضحية في حق أهل البيت، ومنها تشميت العاطس، ومنها الأذان والإقامة. و (لا) يسن ابتداؤه (على قاضي حاجة) للنهي عنه في سنن ابن ماجة، ولان مكالمته بعيدة عن الأدب، والمراد بالحاجة البول والغائط، ولا على المجامع بطريق الأولى (و) لا على (آكل) - بالمد - لشغله به (و) لا على من (في حمام) لاشتغاله بالاغتسال، وهو مأوى الشياطين، وليس موضع تحية. واستثنى مع ذلك مسائل كثيرة، منها المصلي، ومنها المؤذن، ومنها الخطيب، ومنها الملبي في النسك، ومنها مستغرق القلب بالدعاء وبالقراءة كما بحثه الأذرعي، ومنها النائم أو الناعس، ومنها الفاسق والمبتدع، لأن حالتهم لا تناسبه، والضابط كما قاله الإمام أن يكون الشخص على حالة لا يجوز أو لا يليق بالمروءة القرب منه (ولا جواب) واجب (عليهم) لو أتى به لوضعه السلام في غير محله لعدم سنه. واستثنى الإمام من الاكل ما إذا سلم عليه بعد الابتلاع وقبل وضعه لقمة أخرى فيسن السلام عليه ويجب عليه الرد، وكذا من
(٢١٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 209 210 211 212 213 214 215 216 217 218 219 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الجراح 2
2 فصل: في الجناية من اثنين وما يذكر معها 12
3 فصل: في أركان القصاص في النفس، وهي ثلاثة الخ 13
4 فصل: في تغير حال المجروح من وقت الجرح إلى الموت الخ 23
5 فصل: في شروط القصاص في الأطراف والجراحات والمعاني، وفي إسقاط الشجاج الخ 25
6 باب كيفية القصاص ومستوفيه والاختلاف فيه 30
7 فصل: في اختلاف ولي الدم والجاني 38
8 فصل: في مستحق القصاص ومستوفيه 39
9 فصل: في موجب العمد، وفي العفو 48
10 كتاب الديات 53
11 فصل: في موجب ما دون النفس، وهو ثلاثة أقسام الخ 58
12 فصل: تجب الحكومة فيما لا مقدر فيه الخ 77
13 باب موجبات الدية والعاقلة والكفارة 80
14 فصل: فيما يوجب الشركة في الضمان وما يذكر معه 89
15 فصل: في العاقلة، وكيفية تأجيل ما تحمله 95
16 فصل: في جناية الرقيق 100
17 فصل: في دية الجنين 103
18 فصل: في كفارة القتل التي هي من موجباته 107
19 كتاب دعوى الدم والقسامة 109
20 فصل: فيما يثبت موجب القصاص وموجب المال من إقرار وشهادة 118
21 كتاب البغاة 123
22 فصل: في شروط الإمام الأعظم الخ 129
23 كتاب الردة 133
24 كتاب الزنا 143
25 كتاب حد القذف 155
26 كتاب قطع السرقة 158
27 فصل: فيما لا يمنع القطع وما يمنعه الخ 170
28 فصل: في شروط السارق الخ 174
29 باب قاطع الطريق 180
30 فصل: في اجتماع عقوبات في غير قاطع الطريق 184
31 كتاب الأشربة 186
32 فصل: في التعزير 191
33 كتاب الصيال وضمان الولاة 194
34 فصل: في ضمان ما تتلفه البهائم 204
35 كتاب السير 208
36 فصل: فيما يكره من الغزو الخ 220
37 فصل: في حكم ما يؤخذ من أهل الحرب 227
38 فصل: في الأمان 236
39 كتاب الجزية 242
40 فصل: في أقل الجزية دينار لكل سنة 248
41 فصل: في أحكام عقد الجزية الزائدة على ما مر 253
42 باب الهدنة 260
43 كتاب الصيد والذبائح 265
44 فصل: يحل ذبح حيوان مقدور عليه الخ 273
45 فصل: فيما يملك به الصيد وما يذكر معه 278
46 كتاب الأضحية 282
47 فصل: في العقيقة 293
48 كتاب الأطعمة 297
49 كتاب المسابقة والمناضلة 311
50 كتاب الايمان 320
51 فصل: في صفة كفارة اليمين 327
52 فصل: في الحلف على السكنى والمساكنة الخ 329
53 فصل: في الحلف على أكل أو شرب الخ 335
54 فصل: في مسائل منثورة 342
55 فصل: في الحلف على أن لا يفعل كذا 350
56 كتاب النذر 354
57 فصل: في نذر حج أو عمرة أو هدي أو غيرها 362
58 كتاب القضاء 371
59 فصل: فيما يعرض للقاضي مما يقتضي عزله الخ 380
60 فصل: في آداب القضاء وغيرها 385
61 فصل: في التسوية بين الخصمين 400
62 باب القضاء على الغائب 406
63 فصل: في بيان الدعوى بعين غائبة أو غيرها الخ 411
64 فصل: في ضابط الغائب المحكوم عليه الخ 414
65 باب القسمة 418
66 كتاب الشهادات 426
67 فصل: في بيان ما يعتبر فيه شهادة الرجال الخ 440
68 فصل: في تحمل الشهادة وأدائها وكتابة الصك 450
69 فصل: في جواز تحمل الشهادة على الشهادة وأدائها 452
70 فصل: في رجوع الشهود عن شهادتهم 456
71 كتاب الدعوى والبينات 461
72 فصل: فيما يتعلق بجواب المدعى عليه 468
73 فصل: في كيفية الحلف والتغليظ فيه الخ 472
74 فصل: في تعارض البينتين مع شخصين 480
75 فصل: في اختلاف المتداعيين في العقود وغيرها 485
76 فصل: في شروط القائف 488
77 كتاب العتق 491
78 فصل: في العتق بالبعضية 499
79 فصل: في الاعتاق في مرض الموت الخ 502
80 فصل: في الولاء 506
81 كتاب التدبير 509
82 فصل: في حكم حمل المدبرة والمعلق عتقها الخ 513
83 كتاب الكتابة 516
84 فصل: فيما يلزم السيد بعد الكتابة الخ 521
85 فصل: في لزوم الكتابة وجوازها الخ 528
86 فصل: في مشاركة الكتابة الفاسدة الصحيحة ومخالفتها لها 532
87 كتاب أمهات الأولاد 538
88 التعريف بالامام النووي 545
89 التعريف بالامام الشربيني الخطيب 548