مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٤ - الصفحة ٢١٥
كان في محل نزع الثياب في الحمام كما جرى عليه الزركشي وغيره.
تنبيه: مقتضى كلامه استواء حكم الجميع، وليس مرادا، بل يكره الرد لقاضي الحاجة والمجامع، ويندب لمن يأكل أو في حمام، وكذا المصلي ونحوه بالإشارة، ولو سلم على المؤذن لم يجب حتى يفرغ، وهل الإجابة بعد الفراغ واجبة أو مندوبة؟ لم يصرحوا به، والأوجه كما قاله البلقيني أنه لا يجب، وقيل يجب على المصلي الرد بعد الفراغ، والصحيح أنه لا يجب عليه الرد مطلقا، وإذا سلم على حاضر الخطبة وقلنا بالجديد أنه لا يحرم عليهم الكلام، ففي الرد ثلاثة أوجه: أصحها عند البغوي وجوب الرد وصححه البلقيني، والثاني استحبابه، والثالث جوازه، والخلاف في غير الخطيب. أما هو لا يجب عليه الرد قطعا لاشتغاله، والقارئ كغيره في استحباب السلام وجوب الرد باللفظ على من سلم عليه كما جرى عليه ابن المقري إلا مستغرق القلب كما مر عن الأذرعي.
تنبيه: صيغة السلام ابتداء: السلام عليكم، فإن قال: عليكم السلام جاز، لأنه تسليم لكن مع الكراهة للنهي عنه في خبر الترمذي وغيره، ويجب فيه الرد على الصحيح كما نقله في الروضة عن الإمام وأقره وإن بحث الأذرعي عدم الوجوب وكعليكم السلام عليكم سلام. أما لو قال: وعليكم السلام، فليس سلاما فلا يستحق جوابا، لأنه لا يصلح للابتداء كما نقله في الأذكار عن المتولي وأقره، وتندب صيغة الجمع لأجل الملائكة سواء أكان المسلم عليه واحدا أم جماعة، ويكفي الافراد للواحد ويكون آتيا بأصل السنة دون الجماعة فلا يكفي، والإشارة به بيد أو نحوها بلا لفظ لا يجب لها رد للنهي عنه في خبر الترمذي، والجمع بينها وبين اللفظ أفضل من الاقتصار على اللفظ، وصيغته ردا وعليكم السلام، أو وعليك السلام للواحد، ولو ترك الواو فقال عليكم السلام أجزأه، ولو قال: والسلام عليكم، أو السلام عليكم كفى، فإن قال: وعليكم، وسكت عن السلام لم يكف، إذ ليس فيه تعرض للسلام، وقيل يجزئ. فإن قيل: يؤيد هذا أنه لو سلم ذمي على مسلم لم يزد في الرد على قوله وعليك. أجيب بأنه ليس الغرض ثم السلام على الذمي ، بل الغرض أن يرد عليه بما ثبت في الحديث، ويكفي سلام عليكم ابتداء وعليكم سلام جوابا، ولكن التعريف فيهما أفضل، وزيادة ورحمة الله وبركاته على السلام ابتداء وردا أكمل من تركها، وظاهر كلامهم أنه يكفي وعليكم السلام، وإن أتى المسلم بلفظ الرحمة والبركة. قال ابن شهبة: وفيه نظر لقوله تعالى * (وإذا حييتم بتحية) * الآية، ولو سلم كل من اثنين تلاقيا على الآخر معا لزم كل منهما الرد على الآخر ولا يحصل الجواب بالسلام، أو مرتبا كفى الثاني سلامه ردا إلا إذا قصد به الابتداء فلا يكفي كما قاله الزركشي لصرفه عن الجواب.
فروع: يندب أن يسلم الراكب على الماشي، والماشي على الواقف، والصغير على الكبير، والجمع القليل على الجمع الكثير في حال التلاقي في طريق، فإن عكس لم يكره. أما إذا ورد من ذكر على قاعد أو واقف أو مضطجع فإن الوارد يبدأ سواء أكان صغيرا أم لا، قليلا أم لا، ويكره تخصيص البعض من الجمع بالسلام ابتداء وردا، ولو سلم بالعجمية جاز إن أفهم المخاطب وإن قدر على العربية، ويجب الرد لأنه يسمى سلاما، ويحرم أن يبدأ به الشخص ذميا للنهي عنه، فإن بان من سلم عليه ذميا فليقل له ندبا: استرجعت سلامي كما في الروضة أو رد على سلامي كما في الأذكار تحقيرا له، ويستثنيه بقلبه إن كان بين مسلمين، ولا يبدأ بتحية غير السلام أيضا كأنعم الله صباحك، أو صبحت بالخير إلا لعذر، وإن كتب إلى كافر كتب ندبا السلام على من اتبع الهدى، ولو قام عن مجلس فسلم وجب الرد عليه ومن دخل دارا ندب أن يسلم على أهله، وإن دخل موضعا خاليا من الناس ندب أن يقول: السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، ويندب أن يسمي قبل دخوله، ويدعو بما أحب ثم يسلم بعد دخوله، وأن يبدأ بالسلام قبل الكلام وإن كان مارا في سوق وجمع لا ينتشر فيهم السلام الواحد سلم على من يليه أول ملاقاته، فإن جلس إلى من سمعه سقط عنه سنة السلام أو إلى من لم يسمعه سلم ثانيا، ولا يترك السلام لخوف عدم الرد عليه لكبر أو غيره، والتحية من المار على من خرج من حمام أو على غيره بنحو صبحك الله بالخير أو السعادة، أو طاب حمامك، أو قواك الله لا أصل لها إذ لم يثبت فيها شئ ولا جواب لقائلها، فإن أجاب بالدعاء فحسن إلا أن يريد تأديبه لتركه السلام فترك الدعاء له أحسن. وأما التحية بالطليقة وهي أطال الله بقاءك فقيل بكراهتها، والأوجه أن يقال كما قال الأذرعي: إنه إن
