كان في محل نزع الثياب في الحمام كما جرى عليه الزركشي وغيره.
تنبيه: مقتضى كلامه استواء حكم الجميع، وليس مرادا، بل يكره الرد لقاضي الحاجة والمجامع، ويندب لمن يأكل أو في حمام، وكذا المصلي ونحوه بالإشارة، ولو سلم على المؤذن لم يجب حتى يفرغ، وهل الإجابة بعد الفراغ واجبة أو مندوبة؟ لم يصرحوا به، والأوجه كما قاله البلقيني أنه لا يجب، وقيل يجب على المصلي الرد بعد الفراغ، والصحيح أنه لا يجب عليه الرد مطلقا، وإذا سلم على حاضر الخطبة وقلنا بالجديد أنه لا يحرم عليهم الكلام، ففي الرد ثلاثة أوجه: أصحها عند البغوي وجوب الرد وصححه البلقيني، والثاني استحبابه، والثالث جوازه، والخلاف في غير الخطيب. أما هو لا يجب عليه الرد قطعا لاشتغاله، والقارئ كغيره في استحباب السلام وجوب الرد باللفظ على من سلم عليه كما جرى عليه ابن المقري إلا مستغرق القلب كما مر عن الأذرعي.
تنبيه: صيغة السلام ابتداء: السلام عليكم، فإن قال: عليكم السلام جاز، لأنه تسليم لكن مع الكراهة للنهي عنه في خبر الترمذي وغيره، ويجب فيه الرد على الصحيح كما نقله في الروضة عن الإمام وأقره وإن بحث الأذرعي عدم الوجوب وكعليكم السلام عليكم سلام. أما لو قال: وعليكم السلام، فليس سلاما فلا يستحق جوابا، لأنه لا يصلح للابتداء كما نقله في الأذكار عن المتولي وأقره، وتندب صيغة الجمع لأجل الملائكة سواء أكان المسلم عليه واحدا أم جماعة، ويكفي الافراد للواحد ويكون آتيا بأصل السنة دون الجماعة فلا يكفي، والإشارة به بيد أو نحوها بلا لفظ لا يجب لها رد للنهي عنه في خبر الترمذي، والجمع بينها وبين اللفظ أفضل من الاقتصار على اللفظ، وصيغته ردا وعليكم السلام، أو وعليك السلام للواحد، ولو ترك الواو فقال عليكم السلام أجزأه، ولو قال: والسلام عليكم، أو السلام عليكم كفى، فإن قال: وعليكم، وسكت عن السلام لم يكف، إذ ليس فيه تعرض للسلام، وقيل يجزئ. فإن قيل: يؤيد هذا أنه لو سلم ذمي على مسلم لم يزد في الرد على قوله وعليك. أجيب بأنه ليس الغرض ثم السلام على الذمي ، بل الغرض أن يرد عليه بما ثبت في الحديث، ويكفي سلام عليكم ابتداء وعليكم سلام جوابا، ولكن التعريف فيهما أفضل، وزيادة ورحمة الله وبركاته على السلام ابتداء وردا أكمل من تركها، وظاهر كلامهم أنه يكفي وعليكم السلام، وإن أتى المسلم بلفظ الرحمة والبركة. قال ابن شهبة: وفيه نظر لقوله تعالى * (وإذا حييتم بتحية) * الآية، ولو سلم كل من اثنين تلاقيا على الآخر معا لزم كل منهما الرد على الآخر ولا يحصل الجواب بالسلام، أو مرتبا كفى الثاني سلامه ردا إلا إذا قصد به الابتداء فلا يكفي كما قاله الزركشي لصرفه عن الجواب.
فروع: يندب أن يسلم الراكب على الماشي، والماشي على الواقف، والصغير على الكبير، والجمع القليل على الجمع الكثير في حال التلاقي في طريق، فإن عكس لم يكره. أما إذا ورد من ذكر على قاعد أو واقف أو مضطجع فإن الوارد يبدأ سواء أكان صغيرا أم لا، قليلا أم لا، ويكره تخصيص البعض من الجمع بالسلام ابتداء وردا، ولو سلم بالعجمية جاز إن أفهم المخاطب وإن قدر على العربية، ويجب الرد لأنه يسمى سلاما، ويحرم أن يبدأ به الشخص ذميا للنهي عنه، فإن بان من سلم عليه ذميا فليقل له ندبا: استرجعت سلامي كما في الروضة أو رد على سلامي كما في الأذكار تحقيرا له، ويستثنيه بقلبه إن كان بين مسلمين، ولا يبدأ بتحية غير السلام أيضا كأنعم الله صباحك، أو صبحت بالخير إلا لعذر، وإن كتب إلى كافر كتب ندبا السلام على من اتبع الهدى، ولو قام عن مجلس فسلم وجب الرد عليه ومن دخل دارا ندب أن يسلم على أهله، وإن دخل موضعا خاليا من الناس ندب أن يقول: السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، ويندب أن يسمي قبل دخوله، ويدعو بما أحب ثم يسلم بعد دخوله، وأن يبدأ بالسلام قبل الكلام وإن كان مارا في سوق وجمع لا ينتشر فيهم السلام الواحد سلم على من يليه أول ملاقاته، فإن جلس إلى من سمعه سقط عنه سنة السلام أو إلى من لم يسمعه سلم ثانيا، ولا يترك السلام لخوف عدم الرد عليه لكبر أو غيره، والتحية من المار على من خرج من حمام أو على غيره بنحو صبحك الله بالخير أو السعادة، أو طاب حمامك، أو قواك الله لا أصل لها إذ لم يثبت فيها شئ ولا جواب لقائلها، فإن أجاب بالدعاء فحسن إلا أن يريد تأديبه لتركه السلام فترك الدعاء له أحسن. وأما التحية بالطليقة وهي أطال الله بقاءك فقيل بكراهتها، والأوجه أن يقال كما قال الأذرعي: إنه إن