كان من أهل الدين أو العلم، أو من ولاة العدل فالدعاء له بذلك قربة وإلا فمكروه، وحتى الظهر مكروه، ولا يغتر بكثرة من يفعله. وتقبيل اليد لزهد أو صلاح أو نحوه من الأمور الدينية ككبر سن وشرف وصيانة مستحب، وتقبيلها لدنيا أو ثروة أو نحوها كشوكة ووجاهة مكروه شديد الكراهة، وتقبيل خد طفل لا يشتهى ولو لغيره وتقبيل من أطرافه شفقة ورحمة سنة، ولا بأس بتقبيل وجه الميت الصالح للتبرك، ويندب القيام للداخل إن كان فيه فضيلة ظاهرة من علم أو صلاح، أو شرف، أو ولادة، أو رحم، أو ولاية مصحوبة بصيانة أو نحوها، ويكون هذا القيام للبر والاكرام والاحترام، لا للرياء والاعظام، ويحرم على الداخل محبة القيام له بأن يقعد ويستمروا قيامه ماله كعادة الجابرة، أما من أحب ذلك إكراما لا على الوجه المذكور فلا يتجه كما قال شيخنا تحريمه، وتندب المصافحة مع بشاشة الوجه والدعاء بالمغفرة وغيرها للتلاقي، ولا أصل للمصافحة بعد صلاتي الصبح والعصر، ولكن لا بأس بها فإنها من جملة المصافحة وقد حث الشارع عليها، وإن قصد بابا لغيره مغلقا ندب أن يسلم على أهله ثم يستأذن، فإن لم يجب إعادة ثلاث مرات فإن أجيب فذاك، وإلا رجع، فإن قيل له بعد استئذانه: من أنت ندب أن يقول: فلان بن فلان أو نحوه مما يحصل به التعريف، ولا بأس أن يكني نفسه، أو يقول القاضي فلان أو الشيخ فلان إذا لم يعرفه المخاطب إلا بذلك، ويكره اقتصاره على قوله: أنا، أو الخادم، وتندب زيارة الصالحين، والجيران غير الأشرار، والاخوان والأقارب وإكرامهم بحيث لا يشق عليه ولا عليهم، ويندب أن يطلب منهم أن يزوروه، وأن يكثروا زيارته بحيث لا يشق، وتندب عيادة المرضى، وأن يضع من جاءه العطاس يده أو ثوبه أو نحوه على وجهه، ويخفف صوته ما أمكن، وأن يحمد الله عقب عطاسه، ثم إن كان في صلاة أسر به أو في حالة بول، أو جماع أو نحوه حمد الله تعالى في نفسه، فإن حمد الله تعالى شمت إلى ثلاث مرات، فإن زاد عليها دعي له بالشفاء ويذكر بالحمد إن تركه، والتشميت للمسلم برحمك الله، أو ربك، ويرد بيهديكم الله، ويغفر الله لكم، وابتداؤه وردة سنة عين إن تعين وإلا فكفاية. وتشميت الكافر بيهديك الله ونحوه، لا بيرحمك الله تعالى، ويندب رد التثاؤب ما استطاع، فإن غلبه ستر فمه بيده أو غيرها، ويندب أن يرحب بالقادم المسلم، وأن يلبي دعاءه. أما الكافر فلا، وأن يخبر أخاه بحبه له في الله، وأن يدعو لمن أحسن إليه ولا بأس بقول الرجل الجليل في علمه أو صلاحه أو نحوه: جعلني الله فداك، أو فداك أبي وأمي. ودلائل ما ذكر من الأحاديث الصحيحة كثيرة مشهورة. ثم شرع في موانع الجهاد فقال: (ولا جهاد) واجب إلا على مسلم أو مرتد كما قاله الزركشي بالغ عاقل ذكر مستطيع له حر ولو سكران واجدا هبة القتال، فلا يجب على كافر ولو ذميا، لأنه يبذل الجزية ليذب عنه لا ليدب عنا، ولا (على صبي ومجنون) لعدم تكليفهما، ولقوله تعالى * (ليس على الضعفاء) * الآية، قيل: هم الصبيان لضعف أبدانهم: وقيل: المجانين لضعف عقولهم، ولان النبي صلى الله عليه وسلم رد جماعة استصغرهم.
وروى الشيخان: أنه صلى الله عليه وسلم رد ابن عمر يوم أحد وأجازه في الخندق، وكذا اتفق ل سعد بن حبتة - بحاء مهملة ثم باء موحدة ثم مثناة فوقية - الأنصاري، ولما رآه النبي صلى الله عليه وسلم يوم الخندق يقاتل قتالا شديدا، وهو حديث السن، قال: أسعد الله جد ك اقترب مني، فاقترب منه فمسح رأسه ودعا له بالبركة في ولده ونسله، فكان عما لأربعين، وخالا لأربعين، وجدا لعشرين، كذا ذكره ابن دحية وغيره (و) لا على خنثى، ولا (امرأة) لضعفها، ولقوله تعالى: * (يا أيها النبي حرض المؤمنين على القتال) * وإطلاق لفظ المؤمنين ينصرف للرجال دون النساء والخنثى مثلها، وأحسن الحسن بن هانئ في قوله:
وإذا المطي بنا بلغن محمدا فظهورهن على الرجال حرام (و) لا على (مريض) يتعذر قتاله أو تعظم مشقته ولا على أعمى (و) لا (ذي عرج بين) ولو في رجل واحدة، لقوله تعالى * (ليس على الأعمى حرج ولا على الأعرج حرج ولا على المريض حرج) * فلا عبرة بصداع ووجع ضرس وضعف بصر إن كان يدرك شخص ويمكنه اتقاء السلاح، ولا عرج يسير لا يمنع المشي والعدو والهرب (و) لا على (أقطع)