(٢١٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 210 211 212 213 214 215 216 217 218 219 220 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الجراح 2
2 فصل: في الجناية من اثنين وما يذكر معها 12
3 فصل: في أركان القصاص في النفس، وهي ثلاثة الخ 13
4 فصل: في تغير حال المجروح من وقت الجرح إلى الموت الخ 23
5 فصل: في شروط القصاص في الأطراف والجراحات والمعاني، وفي إسقاط الشجاج الخ 25
6 باب كيفية القصاص ومستوفيه والاختلاف فيه 30
7 فصل: في اختلاف ولي الدم والجاني 38
8 فصل: في مستحق القصاص ومستوفيه 39
9 فصل: في موجب العمد، وفي العفو 48
10 كتاب الديات 53
11 فصل: في موجب ما دون النفس، وهو ثلاثة أقسام الخ 58
12 فصل: تجب الحكومة فيما لا مقدر فيه الخ 77
13 باب موجبات الدية والعاقلة والكفارة 80
14 فصل: فيما يوجب الشركة في الضمان وما يذكر معه 89
15 فصل: في العاقلة، وكيفية تأجيل ما تحمله 95
16 فصل: في جناية الرقيق 100
17 فصل: في دية الجنين 103
18 فصل: في كفارة القتل التي هي من موجباته 107
19 كتاب دعوى الدم والقسامة 109
20 فصل: فيما يثبت موجب القصاص وموجب المال من إقرار وشهادة 118
21 كتاب البغاة 123
22 فصل: في شروط الإمام الأعظم الخ 129
23 كتاب الردة 133
24 كتاب الزنا 143
25 كتاب حد القذف 155
26 كتاب قطع السرقة 158
27 فصل: فيما لا يمنع القطع وما يمنعه الخ 170
28 فصل: في شروط السارق الخ 174
29 باب قاطع الطريق 180
30 فصل: في اجتماع عقوبات في غير قاطع الطريق 184
31 كتاب الأشربة 186
32 فصل: في التعزير 191
33 كتاب الصيال وضمان الولاة 194
34 فصل: في ضمان ما تتلفه البهائم 204
35 كتاب السير 208
36 فصل: فيما يكره من الغزو الخ 220
37 فصل: في حكم ما يؤخذ من أهل الحرب 227
38 فصل: في الأمان 236
39 كتاب الجزية 242
40 فصل: في أقل الجزية دينار لكل سنة 248
41 فصل: في أحكام عقد الجزية الزائدة على ما مر 253
42 باب الهدنة 260
43 كتاب الصيد والذبائح 265
44 فصل: يحل ذبح حيوان مقدور عليه الخ 273
45 فصل: فيما يملك به الصيد وما يذكر معه 278
46 كتاب الأضحية 282
47 فصل: في العقيقة 293
48 كتاب الأطعمة 297
49 كتاب المسابقة والمناضلة 311
50 كتاب الايمان 320
51 فصل: في صفة كفارة اليمين 327
52 فصل: في الحلف على السكنى والمساكنة الخ 329
53 فصل: في الحلف على أكل أو شرب الخ 335
54 فصل: في مسائل منثورة 342
55 فصل: في الحلف على أن لا يفعل كذا 350
56 كتاب النذر 354
57 فصل: في نذر حج أو عمرة أو هدي أو غيرها 362
58 كتاب القضاء 371
59 فصل: فيما يعرض للقاضي مما يقتضي عزله الخ 380
60 فصل: في آداب القضاء وغيرها 385
61 فصل: في التسوية بين الخصمين 400
62 باب القضاء على الغائب 406
63 فصل: في بيان الدعوى بعين غائبة أو غيرها الخ 411
64 فصل: في ضابط الغائب المحكوم عليه الخ 414
65 باب القسمة 418
66 كتاب الشهادات 426
67 فصل: في بيان ما يعتبر فيه شهادة الرجال الخ 440
68 فصل: في تحمل الشهادة وأدائها وكتابة الصك 450
69 فصل: في جواز تحمل الشهادة على الشهادة وأدائها 452
70 فصل: في رجوع الشهود عن شهادتهم 456
71 كتاب الدعوى والبينات 461
72 فصل: فيما يتعلق بجواب المدعى عليه 468
73 فصل: في كيفية الحلف والتغليظ فيه الخ 472
74 فصل: في تعارض البينتين مع شخصين 480
75 فصل: في اختلاف المتداعيين في العقود وغيرها 485
76 فصل: في شروط القائف 488
77 كتاب العتق 491
78 فصل: في العتق بالبعضية 499
79 فصل: في الاعتاق في مرض الموت الخ 502
80 فصل: في الولاء 506
81 كتاب التدبير 509
82 فصل: في حكم حمل المدبرة والمعلق عتقها الخ 513
83 كتاب الكتابة 516
84 فصل: فيما يلزم السيد بعد الكتابة الخ 521
85 فصل: في لزوم الكتابة وجوازها الخ 528
86 فصل: في مشاركة الكتابة الفاسدة الصحيحة ومخالفتها لها 532
87 كتاب أمهات الأولاد 538
88 التعريف بالامام النووي 545
89 التعريف بالامام الشربيني الخطيب 548