يد بكمالها أو معظم أصابعها، بخلاف فاقد الأقل، أو فاقد الأنامل، أو أصابع الرجلين إن أمكنه المشي بغير عرج بين (و) لا على (أشل) يد أو معظم أصابعها، لأن مقصود الجهاد البطش والنكاية وهو مفقود فيهما، لأن كلا منهما لا يتمكن من الضرب (و) لا على (عبد) ولو مبعضا أو مكاتبا، لقوله تعالى * (وجاهدوا بأموالكم وأنفسكم في سبيل الله) * ولا مال للعبد ولا نفس يملكها فلم يشمله الخطاب حتى لو أمره سيده لم يلزمه كما قاله الإمام، لأنه ليس من أهل هذا الشأن، وليس القتال من الاستخدام المستحق للسيد، لأن الملك لا يقتضي التعرض للهلاك (و) لا على (عادم أهبة قتال) من نفقة وسلاح، وكذا مركوب إن كان سفر قصر، فإن كان دونه لزمه إن كان قادرا على المشي فاضل ذلك عن مؤنة من تلزمه مؤنته كما في الحج، ولو مرض بعدما خرج أو فني زاده أو هلكت دابته فهو بالخيار بين أن يتصرف أو يمضي، فإن حضر الوقعة جاز له الرجوع على الصحيح إذا لم يمكنه القتال، فإن أمكنه الرمي بالحجارة فالأصح في زوائد الروضة الرمي بها على تناقض وقع له فيه، ولو كان القتال على باب داره أو حوله سقط اعتبار المؤن كما ذكره القاضي أبو الطيب وغيره.
تنبيه: أشعر كلامه باشتراط ملكه الأهبة إلا أن يريد بالعدم عدم الملك والقدرة، ولو بذل لعادم الأهبة ما يحتاج إليه، فإن كان الباذل من بيت المال لزمه وإلا فلا. ثم أشار لضابط يعم ما سبق وغيره بقوله (وكل عذر منع وجوب الحج) كفقد زاد وراحلة (منع الجهاد) أي وجوبه (إلا خوف طريق من كفار) فلا يمنع وجوبه جزما لبناء الجهاد على مصادمة المخاوف (وكذا) خوف (من لصوص المسلمين) لا يمنع وجوبه (على الصحيح) لأن الخوف يحتمل في هذا السفر وقتال اللصوص أهم وأولى، والثاني يمنع كالحج فإنه قد يأنف من قتال المسلمين.
تنبيه: محل الوجوب في الصورتين إذا كان له قوة تقاومهم وإلا فهو معذور. ولما فرغ من موانع الجهاد الحسية شرع في موانعه الشرعية فقال (والدين الحال) على موسر لمسلم أو ذمي (يحرم) بكسر الراء المشددة (سفر جهاد و) سفر (غيره) لأنه متعين عليه أداؤه، والجهاد على الكفاية وفرض العين مقدم على فرض الكفاية، وفي صحيح مسلم: القتل (في سبيل الله) يكفر كل شئ إلا الدين. (إلا بإذن غريمه) وهو رب الدين الجائز الاذن فله منعه من السفر لتوجه المطالبة به والحبس إن امتنع، فإن أذن له لم يحرم. أما غير جائز الاذن كولي المحجور، فلا يأذن لمدين المحجور في السفر وكالمديون وليه كما بحثه بعض المتأخرين لأنه المطالب، ولو استناب الموسر من يقضي دينه من مال حاضر جاز له السفر بغير إذن غريمه بخلاف ما له الغائب فإنه قد لا يصل، وأما المعسر فليس لغريمه منعه على الصحيح في أصل الروضة، إذ لا مطالبة في الحال.
تنبيه: حيث جاهد بالاذن قال الماوردي والروياني: لا يتعرض للشهادة ولا يتقدم أمام الصفوف بل يقف في وسطها وحواشيها ليحفظ الدين بحفظ نفسه. (و) الدين (المؤجل لا) يحرم السفر مطلقا، فلا يمنعه رب الدين وإن قرب الاجل لأنه لا يتوجه عليه الطلب به إلا بعد حلوله وهو الآن مخاطب بفرض الكفاية، وللمستحق الخروج معه إن شاء ليطالبه عند الحلول (وقيل يمنع سفرا مخوفا) كالجهاد وركوب البحر صيانة لحق الغريم (ويحرم) على رجل (جهاد) بسفر وغيره (إلا بإذن أبويه إن كانا مسلمين) لأن الجهاد فرض كفاية وبرهما فرض عين، وفي الصحيحين:
أن رجلا استأذن النبي (ص) في الجهاد. فقال: ألك والدان؟ قال: نعم، قال: ففيهما فجاهد وفي رواية: ألك والدة؟
قال: نعم، قال: فانطلق إليها فأكرمها فإن الجنة تحت رجليها رواه الحاكم، وقال صحيح. ولو كان الحي أحدهما لم يجز إلا بإذنه وجميع أصوله كذلك، ولو وجد الأقرب منهم وأذن سواء كانوا أحرارا أم أرقاء ذكورا أم إناثا لأن