وإن شملتها عبارة المصنف وكذا فاسق ونحوه كمبتدع إن كان في تركه زجر لهما أو لغيرهما، ولو كتب كتابا وسلم عليه فيه أو أرسل رسولا، فقال: سلم علي فلان، فإذا بلغه خبر الكتاب والرسالة لزمه الرد وهل صيغة إرسال السلام مع الغير السلام على فلان أو يكفي سلم لي على فلان كما هو ظاهر ما مر؟ يؤخذ من كلام التتمة الثاني، وعبارته أنه لو ناداه من وراء ستر أو حائط، وقال: السلام عليك يا فلان أو كتب كتابا وسلم عليه فيه أو أرسل رسولا. فقال: سلم على فلان فبلغه الكتاب أو الرسالة وجب عليه الجواب، لأن تحية الغائب إنما تكون بالمناداة أو الكتاب أو الرسالة اه. ولو سلم الأصم جمع بين اللفظ والإشارة، أما اللفظ فلقدرته عليه، وأما الإشارة فليحصل بها الافهام ويستحق الجواب ويجب الجمع بينهما على من رد عليه ليحصل به الافهام، ويسقط عنه فرض الجواب، وقضية التعليل أنه إن علم أنه فهم ذلك بقرينة الحال والنظر إلى فمه لم تجب الإشارة وهو ما بحثه الأذرعي، وسلام الأخرس بالإشارة معتد به وكذا رده لأن إشارته قائمة مقام العبارة.
تنبيه: لو سلم ذمي على مسلم قال له وجوبا، كما قاله الماوردي والروياني وعليك فقط، لخبر الصحيحين: إذا سلم عليكم أهل الكتاب فقولوا وعليكم. وروى البخاري خبر: إذا سلم عليكم اليهود فإنما يقول أحدهم السام عليك فقولوا وعليك وقال الخطابي: كان سفيان يروي عليكم بحذف الواو وهو الصواب لأنه إذا حذفها صار قولهم مردودا عليهم وإذا ذكرها وقع الاشتراك معهم والدخول فيما قالوه. قال الزركشي: وفيه نظر، إذ المعنى: ونحن ندعوا عليكم بما دعوتم به علينا على أنا إذا فسرنا السام بالموت فلا إشكال لاشتراك الخلق فيه.
فرع: لو سلم على إنسان ورضي أن لا يرد عليه لم يسقط عنه فرض الرد كما قاله المتولي لأنه حق الله تعالى ويأثم بتعطيل فرض الكفاية كل من علم بتعطيله وقدر على القيام به وإن بعد عن المحل، وكذا يأثم قريب منه لم يعلم به لتقصيره في البحث عنه، ويختلف هذا بكبر البلد وصغره كما قاله الإمام، وإن قام به الجميع فكلهم مؤد فرض كفاية وإن ترتبوا في أدائه. قال الإمام وغيره: والقيام به أفضل من فرض العين لأن القيام بفرض العين أسقط الحرج عن نفسه والقيام بفرض الكفاية أسقط الحرج عنه وعن الأمة. والمعتمد أن فرض العين أفضل كما جرى عليه الشارح في شرحه على جمع الجوامع. (ويسن ابتداؤه) أي السلام على كل مسلم حتى على الصبي، وهو سنة عين إن كان المسلم واحدا، وسنة كفاية إن كان جماعة. أما كونه سنة فلقوله تعالى * (فإذا دخلتم بيوتا فسلموا على أنفسكم) * أي ليسلم بعضكم على بعض وللامر بإفشاء السلام في الصحيحين، وأما كونه كفاية فلخبر أبي داود السابق. أما الذمي فلا يجوز ابتداؤه به، وقد يتصور وجوب الابتداء بالسلام، وهو ما لو أرسل سلامه إلى غائب ففي زوائد الروضة يلزم المرسل أن يبلغه فإنه أمانة ويجب أداؤها ويجب الرد كما مر، ويسن الرد على المبلغ وابتداء السلام أفضل من رده كما ناله القاضي في فتاويه، وهذه سنة أفضل من فرض، ونظيره إبراء المعسر سنة وإنظاره فرض وإبراؤه أفضل.
تنبيه: قول القاضي: ليس لنا سنة كفاية غير ابتداء السلام من الجماعة أو رد عليه مسائل: منها التسمية على الاكل، ومنها الأضحية في حق أهل البيت، ومنها تشميت العاطس، ومنها الأذان والإقامة. و (لا) يسن ابتداؤه (على قاضي حاجة) للنهي عنه في سنن ابن ماجة، ولان مكالمته بعيدة عن الأدب، والمراد بالحاجة البول والغائط، ولا على المجامع بطريق الأولى (و) لا على (آكل) - بالمد - لشغله به (و) لا على من (في حمام) لاشتغاله بالاغتسال، وهو مأوى الشياطين، وليس موضع تحية. واستثنى مع ذلك مسائل كثيرة، منها المصلي، ومنها المؤذن، ومنها الخطيب، ومنها الملبي في النسك، ومنها مستغرق القلب بالدعاء وبالقراءة كما بحثه الأذرعي، ومنها النائم أو الناعس، ومنها الفاسق والمبتدع، لأن حالتهم لا تناسبه، والضابط كما قاله الإمام أن يكون الشخص على حالة لا يجوز أو لا يليق بالمروءة القرب منه (ولا جواب) واجب (عليهم) لو أتى به لوضعه السلام في غير محله لعدم سنه. واستثنى الإمام من الاكل ما إذا سلم عليه بعد الابتلاع وقبل وضعه لقمة أخرى فيسن السلام عليه ويجب عليه الرد، وكذا من