دعاه قاض أو معذور بمرض ونحوه (وأداؤها) إذا تحمل أكثر من نصاب، فإن تحمل اثنان في الأموال فالأداء فرض عين، وسيأتي بيان التجمل والأداء في الشهادات مع مزيد إيضاح.
تنبيه: التحمل يفارق الأداء من جهة أن التحمل فرض كفاية على الناس والأداء على من تحمل دون غيره. قال الماوردي في باب الشهادات: وفرض الأداء أغلظ من فرض التحمل لقوله تعالى: * (ولا تكتموا الشهادة) * الآية. (والحرف والصنائع) كالتجارة والخياطة والحجامة لأن قيام الدنيا بهذه الأسباب وقيام الدين يتوقف على أمر الدنيا حتى لو امتنع الخلق منه أثموا وكانوا ساعين في إهلاك أنفسهم لكن النفوس مجبولة على القيام بها فلا يحتاج إلى حث عليها وترغيب فيها، وفي الحديث: اختلاف أمتي رحمة وفسره الحليمي باختلاف الهمم والحرف.
تنبيه: عطف الصنائع على الحرف يقتضي تغايرهما مع أن صاحب الصحاح فسر الصناعة بالحرفة، فعلى هذا عطفها عليها كعطف رحمة على صلوات في قوله تعالى * (أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة) * وقال الزركشي:
الصناعات هي المعالجات كالخياطة والتجارة والحرف وإن كانت تطلق على ذلك، فتطلق عرفا على من يتخذ صناعا ويدولبهم ولا يعمل فهي أعم. (وما تتم به المعايش) التي بها قوام الدين والدنيا كالبيع والشراء والحراثة، لأن كل فرد من الافراد عاجز عن القيام بكل ما يحتاج إليه سمع النبي (ص) عليا رضي الله تعالى عنه يقول: اللهم لا تحوجني إلى أحد من خلقك فقال: لا تقل هكذا ليس من أحد إلا وهو محتاج إلى الناس قال فكيف أقول؟
قال: قل: اللهم لا تحوجني إلى شرار خلقك قلت: يا رسول الله ومن شر خلقه؟ قال: الذين إذا أعطوا منوا وإذا منعوا عابوا، وسمع (ص) أبا بكر رضي الله تعالى عنه يقول: اللهم إني أسألك الصبر، فقال: سألت الله البلاء فسله العافية. وسمع الإمام أحمد بن حنبل رجلا يقول: اللهم لا تحوجني إلى أحد من خلقك فقال: هذا رجل تمنى الموت (و) من فروض الكفايات (جواب سلام) لمسلم عاقل ولو صبيا مميزا (على جماعة) من المسلمين المكلفين. أما كونه فرضا فلقوله تعالى * (وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها) * وأما كونه كفاية فلخبر أبي داود: يجزئ عن الجماعة إذا مروا أن يسلم أحدهم ويجزئ عن الجلوس أن يرد أحدهم والراد منهم هو المختص بالثواب وسقط الحرج عن الباقين، وإن أجابوا كلهم كانوا مؤدين للفرض سواء كانوا مجتمعين أم مترتبين: كصلاة الجنازة، ولا يسقط الفرد برد الصبي المميز على الصحيح، فإن قيل سقط به فرض الصلاة على الجنازة فهلا كان هنا كذلك؟ أجيب بأن المقصود من الصلاة الدعاء والصبي أقرب إلى الإجابة، والمقصود من السلام الأمان والصبي ليس من أهله، ولا يسقط أيضا برد من لم يسمع السلام على المشهور، ولو سلم على جماعة فيهم امرأة فردت هل يكفي؟. ينبغي كما قال الزركشي بناؤه على أنه هل يشرع لها الابتداء بالسلام أم لا؟ فحيث شرع لها كفى جوابها، وسيأتي الكلام على ذلك وإلا فلا، ومثلها كما بحثه شيخنا الخنثى، واحترز بالجماعة عن الواحد فإن الرد عليه فر ض عين إلا إن كان المسلم أو المسلم عليه أنثى مشتهاة والآخر رجلا ولا محرمية بينهما فلا يجب الرد ثم إن سلم هو حرم عليها. أما إذا كان هناك نحو محرمية كزوجته وعبد المرأة بالنسبة إليها، ومثله كل من يباح نظره إليها فيجب الرد، ولا يكره على جمع نسوة أو عجوز لانتفاء خوف الفتنة، بل يندب الابتداء به منهن على غيرهن وعكسه، ويجب الرد كذلك، والخنثى مع المرأة كالرجل معها ومع الرجل كالمرأة معه ومع الخنثى كالرجل مع المرأة، ويشترط في الرد اتصاله بالابتداء لاتصال الايجاب بالقبول في العقد، فلو سلم جماعة متفرقون على واحد، فقال: وعليكم السلام وقصد الرد على جميعهم أجزأه ويسقط عنه فرض الجميع كما لو صلى على جنائز صلاة واحدة كما نقله في المجموع عن المتولي والرافعي وأقراه، بخلاف ما إذا لم يقصد الرد عليهم جميعا، وقضية هذا أنه لو طلق لم يكفه، والأوجه كما قال شيخنا خلافه، وظاهر كلام المجموع أنه لا فرق بين أن يسلموا دفعة واحدة متفرقين وهو كما قاله بعض المتأخرين ظاهر فيما سلموا دفعة واحدة. أما لو سلموا واحدا بعد واحد وكانوا كثيرين فلا يحصل الرد لكلهم إذ قد مر أن شرط حصول الواجب أن يقع متصلا بالابتداء ولا يجب الرد على مجنون وسكران