لماء وجهها ودمه وأحب للبعل: أي أحسن في جماعها (و) ختان (الرجل بقطع ما) أي جلدة (تغطي حشفته) حتى تظهر كلها، فلا يكفي قطع بعضها، ويقال لتلك الجلدة القلفة، وقوله (بعد البلوغ) ظرف ليجب ويكون بعد العقل أيضا واحتمال الختان. أما وجوبه فلقوله تعالى * (ثم أوحينا إليك أن اتبع ملة إبراهيم حنيفا) * وكان من ملته الختان، ففي الصحيحين: أنه اختتن وعمره ثمانون سنة وفي صحيح ابن حبان والحاكم مائة وعشرون سنة وقيل سبعون سنة. ولأنه قطع جزء من البدن لا يخلف تعبدا فلا يكون إلا واجبا كقطع يد السارق، واحترز بالقيد الأول عن الظفر والشعر، وبالثاني عن القطع للأكلة، ولأنه يجوز كشف العورة له من غير ضرورة ولا مداراة. فلو لم يجب لما جاز، ولأنه (ص) أمر بالختان رجلا أسلم فقال له: ألق عنك شعر الكفر واختتن والامر للوجوب خرج إلقاء الشعر بدليل فبقي في الختان تقليلا لمخالفة الامر، وقيل هو سنة لقول الحسن: قد أسلم الناس ولم يختتنوا، وقيل واجب للذكور سنة للإناث. قال المحب الطبري: وهو قول أكثر أهل العلم، وأما كيفيته فكما ذكره المصنف، ولو ولد مختونا أجزأه.
فائدة: أول من اختتن من الرجال إبراهيم صلى الله عليه وسلم، ومن الإناث هاجر رضي الله تعالى عنها.
تنبيه: خلق آدم مختونا وولد من الأنبياء مختونا ثلاثة عشر: شيث ونوح وهود وصالح ولوط وشعيب ويوسف وموسى وسليمان وزكريا وعيسى وحنظلة بن صفوان ونبينا محمد (ص)، لكن روى ابن عساكر عن أبي بكرة موقوفا:
أن جبريل ختن النبي (ص) حين طهر قلبه وروى أبو عمر في الاستيعاب عن عكرمة عن ابن عباس: أن عبد المطلب ختن النبي (ص) يوم سابعه وجعل له مأدبة وسماه محمدا. وخرج بالبالغ الصغير، وبالعاقل المجنون، وبمن يحتمله من لا يحتمله، لأن الأولين ليسا من أهل الوجوب، والثالث يتضرر به، ولا يجوز ختان ضعيف خلقة يخاف عليه منه فيترك حتى يغلب على الظن سلامته، فإن لم يخف عليه منه استحب تأخيره حتى يحتمله. قال البلقيني: وهذا شرط لأداء الواجب لا أنه شرط للوجوب، وبالمرأة الرجل الخنثى المشكل، فلا يجوز ختانه مطلقا، لأن الجرح لا يجوز بالشك، هذا ما صححه في زيادة الروضة. وقيل: يجب ختان فرجيه بعد بلوغه ليتوصل إلى المستحق. وقال ابن الرفعة: إنه المشهور.
وعلى هذا قال المصنف رحمه الله: إن أحسن الختن ختن نفسه وإلا اتباع أمه تختنه فإن عجز عنها تولاه الرجال والنساء للضرورة كالطبيب، ومن له ذكران عاملان يجب عليه ختنهما، وإن كان أحدهما عاملا فقط وجب عليه ختنه فقط، وإن شك فالقياس أنه كالخنثى، وهل يعرف العمل بالجماع أو البول؟ وجهان: جزم في الروضة في باب الغسل بالثاني ورجحه في التحقيق. (ويندب تعجيله) أي الختان (في سابعه) أي يوم الولادة، لما رواه الحاكم عن عائشة رضي الله عنها:
أنه (ص) ختن الحسن والحسين يوم السابع من ولادتهما وقال صحيح الاسناد، ولا يحسب يوم الولادة من السبعة كما صححه في الروضة، وإن صحح في شرح مسلم أنه يحسب وإنما حسب يوم الولادة منها في العقيقة وحلق الرأس وتسمية الولد لما في الختن من الألم الحاصل به المناسب له التأخير المفيد للقوة على تحمله، وقيل لا يجوز في السابع لأن الصغير لا يطيقه ولان اليهود يفعلونه فالأولى مخالفتهم، وجرى على ذلك في الاحياء، وعلى الأول يكره قبل السابع كما جزم به في التحقيق، وقال الماوردي: ولو أخره عن السابع استحب أن يختن في الأربعين، فإن أخره عنها، ففي السنة السابعة لأنه الوقت الذي يؤمر فيه بالطهارة والصلاة (فإن ضعف) الطفل (عن احتماله) في السابع (أخر) حتما إلى أن يحتمله لزوال الضرر (ومن ختنه) من ولي أو غيره (في سن لا يحتمله) فمات (لزمه قصاص) إن علم أنه لا يحتمله لتعديه بالجرح المهلك لأنه غير جائز في هذه الحالة قطعا، فإن ظن احتماله كأن قال له أهل الخبرة يحتمله فمات فلا قصاص، ويجب دية شبه العمد كما بحثه الزركشي (إلا والدا) وإن علا ختنه في سن لا يحتمله فلا قصاص عليه للبعضية، ويجب عليه دية مغلظة في ماله لأنه عمد محض