مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٤ - الصفحة ٢٠٣
لماء وجهها ودمه وأحب للبعل: أي أحسن في جماعها (و) ختان (الرجل بقطع ما) أي جلدة (تغطي حشفته) حتى تظهر كلها، فلا يكفي قطع بعضها، ويقال لتلك الجلدة القلفة، وقوله (بعد البلوغ) ظرف ليجب ويكون بعد العقل أيضا واحتمال الختان. أما وجوبه فلقوله تعالى * (ثم أوحينا إليك أن اتبع ملة إبراهيم حنيفا) * وكان من ملته الختان، ففي الصحيحين: أنه اختتن وعمره ثمانون سنة وفي صحيح ابن حبان والحاكم مائة وعشرون سنة وقيل سبعون سنة. ولأنه قطع جزء من البدن لا يخلف تعبدا فلا يكون إلا واجبا كقطع يد السارق، واحترز بالقيد الأول عن الظفر والشعر، وبالثاني عن القطع للأكلة، ولأنه يجوز كشف العورة له من غير ضرورة ولا مداراة. فلو لم يجب لما جاز، ولأنه (ص) أمر بالختان رجلا أسلم فقال له: ألق عنك شعر الكفر واختتن والامر للوجوب خرج إلقاء الشعر بدليل فبقي في الختان تقليلا لمخالفة الامر، وقيل هو سنة لقول الحسن: قد أسلم الناس ولم يختتنوا، وقيل واجب للذكور سنة للإناث. قال المحب الطبري: وهو قول أكثر أهل العلم، وأما كيفيته فكما ذكره المصنف، ولو ولد مختونا أجزأه.
فائدة: أول من اختتن من الرجال إبراهيم صلى الله عليه وسلم، ومن الإناث هاجر رضي الله تعالى عنها.
تنبيه: خلق آدم مختونا وولد من الأنبياء مختونا ثلاثة عشر: شيث ونوح وهود وصالح ولوط وشعيب ويوسف وموسى وسليمان وزكريا وعيسى وحنظلة بن صفوان ونبينا محمد (ص)، لكن روى ابن عساكر عن أبي بكرة موقوفا:
أن جبريل ختن النبي (ص) حين طهر قلبه وروى أبو عمر في الاستيعاب عن عكرمة عن ابن عباس: أن عبد المطلب ختن النبي (ص) يوم سابعه وجعل له مأدبة وسماه محمدا. وخرج بالبالغ الصغير، وبالعاقل المجنون، وبمن يحتمله من لا يحتمله، لأن الأولين ليسا من أهل الوجوب، والثالث يتضرر به، ولا يجوز ختان ضعيف خلقة يخاف عليه منه فيترك حتى يغلب على الظن سلامته، فإن لم يخف عليه منه استحب تأخيره حتى يحتمله. قال البلقيني: وهذا شرط لأداء الواجب لا أنه شرط للوجوب، وبالمرأة الرجل الخنثى المشكل، فلا يجوز ختانه مطلقا، لأن الجرح لا يجوز بالشك، هذا ما صححه في زيادة الروضة. وقيل: يجب ختان فرجيه بعد بلوغه ليتوصل إلى المستحق. وقال ابن الرفعة: إنه المشهور.
وعلى هذا قال المصنف رحمه الله: إن أحسن الختن ختن نفسه وإلا اتباع أمه تختنه فإن عجز عنها تولاه الرجال والنساء للضرورة كالطبيب، ومن له ذكران عاملان يجب عليه ختنهما، وإن كان أحدهما عاملا فقط وجب عليه ختنه فقط، وإن شك فالقياس أنه كالخنثى، وهل يعرف العمل بالجماع أو البول؟ وجهان: جزم في الروضة في باب الغسل بالثاني ورجحه في التحقيق. (ويندب تعجيله) أي الختان (في سابعه) أي يوم الولادة، لما رواه الحاكم عن عائشة رضي الله عنها:
أنه (ص) ختن الحسن والحسين يوم السابع من ولادتهما وقال صحيح الاسناد، ولا يحسب يوم الولادة من السبعة كما صححه في الروضة، وإن صحح في شرح مسلم أنه يحسب وإنما حسب يوم الولادة منها في العقيقة وحلق الرأس وتسمية الولد لما في الختن من الألم الحاصل به المناسب له التأخير المفيد للقوة على تحمله، وقيل لا يجوز في السابع لأن الصغير لا يطيقه ولان اليهود يفعلونه فالأولى مخالفتهم، وجرى على ذلك في الاحياء، وعلى الأول يكره قبل السابع كما جزم به في التحقيق، وقال الماوردي: ولو أخره عن السابع استحب أن يختن في الأربعين، فإن أخره عنها، ففي السنة السابعة لأنه الوقت الذي يؤمر فيه بالطهارة والصلاة (فإن ضعف) الطفل (عن احتماله) في السابع (أخر) حتما إلى أن يحتمله لزوال الضرر (ومن ختنه) من ولي أو غيره (في سن لا يحتمله) فمات (لزمه قصاص) إن علم أنه لا يحتمله لتعديه بالجرح المهلك لأنه غير جائز في هذه الحالة قطعا، فإن ظن احتماله كأن قال له أهل الخبرة يحتمله فمات فلا قصاص، ويجب دية شبه العمد كما بحثه الزركشي (إلا والدا) وإن علا ختنه في سن لا يحتمله فلا قصاص عليه للبعضية، ويجب عليه دية مغلظة في ماله لأنه عمد محض
(٢٠٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 198 199 200 201 202 203 204 205 206 207 208 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الجراح 2
2 فصل: في الجناية من اثنين وما يذكر معها 12
3 فصل: في أركان القصاص في النفس، وهي ثلاثة الخ 13
4 فصل: في تغير حال المجروح من وقت الجرح إلى الموت الخ 23
5 فصل: في شروط القصاص في الأطراف والجراحات والمعاني، وفي إسقاط الشجاج الخ 25
6 باب كيفية القصاص ومستوفيه والاختلاف فيه 30
7 فصل: في اختلاف ولي الدم والجاني 38
8 فصل: في مستحق القصاص ومستوفيه 39
9 فصل: في موجب العمد، وفي العفو 48
10 كتاب الديات 53
11 فصل: في موجب ما دون النفس، وهو ثلاثة أقسام الخ 58
12 فصل: تجب الحكومة فيما لا مقدر فيه الخ 77
13 باب موجبات الدية والعاقلة والكفارة 80
14 فصل: فيما يوجب الشركة في الضمان وما يذكر معه 89
15 فصل: في العاقلة، وكيفية تأجيل ما تحمله 95
16 فصل: في جناية الرقيق 100
17 فصل: في دية الجنين 103
18 فصل: في كفارة القتل التي هي من موجباته 107
19 كتاب دعوى الدم والقسامة 109
20 فصل: فيما يثبت موجب القصاص وموجب المال من إقرار وشهادة 118
21 كتاب البغاة 123
22 فصل: في شروط الإمام الأعظم الخ 129
23 كتاب الردة 133
24 كتاب الزنا 143
25 كتاب حد القذف 155
26 كتاب قطع السرقة 158
27 فصل: فيما لا يمنع القطع وما يمنعه الخ 170
28 فصل: في شروط السارق الخ 174
29 باب قاطع الطريق 180
30 فصل: في اجتماع عقوبات في غير قاطع الطريق 184
31 كتاب الأشربة 186
32 فصل: في التعزير 191
33 كتاب الصيال وضمان الولاة 194
34 فصل: في ضمان ما تتلفه البهائم 204
35 كتاب السير 208
36 فصل: فيما يكره من الغزو الخ 220
37 فصل: في حكم ما يؤخذ من أهل الحرب 227
38 فصل: في الأمان 236
39 كتاب الجزية 242
40 فصل: في أقل الجزية دينار لكل سنة 248
41 فصل: في أحكام عقد الجزية الزائدة على ما مر 253
42 باب الهدنة 260
43 كتاب الصيد والذبائح 265
44 فصل: يحل ذبح حيوان مقدور عليه الخ 273
45 فصل: فيما يملك به الصيد وما يذكر معه 278
46 كتاب الأضحية 282
47 فصل: في العقيقة 293
48 كتاب الأطعمة 297
49 كتاب المسابقة والمناضلة 311
50 كتاب الايمان 320
51 فصل: في صفة كفارة اليمين 327
52 فصل: في الحلف على السكنى والمساكنة الخ 329
53 فصل: في الحلف على أكل أو شرب الخ 335
54 فصل: في مسائل منثورة 342
55 فصل: في الحلف على أن لا يفعل كذا 350
56 كتاب النذر 354
57 فصل: في نذر حج أو عمرة أو هدي أو غيرها 362
58 كتاب القضاء 371
59 فصل: فيما يعرض للقاضي مما يقتضي عزله الخ 380
60 فصل: في آداب القضاء وغيرها 385
61 فصل: في التسوية بين الخصمين 400
62 باب القضاء على الغائب 406
63 فصل: في بيان الدعوى بعين غائبة أو غيرها الخ 411
64 فصل: في ضابط الغائب المحكوم عليه الخ 414
65 باب القسمة 418
66 كتاب الشهادات 426
67 فصل: في بيان ما يعتبر فيه شهادة الرجال الخ 440
68 فصل: في تحمل الشهادة وأدائها وكتابة الصك 450
69 فصل: في جواز تحمل الشهادة على الشهادة وأدائها 452
70 فصل: في رجوع الشهود عن شهادتهم 456
71 كتاب الدعوى والبينات 461
72 فصل: فيما يتعلق بجواب المدعى عليه 468
73 فصل: في كيفية الحلف والتغليظ فيه الخ 472
74 فصل: في تعارض البينتين مع شخصين 480
75 فصل: في اختلاف المتداعيين في العقود وغيرها 485
76 فصل: في شروط القائف 488
77 كتاب العتق 491
78 فصل: في العتق بالبعضية 499
79 فصل: في الاعتاق في مرض الموت الخ 502
80 فصل: في الولاء 506
81 كتاب التدبير 509
82 فصل: في حكم حمل المدبرة والمعلق عتقها الخ 513
83 كتاب الكتابة 516
84 فصل: فيما يلزم السيد بعد الكتابة الخ 521
85 فصل: في لزوم الكتابة وجوازها الخ 528
86 فصل: في مشاركة الكتابة الفاسدة الصحيحة ومخالفتها لها 532
87 كتاب أمهات الأولاد 538
88 التعريف بالامام النووي 545
89 التعريف بالامام الشربيني الخطيب 548